العميد المتقاعد يعرب صخر يؤكد لـ”المركزية” ان “الدول للاسف تتجه نحو التنمية والتطور والرقي وتركب قطار العولمة ولبنان يلحق الشعارات الفارغة الجوفاء، أكان مشروع الربط الاقتصادي من الهند وصولا الى اوروبا مرورا بالشرق الاوسط او المبادرة الصينية “طريق الحرير” او ما بات يُعرَف بمبادرة “الحزام والطريق”. هذه كلها خطوط اقتصادية تنافسية – والتنافس بنّاء – لربط العالم ببعضه البعض والوصول الى مواقع الاسواق العالمية، وهذه هي العولمة. كل الدول بدأت تتنافس في كيفية توسيع آفاقها الاقتصادية والتنموية”، مشيرا الى “ان مشروع الربط الاقتصادي من الهند الى اوروبا مرورا بالشرق الاوسط اي الامارات والسعودية والاردن واسرائيل نحو اليونان ومن ثم الى كل اوروبا، هو مشروع لربط كل موانئ العالم ببعضها، عبر سكك حديدية وممرات بحرية. لكن بداية، علينا الحديث عن مبادرة “الحزام والطريق” الصينية التي أُطلقت عام 2013 وسبقت هذا المشروع، والتي تُعتبر أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، وتهدف إلى ربط الصين بالعالم كله، والأهم أن الصين أضافتها عام 2017 إلى دستورها. ومن المرتقب الانتهاء من المشروع عام 2049، كي تتزامن مع الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية الصينية الشعبية. قد يتعثر هذا المشروع أحيانا ويتقدم احيانا أخرى، لكن الصين رسمت هدفها للعام 2049 تاريخ انتهاء المشروع”.
ويضيف صخر: “منذ أيام، أُعلِن خلال قمة مجموعة العشرين في نيودلهي عن الممر الاقتصادي لربط الهند واوروبا مروراً بالشرق الاوسط. وكان إطلاق هذا المشروع أولاً بمثابة رسالة سياسية اميركية – سعودية – هندية الى الصين بأن لدينا منافسة اخرى. وبالنسبة للولايات المتحدة الاميركية، فإن المشروع يدخل ضمن سياسة احتواء الصين التي وضعها الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما عام 2012. إذ من شأن هذا المشروع ان يعزز استراتيجية الاحتواء الاميركية للصين، لأنه خط منافس لـ”طريق الحرير” او “الحزام والطريق”. والرسالة الثانية سعودية، مفادها ان المملكة حرّة بتبادل المصالح والمشاريع التنموية مع من تريد، وبأن السعودية لم تعد مقيّدة بالخيارات الاميركية التي تملي عليها ما يجب فعله. فالمملكة قامت بمبادرة مع الصين خلال قمة جدة وأطلقت يومها مشروعاً استثمارياً تنموياً ضخماً، كما عقدت الاتفاق الايراني – السعودي – الصيني لتحجيم دور ايران، واليوم تشارك في مشروع الربط الاقتصادي من الهند. وبالتالي فإن السعودية توجّه من خلاله ايضا رسالة سياسية إلى الولايات المتحدة بأن المملكة يمكنها ان تقوم باتفاقيات معها كما مع الهند والصين ويمكنها الدخول الى “البريكس” والخروج منه، وهي حرة بالقيام بأي مشروع يتلاءم مع خطة التنمية الـ2030 التي اطلقها ولي العهد الامير محمد بن سلمان. ومن شأن كل هذه المشاريع ان تعزز خطط التنمية خصوصا ان بن سلمان قال “معركتي ان اجعل الشرق الاوسط اوروبا الجديدة”.
ويتابع صخر: “الرسالة الاخرى لايران، للقول “ابقي في شعاراتك الفارغة وطريق القدس يمر من هنا وهناك”، خاصة وان مشروع الهند لن يمر في ايران او العراق او سوريا او لبنان. وهذا المشروع لا يعني ان السعودية تقوم بالتطبيع مع اسرائيل، لأنه مشروع مستقبلي طويل الامد. وفي حال استتب الوضع مستقبلاً في الدول العربية الاخرى، كسوريا والعراق ولبنان، وانخرطت مجددا في المجال الحيوي العربي المحيط بها، من الممكن ان يعود هذا الخط ويمر ايضا في هذه البلدان، لأن هذه الدول منخرطة راهناً في مشروع هجين غريب لا يشبهها هو المشروع الايراني. كل هذا المحور الايراني العراقي، السوري، اللبناني، غريب عن كل هذه المشاريع التنموية والاقتصادية. أكان مشروع الطريق والحزام او مشروع الربط الاقتصادي من الهند او مشروع التنمية السعودية او خطة جعل الشرق الاوسط اوروبا الجديدة”.
ويختم: “عدم مروره في بيروت يبرهن ان لبنان ليس حراً في سيادته وقراره السياسي بل محتل ومرتهن للمحور الايراني الممانع الذي يعزله عن بيئته العربية. أيعقل ان يمر في حيفا بدل مرفأ بيروت؟ هنا يمكننا ان نستنتج لماذا تم تدمير مرفأ بيروت. وباعتقادي ان حتى التحقيق الدولي حول انفجار المرفأ لن يتم، لأنه تبين من خلال مشروع الربط الاقتصادي مع الهند ان مرفأ بيروت تفجر لاستبداله بمرفأ حيفا. يموت مرفأ بيروت ويحيا مرفأ حيفا بالتشارك مع اسرائيل وتغطية من الولايات المتحدة وسكوت الممانعين، الذين كل ما “دق الكوز بالجرة” يتهمون اسرائيل، لكن عند انفجار مرفأ بيروت صمتوا صمت القبور. وتوازياً، هذا ما يفسّر مشروع الترسيم البحري المشبوه والخيانة العظمى مع اسرائيل ممّن يدّعي بأنه مقاوم وممانع، تخلى لإسرائيل عن 1430 كلم مربعا بحريا، في حين كان حقل كاريش من حق لبنان وفقا لترسيم الحدود عام 1923 وهدنة 1949 واتفاق 17 ايار 1983 ويقع ضمن المياه الاقليمية اللبنانية. تخلينا عن كاريش واليوم اسرائيل تشاركنا بالبلوك رقم 9 ولها حصة تبلغ 20 في المئة من حقل قانا، والحديث يطول وكله يرتبط ببعضه البعض. المشاريع التنموية التي تبصر النور يوميا تفضح وتشرح اسباب ما جرى ويجري وسيجري”.