م يتفاجأ اللبنانيون من تواضع إمكانات «الصمود حياتيا» في حال اندلاع حرب كبرى مع إسرائيل، تؤدي إلى فرض حصار بحري وإغلاق المجال الجوي، كما حصل في حرب يوليو 2006.
صمود بديهي للبنانيين، هم الذين خبروا حروبا عدة شهدتها البلاد، حيث تقطعت أوصالها واقتصر العبور من منطقة إلى أخرى على شرايين ضيقة سميت «معابر».
فخلال اللقاء التشاوري الذي عقده رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السرايا بحضور بعض الوزراء للبحث في تطورات الحرب الإسرائيلية على لبنان وما يجري في المنطقة عموما، تطرق النقاش إلى احتمال تمدد الحرب على كامل الأراضي اللبنانية، أو حدوث سيناريو مشابه لما حصل مساء السبت، حيث اضطرت بعض المطارات وبينها مطار بيروت الدولي إلى الإقفال وإلغاء الرحلات.
وكانت مداخلة من المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر عرض فيها حجم البضائع المتوافرة في السوق من فيول ومواد غذائية وتموينية. وبحسب الأرقام التي قدمها، فإن المحال التجارية تحتوي على مواد تكفي لمدة ثلاثة أشهر. وعزا ذلك إلى ارتفاع حجم الاستيراد من قبل التجار خلال شهر رمضان.
وقال ان الطحين مؤمن لغاية أسبوعين، كاشفا عن توقع وصول باخرة قمح تنطلق من أوكرانيا وتصل إلى بيروت بعد نحو 12 يوما وعلى متنها 45 ألف طن، ما يعني سد حاجة الاستهلاك لمدة تقارب الشهر ونصف الشهر.
وذكر ان وضع البنزين والمازوت يختلف، كونهما مادتين غير قابلتين للتخزين لمدة طويلة لدى المستوردين. وأفاد بان كمية البنزين الموجودة حاليا والمقدرة بـ198 مليون ليتر تكفي لمدة أسبوعين مع احتساب مصروف يومي بمعدل 6 ملايين ليتر.
في حين أشار إلى امتلاك لبنان مخزونا من المازوت يكفي لمدة 12 يوما. وذكر ان بواخر جديدة أفرغت حمولتها منذ وقت قريب، بينما كمية الغاز المنزلي الموجودة في السوق تسد حاجته لمدة 5 أسابيع.
قد تكون مواد الطاقة من مشتقات نفطية وغيرها، أكثر ما يقلق اللبنانيين في حال تعرضهم لحرب شاملة. فكل شيء في يومياتهم يعتمد على توفير الطاقة من المشتقات النفطية، بدءا من تنقلهم، إلى تأمين الكهرباء في المنازل والمؤسسات (توقع توقف عملها في حال الحرب) وعمل الأفران. وفي المحصلة ان مادة المازوت تتقدم على البنزين أهمية في مقومات الصمود.
ولعل الرقم المقدر من وزارة الاقتصاد أحبط الجمهور، ذلك ان لبنان يشكل جزيرة نفطية عائمة، نظرا إلى محطات الوقود المنتشرة كالفطر في كل حي من كل بلدة، ما يجعل الناس يعتقدون بدوام الصمود لأجل غير قصير. لكنهم «يشدون الفرامل» بعد تذكرهم ان الحرب تشكل «سوقا» قوية لـ «تجار الأزمات».