ليس هناك ما يؤشر إلى إمكانية حصول تقدم في معالجة المأزق الرئاسي بانتظار مجيء المسؤول القطري محمد بن عبدالرحمن إلى بيروت، توازياً مع الاستعدادات لعودة المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي جان إيف لودريان، ما يوحي بأن الأطراف اللبنانية سلمت أمرها للخارج من أجل حل معضلة الانتخابات الرئاسية العالقة بين تمسك “الثنائي الشيعي” بمرشحه سليمان فرنجية ورفض المعارضة لهذا الترشح.
وعلمت “السياسة” أن الموفد القطري جاسم بن فهد خرج بعد لقاءاته مع عدد من القيادات اللبنانية بانطباعات لا توحي بكثير من التفاؤل، باعتبار أن كل فريق لا زال متمسكاً بشروطه، ولا يريد تقديم تنازلات لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في وقت قريب. وأشارت المعلومات إلى أنه ورغم حرص المجموعة الخماسية على الاستعجال في إجراء الانتخابات الرئاسية، إلا أن أعضاءها تبلغوا موقفاً أميركياً حازماً، بأنه لا يمكن انتخاب رئيس للبنان موال لـ”حزب الله”، بعدما سبق لواشنطن أن أبدت اعتراضاً شديد اللهجة على المبادرة الفرنسية التي كان تدعم وصول مرشح الحزب فرنجية إلى قصر بعبدا، قبل أن يتم الإطاحة بها.
وقد جدّد رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الدعوة للتفاهم على انتخاب رئيس وتكوين السلطة، على اساس رؤية واضحة تحدّد الخيارات السياسية والاقتصادية، لافتا الى أن هناك تحاور على اساس برنامج، “نقنعهم باللازم ويقنعوننا بالممكن”، ويتم خلاله اختيار رئيس مواصفاته تتوافق مع هذا البرنامج ما يسهل الاختيار ويحصر الخيار.واعتبر أن “من ينتظرون أن تتغيّر موازين القوى ليوصّلوا مرشّحهم واهمون، كالرهان على ضربة لحزب الله او لإيران أو سقوط الرئيس الأسد، او الرهان على تفاهم سوري-سعودي او سعودي-ايراني، وبالحالتين الفريقان مخطئان ان بإمكانهما فرض قرارهما على الباقين”، مشددا على ان الرئيس الذي ينتخب بإجماع كلّ اللبنانيين غير مضمون نجاحه، فكيف اذا أتى غصبًا عن نصف اللبنانيين؟”.
وفي السياق، أكد عضو كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب وائل أبو فاعور أن الرئاسة لا تبدو وشيكة رغم المبادرات الناشطة والمتعددة وقال، إن المنطق يقول إن لا حظوظ لأي رئيس غير وفاقي، على الرغم من وجود ممانعة للانتقال الى البديل الثالث، مضيفا أن الحزب التقدمي سيستمر في دعوة الجميع الى تغليب منطق التسوية العادلة.
في المقابل، أوضح عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق، أن هناك مبادرات خارجية ودولية وداخلية لحل الأزمة الرئاسية، ولكن لا يوجد أي تقدم باتجاه الحل، والسبب أن جماعة التحدي والمواجهة أفشلوا كل هذه المبادرات لأحقاد دفينة ورهانات خاسرة، لأنه لديهم مشروع المواجهة، فلا يريدون لا الحل ولا التوافق ولا التفاهم، وإنما يريدون الصدام والمواجهة الداخلية، وجر البلد إلى الفتنة.
وفي ملف أزمة النزوح السوري، اكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال بسام مولوي ان الامر لم يعد يحتمل وهو يهدد ديمغرافية لبنان وهويته، قائلا “نحن نقوم بواجبنا كوزارة وحكومة ولكن لم يعد مقبولا على مفوضية اللاجئين السورييين الاستمرار بالتعاطي مع هذا الملف بهذه الطريقة، والعمل بمعزل عن اي اعتبار لوجود الدولة اللبنانية وقوانيها، خصوصا في ما يتعلق بتسليم قاعدة البيانات الخاصة بالنازحين الى الامن العام، متسائلا عن كيفية حمايتهم في ظل غياب معلومات دقيقة.
على صعيد آخر، جرت أمس، انتخابات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في بيروت والمناطق اللبنانية كافة بناء على قرار مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي قال بعد افتتاحه عملية الاقتراع وإدلائه بصوته، إن هذه الانتخابات، إنما هي تأكيد على الالتزام بالأنظمة والقوانين، وحرص على النهوض بالمؤسسات التابعة والتي هي جزء لا يتجزأ من النظام العام للدولة اللبنانية، مشدداً على أن دار الفتوى ستبقى دار الاعتدال والوسطية والانفتاح والحرص على وحدة المسلمين واللبنانيين جميعا.