وتُعدّ صوفي اللبنانية الوحيدة التي استطاعت تحقيق هذا الفوز إضافة إلى 4 مصممين آخرين من بلدان عربية مختلفة. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لقد فوجئت بتقديم هذه الجائزة العالمية لي. صحيح أنّني رُشّحت لها، ولكن الأمر كان بديهياً بالنسبة لي. فالاتفاق بيني وبين الشركة التي تعاملت معها يقضي بترشيحي في كل الأحوال. اعتقدت أن الموضوع سيمرّ مرور الكرام، خصوصاً أنّ الجهة المنافسة لي كانت تلك التي صمّمت مهرجان الألعاب الأولمبية».
وتشير الشلح إلى أنّ الجوائز العالمية بهذا المستوى تدقّق كثيراً في أعمال المرشحين لديها، واعتقَدت لأنّها لبنانية، ستقلّ فرص فوزها على منبرٍ عالميٍّ كهذا.
وتعلق لـ«الشرق الأوسط»: «اتصلوا بي منذ نحو أسبوعين يزفّون لي هذا الخبر من أميركا. وحينها كنت في لبنان أمضي إجازتي، لذا لم يتسنَّ لي تسلّمها؛ واليوم استعدُّ للسّفر إلى أميركا حيث أقيم، لأتسلمها وأحتفظ بها ذكرى لن أنساها طيلة عمري».
غادرت صوفي لبنان منذ نحو 8 سنوات مهاجرة إلى الولايات المتحدة الأميركية، ساعية وراء أحلامها التي منعتها أوضاع البلاد المتردية من تحقيقها. ومن هناك انطلقت في مهنة التصميم الغرافيكي، تشق طريقها بخطوات ثابتة. وأثبتت قدراتها من خلال تعاونها الناجح مع «فوكس سبورتس» في مجال نقل بعض أضخم الأحداث الرياضية في العالم ومنها، المباراة النهائية لدوري كرة القدم الأميركية «سوبر بول» التي تنظمها الرابطة الوطنية الأميركية لكرة القدم (NFL).
وتكرَّر هذا التعاون عندما استعانت بها «فوكس سبورت» مجدداً واختارتها لتصميم استوديوهاتها التي أقامتها خصيصاً لمتابعة كأس العالم لكرة القدم 2022 ونقل مبارياتها.
ارتكزت الشلح في تصاميمها الغرافيكية على الخط العربي المعروف بـ«الكوفي»، فاستخدمته مع عناصر أخرى استوحتها من الثقافة الأميركية، وترجمته من خلال أشكال هندسية متعدّدة. وألفت الطريقة الحديثة الممزوجة بالتراث العربي مشهدية استوديوهات «فوكس سبورت» في قطر. وقامت الشلح بتصاميم منبثقة عن الكوفي غطت جدران وطاولات وزجاج وحتى شاشة استوديو القناة. وتعلق: «رغبت في أن يسود الكوفي التصاميم خلفية أساسية تتوالد منه التصاميم (المودرن). ولأن القناة تبثّ من قطر، أخذت وقتها بعين الاعتبار تاريخ هذه البلاد الحديث، إلى حدٍّ ما. فجاءت الأحرف العربية التي يتألف منها اسم قطر بمثابة مصدر آخر لتصاميمي».
تؤكد صوفي شعورها بالفرح والفخر كونها استطاعت الفوز في إحدى أهم الجوائز العالمية. فجائزة «إيمي» هي أميركية تُمنح للمسلسلات والبرامج التلفزيونية المختلفة، وقد أُنشئت في عام 1949، وهي المقابلة لجائزة «الأوسكار»؛ وفي حين أن هذه الأخيرة تقتصر على الإنتاج السينمائي فإن «إيمي» تختصّ في قطاع الإنتاج التلفزيوني.
ترى صوفي أنّ هذه الجائزة مكافأة على كل ما حققته وتعبت من أجله في مهنتها منذ بدايتها حتى اليوم. «إنها لفتة تشجيعية لي ولكل اللبنانيين من أبناء جيلي. فهذا الفوز يعزّز آمالنا نحن الشباب، وقد ذقنا الأمرّين في بلد أنهكته الحروب والأزمات».
ومن ناحية ثانية، تُهدي صوفي الجائزة لوالدها وتتابع حديثها: «منذ أن علمت بترشيحي للجائزة في مايو (أيار) الفائت، لم أعر الموضوع اهتماماً؛ وفَورَ معرفتي به لم يخطر على بالي سوى والدي الدّاعم الأكبر لي، وسندي، ومشجعي في كل ما أقوم به. وعندما كنت أشعر بالإحباط أو تتملكني فكرة التوقف عن بذل الجهد، كان يقف ورائي يذكرني بأنّ لا شيء يأتي بسهولة. كما أنه حثّني على السفر إلى أميركا لأكتشف آفاقاً أوسع من تلك المتوفرة لي في لبنان».
وتختم صوفي الشِّلح: «هذه الجائزة لا بدّ أن تنعكس إيجاباً على بلدي لبنان. فيدرك كثيرون أنه بلد الإبداع والقدرات الهائلة. وعندما علم أصدقائي بفوزي، هلّلوا للأمر واعتبروه علامة فارقة للبنان. فهناك مصممون معروفون في لبنان ولا سيما من الجنسية الأرمنية حققوا إنجازات في إطار التصميم الغرافيكي، ولكنهم في المقابل لم يستطيعوا حصد التقدير العالمي الذي حققته، وهذا شرف كبير لي».