أولاً : ربما أتت هذه الخطوة و في هذا التوقيت الصعب بالذات تحت ضغط بعض المنظرين الذين ينتقدون غياب الديمقراطية داخل الأحزاب في لبنان و يستغلون ذلك و يستثمرون فيه أملاً بكسب بعض الشعبية من تلك الأحزاب و ضمها اليهم و من هنا كانت الانتخابات الحزبية ضرورة لقطع الطريق على هؤلاء خاصة بعد تضخم الحجم و الحضور القواتيَين على الساحة اللبنانية في المرحلة الأخيرة .
ثانياً : حسناً فعل القواتيون بحصر الإنتخاب بهيئتها التنفيذية و عدم ترشح أي أحد لمنصب الرئيس لأن ذلك سيكون لزوم ما لا يلزم و سيتطلب من الحزب جهوزية أكبر بالإمكان استثمارها في قضايا ملحة أكثر خاصة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان و المجتمع المسيحي ، فسمير جعجع يشكل أحد أهم رموز القوات اللبنانية و طالما هو حي سيكون رئيسها و حتى لو ترشح بوجهه آخرون لن يستطيعوا منافسته و التغلب عليه لذا كانت التذكية قرارً صائباً و في مكانه الصحيح .
ثالثاً : تأتي انتصارات القوات في الجامعات و قبلها الفوز الساحق في الانتخابات النيابية متزامنة مع انتخاباتها الداخلية و التي ترسخ صورة المؤسسة القوية الثابتة المنظمة القادرة على السير بمجتمعها نحو المستقبل بطريقة هادئة و متَّزنة بعكس ما فعله الآخرون سابقاً و هذا ما يرفع في مكان ما من معنويات المتعاطفين معها و يطمئنهم نسبياً الى مستقبلهم في أرضهم بوجود مؤسسة صلبة كهذه .
رابعاً : و هي الخطوة الأهم ، تشكل الإنتخابات الداخلية اليوم في القوات الخطوة الأولى لوضع الآلية الموجودة في نظامها الداخلي موضوع التنفيذ و تجربتها عملياً ، تلك الآلية التي ستسمح مستقبلاً لحزبٍ كالقوات اللبنانية بالإستمرار و النمو و ستجنبه الإندثار و الزوال كما حصل مع أحزاب أخرى ، فعلى سبيل المثال و عند أي طارئ غير محسوب لا سمح الله صار للقواتيين طريقاً واضحاً يمكنهم سلوكه لتأمين استمراريتهم و استمرارية حزبهم بفعالية داخل المجتمع و الوطن ( نقل القوات من الثورة الى المؤسسة) .
القوات خاضت تجربتها الانتخابية الأولى و حتماً حصلت بعض الشوائب و بعض المناكفات بين رفاق الصف الواحد ، لكن هذه التجربة ضرورية لاختبار الإطار التنظيمي الذي أنشأته القوات ما بعد ال ٢٠٠٥ لوضع الحزب على السكة الصحيحة التي يجب أن يكون عليها بعد سنوات الصمود و المقاومة بما حملته من انتفاضات و صراعات داخلية كان يمكن لها أن تقضي على القوات اللبنانية و تدمرها .
يا إخوتنا و رفاقنا في القوات اللبنانية ، لا تعيروا انتباهكم لبعض المنظرين الذي يريدون حشركم في الموضوع الديمقراطي ووضع الضغوط عليكم و ربما تعييركم بموضوع كهذا ، فهؤلاء و بأغلبهم مراوغون و جلّ ما يهمهم هو محاولة اجتذاب البعض منكم الى حركاتهم الناشئة فاستمروا و أكملوا الطريق و النضال لأن المستقبل لكم و لأمثالكم من المؤمنين بقضية و المؤتمنين على مجتمع ووطن و لا وقت للمنظرين عندكم فهناك أمور أهم عليكم القيام بها .
القوات دخلت عصراً جديداً و زمناً جديداً من تاريخها ، عسى أن تكون هذه الخطوة بداية الطريق لترسيخ هذه المؤسسة و أطرها التنظيمية في لبنان كما هي راسخة في عقول ناسها و ضمائرهم لنبقى و نستمر .