تحيي نقابة المحررين اللبنانيين الذكرى سنويا بوقفة تضامنية. وقد دأب النقباء الذين توالوا على النقابة على توجيه كلمة ـ رسالة في المناسبة.
الصحافة اللبنانية أعطت الكثير ولاتزال تقدم الشهداء وآخرهم الصحافية الشابة فرح عمر التي كانت تغطي الاحداث في الجنوب قبل اشهر قليلة وهي تنضم بذلك إلى قافلة كامل مروة ورياض طه وسليم اللوزي ونسيب المتني وسمير قصير وجبران تويني.. من دون ان ننسى الشهداء المصورين الذين يرحلون ايضا في سبيل ايصال الخبر، وآخرهم ربيع معماري وعصام عبدالله (قبل اشهر اثناء تغطيتهم جبهة الجنوب)، وقبلهم جورج سمرجيان الذي مات بأرض المعركة في الحرب الداخلية عام 1990 في انطلياس. إلى الشهداء، قدمت الصحافة اللبنانية مطبوعات بلغات عدة، ولطالما ملأت الأكشاك في الداخل اللبناني وبلدان الانتشار، وصولا إلى طبعها بعض الصحف «على الطلب» في ماكينات خاصة، وضعت في فنادق عالمية، إلى حين ظهور النسخ الالكترونية وعالم التواصل الاجتماعي.
في الأزمات المتتالية، انسحبت صحف ورقية عدة من «الستاندات»، وأقفلت دور نشر كبرى بينها «دار الصياد» وقبلها «دار ألف ليلة وليلة» بالكامل، في حين تحتفل صحيفة «لوريان لو جور» التي تصدر باللغة الفرنسية بمئويتها، وتتبعها على طريق المئة «النهار» العريقة، التي قدمت الكثير للصحافة، وفيها «راهب الصحافة» الاستاذ فرنسوا عقل، آخر الكبار في المهنة على الصعيدين العربي والدولي، لما يكتنزه من ثقافة ومناقبية، جعلته مدرسة قائمة في حد ذاته.
«قرن من الصحافة في لبنان 1858 – 1958»، عنوان كتاب صادر في 2010 عن المؤسسة اللبنانية للمكتبة الوطنية، وفيه مقدمة للاستاذ الكبير الراحل غسان تويني جاء فيها: «جرى في عروقهم (الصحافيون) الحبر محل الدم (…) وأدوات التضييق (على الاعلاميين في كل زمان ومكان) نفسها».
كتب عدة صدرت عن الصحافة اللبنانية، أبرزها عن «دار النهار» للاستاذ تويني «سر المهنة وأصولها» و«سر المهنة وأسرار أخرى»، إلى كتب لرئيس التحرير التنفيذي لـ«النهار» الراحل ادمون صعب، تعتبر مراجع لمحبي المهنة.
وقد ولدت الصحافة اللبنانية في عهد الحكم العثماني، على يد خليل الخوري الذي أصدر «لو جورنال» في 1858 أول صحيفة عربية في بلد عربي. وتلاه بطرس البستاني في «نفير سوريا» عام 1860 اثر الحرب الأهلية في بلاد الشام.
بعدها توالت الامتيازات الخاصة بإصدار الصحف وبلغ عددها 13 بعد شق قناة السويس. وكانت المجلة الأولى المتخصصة بالاطفال «كوكب الصبح المنير» في 1871، وبعدها «مينرفا» المجلة النسائية في 1916، ثم «المرأة الجديدة» في 1921.
جبران تويني الجد أصدر «الأحرار» في 1924، وعرفها بأنها «جريدة وطنية لا طائفية». وفي 1923 صدرت صحيفة «لوريان» بالفرنسية، ثم «لوجور» في 1934.
وفي 1933 صدرت «النهار» وتلتها «الاتحاد اللبناني» في العام نفسه مع الخوري انطوان عقل. وللمفارقة ان «الاتحاد اللبناني» التي كانت تصدر «النهار» تحت اسمها في «اليوم السابع» يوم العطلة الإلزامية للصحف، عادت إلى الصدور فترة قليلة في 2017 مع ناشرها مصطفى ناصر، في 23 أكتوبر، قبل ان تتوقف في 26 ديسمبر.
اختلفت أمور المهنة كثيرا، وتبدلت مطبوعاتها، لكن الشغف لم ينته لدى قسم كبير من جيل الأمس الذي يحن إلى الورق والى الصحافة المكتوبة، ولم يكتف فقط بوسائل التواصل الاجتماعي وبالاعلام الرقمي.