صدى الارز

مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

الرئيس اللبناني ومعركة “السلاح”.. “لقطة” تختصر أزمة حزب الله

لقطة رصدتها عدسات الكاميرا في البرلمان اللبناني خلال خطاب القسم لقائد الجيش، جوزاف عون، بعد انتخابه رئيسا للبلاد يوم الخميس الماضي، تعكس ضعف موقف حزب الله في هذه المرحلة بعد أن كان يدير خيوط اللعبة السياسية لأعوام طويلة عبر سياسة ترهيب وترغيب الخصوم.

فحين كان عون يقول أمام مجلس النواب بعد دقائق من انتخابه إنه سيعمل على أن يكون حق حمل السلاح مقتصرا على الدولة في إشارة إلى ترسانة حزب الله، استدارت الكاميرا إلى نواب المنظمة المصنفة إرهابية الذين بدوا واجمين في حين كان باقي النواب يصفقون للرئيس المنتخب.

كما شهد اليوم الاثنين انتكاسة جديدة لحزب الله، حين كلف عون القاضي نواف سلام بتشكيل الحكومة الجديدة على عكس إرادة الحزب الذي كان يرغب بإعادة تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، ما دفع النائب محمد رعد، للقول إن معارضي الجماعة المدعومة من إيران يعملون على تفكيكها وإقصائها من السلطة في لبنان.

ومن أبرز الملفات التي تتصدر أولويات العهد الجديد في لبنان، هو تطبيق الاتفاق اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي ينصّ على انسحاب إسرائيل من المناطق التي دخلتها في الجنوب ويشمل الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في العام 2006، الذي من بنوده ابتعاد حزب الله عن الحدود، ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان وحصره بالقوى الشرعية دون سواها.

ورغم أن حزب الله كان قد كلف رئيس مجلس النواب نبيه بري بالتفاوض خلال الحرب من أجل وقف إطلاق النار، وقد وافقت الحكومة اللبنانية، التي يشارك فيها وزراء من الحزب، على الاتفاق، فإن تصريحات قيادات الحزب بعد ذلك أظهرت تمسكه بسلاحه وعدم نيته التخلي عنه.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

ومع بدء عهد جديد، تتجه الأنظار نحو كيفية تعامل الرئيس عون مع ملف السلاح غير الشرعي الشائك، وفيما إن كان سينجح في تذليل العقبات التي قد تعيق تحقيق هدفه.

تحديات قديمة في عهد جديد
يتصدر ملف السلاح غير الشرعي أبرز التحديات التي تواجه الرئيس اللبناني الجديد، كما يشدد الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب.

ويقول ملاعب “يعاني لبنان منذ عقود من سلاح حزب الله غير الشرعي والذي استخدم في نزاعات إقليمية، ما شوّه صورة لبنان وأدى إلى تعامل عربي ودولي قاس معه”.

ويؤكد ملاعب، في حديث لموقع “الحرة”، أن استثناء سلاح “حزب الله” من البند المتعلق بحل الميليشيات ونزع سلاحها، المنصوص عليه في اتفاق الطائف تحت شعار “المقاومة”، منح الحزب غطاءً سياسياً لتشريع سلاحه.

إلا أن التغيرات الإقليمية الأخيرة، وخاصة حرب الحزب الأخيرة مع إسرائيل وما تضمنه اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين، إلى جانب سقوط نظام بشار الأسد الذي أدى إلى قطع طرق إمداد الحزب بالسلاح والمال من إيران، وضعت حزب الله كما يقول ملاعب “أمام تحديات كبيرة تهدد قدرته على الحفاظ على وضعه السابق”.

ويشير إلى أن “قانون الأسلحة والذخائر في لبنان الصادر عام 1954 بموجب مرسوم اشتراعي، يمنع استيراد السلاح من أي جهة إلا عبر السلطة والمؤسسات الشرعية. وحتى صناعة الأسلحة تخضع لشروط صارمة، إذ يتطلب تصنيعها الحصول على ترخيص من وزارة الداخلية، كما يمنع حيازة البارود لتصنيع الأسلحة، ولا يسمح ببيعها إلا للأجهزة الرسمية في الدولة اللبنانية”.

ورغم ذلك، فإن السلاح منتشر على نطاق واسع في لبنان، وفق ما يقوله وذلك “بسبب عدم السيطرة الكاملة على الحدود مع سوريا، وهذا ما يتيح دخول الأسلحة عبر عمليات التهريب البرية إضافة إلى عمليات التهريب عبر البحر، وتشمل هذه الأسلحة ما يدخل لصالح حزب الله أو المخيمات الفلسطينية أو للاستخدام الفردي”.

وحسم مصير قضية السلاح غير الشرعي سبق انتخاب الرئيس عون كما يقول المحلل السياسي جورج العاقوري.

ويقول العاقوري، لموقع “الحرة”، إن “اتفاق وقف إطلاق النار شكّل أساساً لهذه القضية التي تطال جوهر مفهوم الدولة، حيث لا يمكن لدولة أن تستمر في ظل وجود سلاح غير شرعي موازٍ للسلاح الشرعي..”.

ويضيف أن “التجربة اللبنانية تثبت ذلك. حزب الله فاوض من خلال “الأخ الاكبر” الرئيس نبيه بري على الاتفاق ووافق عبر وزرائه عليه وهو ينص بوضوح على إنهاء السلاح غير الشرعي شمال وجنوب الليطاني وتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بلبنان”.

التحدي الأكبر في هذا الملف يكمن، بحسب العاقوري، “في كيفية تمهيد حزب الله لجمهوره بقبوله تسليم سلاحه”.

ويضيف “الحزب يمارس سياسة الإنكار حالياً، محاولاً التهرب من التزاماته من خلال الزعم بأن سحب السلاح يقتصر على جنوب الليطاني، لكنه يدرك أن هذا السلاح يواجه ثلاثة خيارات: استهداف إسرائيلي مستمر، تسليم السلاح للجيش اللبناني، أو تحويله إلى خردة غير قابلة للاستعمال”.

كذلك يرى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، العميد الركن المتقاعد الدكتور هشام جابر، في حديث لموقع “الحرة”، أن تطبيق القرار 1701 شكّل بداية لتقليص سلاح حزب الله جنوب الليطاني.

ويوضح قائلا: “الحكومة اللبنانية وافقت على القرار، ووزراء حزب الله أُجبروا على الموافقة، وتم تسليم 60% من السلاح جنوب الليطاني. لكن إذا استمرت إسرائيل في احتلال أراض جنوب لبنان، ستبقى المقاومة مشروعة دولياً، ولن يستطيع أحد الاعتراض عليها”.

يذكر أن موقع المنار الإلكتروني التابع لحزب الله، روّج بعد انتخاب عون، أن الحزب حصل على ضمانات منه بشأن سلاحه قبل التصويت له.

ونقل الموقع عن مصادر مطلعة، كما وصفها، أن أبرز النقاط التي تم تثبيتها خلال اللقاء الذي جمع عون بالثنائي الشيعي بين الدورتين الأولى والثانية من الانتخابات الرئاسية، هي أن القرار 1701، الذي ينص على نزع السلاح في جنوب الليطاني، ليس مرتبطاً بالقرار 1559، الذي يدعو إلى حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها.

أبعد من سلاح الحزب
لا يقتصر التحدي الأمني في لبنان على سلاح حزب الله الثقيل والمتوسط فحسب، بل يشمل أيضاً انتشار السلاح الفردي بين المدنيين بشكل غير قانوني، لا سيما في المناطق الخاضعة لنفوذ حزب الله.

هذا الانتشار أدى إلى زيادة التوترات وزعزعة الأمن في العديد من المناطق، ما شكل تحدياً كبيراً للسلطات اللبنانية في فرض سيادة القانون وضبط الأمن.

وتعود ظاهرة انتشار السلاح الفردي في لبنان إلى عقود طويلة، تعززت بفعل الحرب الأهلية وما تلاها من اضطرابات أمنية متكررة. ومع تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، لجأ البعض إلى السلاح كوسيلة للدفاع عن النفس أو لتحقيق غايات غير قانونية.

وبات السلاح الفردي يستخدم بشكل متزايد في ارتكاب الجرائم، بما في ذلك السرقات وعمليات النشل في الأماكن العامة، إضافة إلى السلب بالقوة.

هذه القضية أدت إلى ارتفاع معدلات الجريمة وزرع الخوف بين المواطنين، وسط عجز الأجهزة الأمنية عن الحد من انتشار السلاح.

ويساهم غياب سلطة قضائية مستقلة في تفاقم المشكلة، حيث يحظى المدعومون من الأحزاب والطبقة السياسية بحصانة تحميهم من الملاحقة القانونية حتى في حال تورطهم بإطلاق النار.

وفي هذا السياق، تعهد الرئيس الجديد بالعمل على تحقيق استقلال القضاء.

ويشير جابر إلى أن “قانون السلطة القضائية المستقل، الذي أعده الرئيس الراحل حسين الحسيني منذ 25 عاماً، لم يعرض حتى الآن على المجلس النيابي، لأن الطبقة السياسية الحالية لا يناسبها وجود قضاء مستقل يستطيع مساءلة أي شخص، مهما كان نفوذه”.

وتحدث الرئيس عون، في خطابه، عن تبني استراتيجية دفاعية شاملة.

عن ذلك يوضح جابر أن “الاستراتيجية الدفاعية ترتكز على الجيش اللبناني كنواة لها، مدعوماً بقوى الأمن الداخلي وغيرها من القوى الشرعية..”.

“أما المجموعات العسكرية غير النظامية، مثل حزب الله، فتلتزم بهذه الاستراتيجية، حيث يتم سحب أسلحتها الثقيلة ووضعها في مخازن بإشراف الجيش، ويمارس أفرادها حياتهم بشكل طبيعي في زمن السلم، وفي حال إعلان حالة الطوارئ، تلتحق بالجيش اللبناني خلال 72ساعة”.

هل يتخطى “حقل الألغام”؟
يصف جابر المرحلة الراهنة بأنها “حقل ألغام” للرئيس عون، مشيراً إلى أن الطبقة السياسية التقليدية تنظر إليه بريبة، كونه قادماً من خلفية غير سياسية ولم ينشأ في كنف النخبة الحاكمة.

يقول جابر “عون استلم الحكم بتأييد شعبي واسع، لكنه بحاجة لاختيار مستشارين أكفاء لتجاوز العقبات”.

ويرى جابر أن “حزب الله لديه مصلحة في الالتزام بإرادة الدولة اللبنانية، خاصة بعد أن دعّم انتخاب عون رئيساً للجمهورية”.

ويشدد على ضرورة تشكيل حكومة مستقلة عن الأحزاب السياسية، مضيفا ان “لبنان مليء بالكفاءات من مختلف الطوائف، لكن تشكيل الحكومات كان دوماً يخضع للتوازنات السياسية التي تعيق الاستفادة من هذه الكفاءات”.

أما ملاعب، فيرى أن “اللجنة الخماسية الدولية التي أشرفت على انتخاب رئيس الجمهورية، تشكل دعماً إضافياً في هذا الملف، حيث يمكنها توفير غطاء سياسي دولي لأي قرارات تتعلق بسحب السلاح غير الشرعي”.

كما يعتبر العاقوري أن مرحلة السلاح غير الشرعي وصلت إلى نهايتها، مشيرا إلى أن “هناك تقاطعاً داخلياً وخارجياً لمعالجة هذا الملف.

ويقول: “لبنان دفع ثمناً باهظاً لهذا السلاح الذي تتحكم به طهران، سواء في مواجهة إسرائيل وادعاء القدرة على ردعها أو عبر استخدامه في الداخل اللبناني، كما حدث في أحداث السابع من أيار”.

الضغط الدولي والإقليمي، إلى جانب تغيّر المعطيات الميدانية وتقلص نفوذ إيران في المنطقة، عوامل ستدفع حزب الله كما يرى العاقوري لتسليم سلاحه.

ويشدد “عملية نزع السلاح لن تكون عسكرية، فالجيش اللبناني لن يزج في مواجهة دموية مع الحزب. لكن الضغط المستمر ونتائج المغامرات العسكرية التي خاضها الحزب ستؤدي عاجلًا إلى تسليم سلاحه”.

ويصف العاقوري استعادة الجيش اللبناني لمعسكرات فتح الانتفاضة والجبهة الشعبية (القيادة العامة) بأنها “خطوة مهمة على طريق تنفيذ القرار 1559″، فهي تمثل دليلاً واضحاً على أن الدولة اللبنانية تسير في الاتجاه الصحيح نحو “استعادة سيادتها الكاملة وتطبيق القرارات الدولية”.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading