ورأى الوزير السابق رشيد درباس، أن «المستجدات التي يشهدها جنوب لبنان تفيد بأن الدولة غير موجودة». واستغرب انكفاء القيادات عن مواكبة ما يجري واللامسؤولية التي يتميّز بها المسؤولون. ورأى درباس في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا مؤشرات أقلّه حتى الآن على حرب واسعة في لبنان، لأسباب إسرائيلية وأخرى لها علاقة بدور إيران في هذه الحرب، لكن إذا حصل اقتحام برّي لغزّة ستتغيّر المعادلة وتفتح الأمور على كلّ المخاطر».
ورغم مرور خمسة أيام على عملية «طوفان الأقصى» التي نفذتها حركة «حماس»، والاستنفار الذي يسود الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، لم يبد المسؤولون في لبنان حماسة توازي خطورة المرحلة. وسأل درباس: «هل جهّزت الدولة مراكز لإيواء الناس الذين سينزحون من مناطق التوتر إذا وقعت الحرب؟ وهل وضعت خطّة استباقية وحضّرت لتقديم خدمات أولية للتعامل مع الواقع بسرعة؟ وهل هناك مسؤول في الدولة تواصل مع دول القرار لتجنيب لبنان مخاطر الحرب وتداعياتها على الشعب اللبناني؟».
ولفت درباس إلى أن «استقالة القيادات من دورها يبيّن لا مبالاة هؤلاء بالمخاطر التي تحدق بلبنان، وإصرارهم على البقاء في الفراغ التام الذي يخيّم على الدولة من رئاسة الجمهورية إلى أدنى موظّف رسمي».
سلطة إدارية بلا نفوذ سياسي
فرضيّة اندلاع الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل، باتت متقدّمة جداً وفق مراقبين، في ضوء استمرار قصف الطيران الإسرائيلي على غزّة، والتلويح بهجوم برّي وشيك، وعدّ رئيس «لقاء سيّدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد، أن «لا شيء يشعرنا بوجود دولة في لبنان». وعبّر عن أسفه لـ«تلاشي الدولة في هذه المرحلة المصيرية». وأكد سعيد لـ«الشرق الأوسط»، أن «السلطة في لبنان تشبه السلطة في فلسطين والعراق، فهي سلطات إدارية لا تملك النفوذ ولا القرار السياسي». وقال: «للأسف في فلسطين (حماس) أقوى من السلطة، وفي لبنان (حزب الله) أقوى من الدولة، وفي العراق (الحشد الشعبي) أقوى من الدولة ومؤسساتها»، ويرى أن «ما يحصل في الجنوب اللبناني، سواء من قبل «حزب الله» أو من الفصائل الفلسطينية، هو خرق للقرار 1701 وخرق لاتفاق الطائف، وإقحامٌ للبنان بمغامرة غير محسوبة، نعرف كيف تبدأ ولا نعرف كيف تنتهي»، لافتاً إلى أن «هذا الخرق سيعيد الانقسام اللبناني حول القضية الفلسطينية».
انقسام على الملف الفلسطيني
دائماً ما شكّل الملفّ الفلسطيني موضع انقسام في الداخل اللبناني، بسبب تضارب الخيارات والأجندات الداخلية والخارجية حول هذه القضية، وأوضح رئيس «لقاء سيّدة الجبل» فارس سعيد، أنه «بعد خروج الجيش السوري في عام 2005، كان هناك عمل دؤوب من قبل قوى (14 آذار)، حيث حصلت مصالحة مع القضية الفلسطينية، ونجحنا في فتح سفارة فلسطين في لبنان، وزار الرئيس محمود عباس بيروت، وخرج عامل الانقسام حول القضية الفلسطينية من الحسابات اللبنانية». وأضاف «اليوم هناك تعاطف إسلامي – مسيحي مع فلسطين التي كانت ولا تزال قضيّة حق، لكنهم يحاولون تشويه هذه القضية بعقول اللبنانيين، عندما يستخدمون بلدنا منصّة لإطلاق الصواريخ، وتحويل لبنان ساحة حرب دائمة».
ويصوّب فريق الممانعة هجومه على خصوم «حزب الله» الذين يرفضون التورط بحرب محتملة بحجّة وحدة الساحات، ويشدد سعيد على أن «اللبنانيين دفعوا أثماناً باهظة ودخلوا بحرب أهلية من أجل فلسطين، ما نريده اليوم أن يتغلّب منطق العقلاء في بلدنا الذين قدموا أوضح صور التضامن مع الشعب الفلسطيني، وأبهى صور الدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله، وحذّروا من جرّ البلد إلى حرب مدمّرة»، ويرى أن «(حزب الله) لا يقرر الحرب والسلام، بل إيران هي التي تقرر نيابة عن (حزب الله) ولبنان». وتابع سعيد «إذا أرادت إيران فتح كلّ الجبهات فسيدخل لبنان مرغماً بهذه الحرب وللأسف لا وجود لسلطة تمنع إيران من توريط لبنان في حرب لا يريدها».
وتتواصل المواقف اللبنانية المنددة بمحاولات فلسطينية لإطلاق عمليات من الحدود اللبنانية. وأكد النائب غسان حاصباني أن «الثابت أن لبنان في دائرة الخطر والاشتباك بسبب وجود قوى عسكرية خارج القوى الشرعية على الأراضي اللبنانية، وهي ضمن اللعبة الإقليمية وقد تستدرج الاشتباك إلى الأراضي اللبنانية مع تطور المواجهة». وقال إن «هناك غيابا تاما (للحكومة اللبنانية) وعجزا عن اتخاذ قرار سيادي إضافة إلى عدم وجود رئيس جمهورية. النزوح السوري الضاغط والوضع الاقتصادي المتدهور، كل هذه الأمور تضع لبنان في وضع صعب جداً».
بدوره، كتب النائب مارك ضو عبر منصة «إكس»: «لا نريد أن ننجر لحرب… بدأتها مصالح غيرنا يستفيد منها غيرنا وتفرغ وطننا من شعبه».
من جهته، علّق عضو كتلة «الكتائب» النائب إلياس حنكش على تداعيات الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني على جنوب لبنان كاتباً على منصة «إكس»: «كل لبنان لا يريد الحرب، لأننا لا نتحمل أي ضربة ولأننا تعلمنا، وكما قال محمود درويش: ستنتهي الحرب ويتصافح القادة وتبقى تلك العجوز تنتظر ولدها الشهيد، وتلك الفتاة تنتظر زوجها الحبيب، وأولئك الأطفال ينتظرون والدهم البطل».