ووفق ما تشير مصادر دبلوماسية، فإن واشنطن رفضت ورقة الحلّ الفرنسية المقترحة على لبنان حول الجنوب، حيث يرغب المبعوث الأميركي الرئاسي آموس هوكشتاين بأن يكون الحل مرتبطاً به حصراً.
ويرى البعض أن الرؤية الأميركية التي تضع ملفّي الجنوب والرئاسية في سلة واحدة، تلقى معارضة من باريس، التي تعتبر أنه لا بدّ من فصل الملفين عن بعضهما، لاسيما أن الوضع في الجنوب مرتبط بحرب غزة التي يرجح أن تطول، ولا يجوز ربط الاستحقاقات اللبنانية بها.
وتحاول باريس من خلال تفعيل عمل اللجنة الخماسية حول الرئاسة والحل السياسي، وكذلك من خلال مبادرتها بشأن جبهة الجنوب، الحيلولة دون تفرّد واشنطن بالحل.
لكن الاعتراضات على باريس لا تنبع من واشنطن، ففرنسا التي كانت تقدم نفسها كقوة أوروبية أو غربية قادرة على التواصل مع الجميع، خصوصاً مع حزب الله في لبنان وكذلك مع ايران، باتت في موقع آخر بعد حرب غزة، خصوصا بعد أن وصف الرئيس إيمانويل ماكرون حزب الله بالتنظيم الإرهابي، الأمر الذي استفز الحزب، الذي يعتقد البعض أنه بات قادرا على التفاوض مع الأميركيين من دون وساطة بما في ذلك الوساطة الفرنسية.
وهناك بعد آخر، للتباين الفرنسي ـ الأميركي، يرتبط بانفتاح ماكرون على الصين وموقفه من ضرورة تعزيز التعاون الاقتصادي والمالي معها، وكذلك رفعه شعار الاستقلال الاستراتيجي لأوروبا عن الولايات المتحدة، فيما ترى واشنطن أن المانيا وإيطاليا أقرب اليها من باريس.
وعلى وقع التزاحم بين كل هذه الملفات، برز عدم توقيع شركة توتال الفرنسية، التي فازت مع تحالف شركات بعقود التنقيب عن النفط والغاز في البلوكين رقم 8 و10 في البحر مقابل جنوب لبنان، لعقود البدء بالتنفيذ مع انتهاء المهل الخاصة بذلك قبل أيام.
وأثار قرار «توتال» عدم التوقيع تساؤلات حول خلفيات الخطوة، وإذا كانت تعني أنها انسحبت أم ستستمر، وسط معطيات تفيد بأن هناك طموحات لشركات أميركية لتولي عمليات التنقيب والاستخراج والتصدير لاحقاً.