ووسط حشد شعبي كبير من أنصار تيار «المستقبل» توافد من مختلف المناطق، زار الحريري ضريح والده في وسط بيروت بالذكرى السنوية التاسعة عشرة لاغتياله، قبل أن يلقي كلمة أمام أنصاره في بيت الوسط.
ولم يعلن الحريري التراجع عن قراره بتعليق عمله السياسي والعودة إلى بيروت لكنه أرسل إشارات عدة بهذا الاتجاه، قائلاً «كل شي بوقتو حلو وسعد الحريري لا يترك الناس».
وأمام الوفود المحتشدة في بيت الوسط، أشار الحريري إلى «مشروع الرئيس رفيق الحريري هو الاعتدال، واستشهد، لأنه كان صاحب مشروع»، في إشارة إلى أن الحريري لن يعود إلا بمشروع كامل متكامل على المستويين الداخلي والخارجي، وهو ما كان لافتاً في مشاوراته مع كل الشخصيات والدبلوماسيين الذين التقاهم. وأضاف متوجهاً إلى الجماهير التي طالبته بالبقاء في بيروت: «قولوا للجميع انكم رجعتم الى الساحة، ومن دونكم البلد لن يمشي».
إلى ذلك، ذكرت مصادر قريبة من تيار «المستقبل» لـ «الجريدة» أن دبلوماسيين أجانب وشخصيات دينية، دعوا الحريري إلى «العودة».
وبحسب هذه المصادر، فإن مفتي الجمهورية عبداللطيف دريان طلب من الحريري البقاء في بيروت واستئناف نشاطه السياسي، كذلك نقلت مصادر بيت الوسط أن السفيرة الأميركية ليزا جونسون وجهت إلى زعيم «المستقبل» رسالة تحمل المضمون نفسه، وهي التي وصفت لقاءها معه بـ «الممتاز».
ومن الواضح أن جدول أعمال الحريري في بيروت كان مزدحماً جداً باللقاءات والمواعيد مع سفراء ودبلوماسيين ومسؤولين سياسيين، إضافة إلى الوفود الشعبية، وسط معلومات تفيد بأن الرجل وجّه دعوات لسفراء الدول الخمس المعنية بالملف اللبناني (الولايات المتحدة، وفرنسا، والسعودية، وقطر، ومصر) لزيارته.
وفي الوقت نفسه، تلقى الحريري دعوة رسمية لزيارة روسيا، علماً بأن المؤشرات السياسية التي رافقت زيارته إلى لبنان، كانت قد بدأت من موسكو، بعد لقاء جمع مستشار الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان بنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، تلاه إصدار بيان من «الخارجية» الروسية أشارت فيه إلى أن اللقاء بحث في رؤية الحريري لتسوية الوضع السياسي في لبنان.
وبينما يشير محللون وخبراء إلى متغيرات في الظروف الإقليمية قد تساهم في إحياء النشاط السياسي للحريري انطلاقاً من تسوية إقليمية ودولية مقبلة على المنطقة من ضمنها لبنان، تقول مصادر بيت الوسط، إن الحريري لن يتخذ قراراً بالعودة عن تعليق عمله السياسي إلا إذا برزت مؤشرات إقليمية وداخلية ضمن سياق واضح لوضع خطة قابلة للتطبيق.
وما بين رسائل الدعم من واشنطن وموسكو ودار الفتوى، هناك سؤال أساسي يطرح نفسه، هو هل كانت زيارة الحريري وكل ما يحيط بها مؤشراً على تغير في مسار العلاقات الإقليمية للحريري وتحسن العلاقة مع السعودية؟ أم أن الحريري ومعه «المستقبل» يسعيان إلى عرض إثبات قوة يقنع الرياض بإعادة تفعيل العمل مع زعامة الحريري. هذا السؤال ستجيب عنه الأيام المقبلة.