في إطار متابعة ملفّ المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية ومحاكمة الأسد أمام القضاء اللبناني، عقدت “الجبهة السيادية من أجل لبنان” مؤتمراً صحفياً في مقرّها في السوديكو، بحضور عضو الهيئة التنفيذية في حزب القوات اللبنانية، النائب السابق إدي أبي اللمع، ورئيس حزب حركة التغيير، المحامي إيلي محفوض، أكّدت من خلاله متابعتها الدائمة لهذا الملف، كما شدّدت على ضرورة إقرار تعويضات للمحرَّرين اللبنانيين من السجون السورية أسوةً بإخوانهم الذين تحرروا من السجون الإسرائيلية.
افتتح المؤتمر النائب الأسبق إدي أبي اللمع قائلاً: “لم نترك باباً إلا وطرقناه، ولم نوفر وسيلة قانونية أو قضائية أو دبلوماسية إلا ولجأنا إليها. فكان حزب القوات اللبنانية، كما بمقاومته زمن الاحتلال السوري للبنان مدافعاً عن السيادة والاستقلال، كذلك فعلنا في قضية المعتقلين اللبنانيين في سوريا”.
وتابع أبي اللمع: “تقدّمتُ، بصفتي ممثّلاً لحزب القوات اللبنانية، وقبلي ومعي كثيرون من الرفاق النواب والمحامين في الحزب، بسلسلة مراجعات أمام القضاء، بحثاً عن المخطوفين اللبنانيين في السجون السورية. وأودّ اليوم، من خلال هذه الإطلالة، التذكير بمشروع القانون الذي تقدّمنا به في المجلس النيابي لإقرار تعويضات للمعتقلين المحرَّرين من السجون السورية، أسوةً بإخوانهم الذين حُرِّروا من السجون الإسرائيلية”.
أضاف: “سقط النظام السوري وهرب بشار الأسد، وبرغم فتح السجون في سوريا، كانت الأمنيات والتطلعات أن يعود إلينا الـ622 معتقلاً، لكن الجميع يعلم أن النظام السوري البوليسي يمتلك وسائل ظلامية مكّنته من إخفاء الكثير من الأدلة، ولعلّ المقابر الجماعية أسطع دليل على ذلك”.
وتابع: “تقدّمنا أكثر من مرة بشكاوى وإخبارات أمام القضاء اللبناني، لكن تلك المراجعات لم تتحرّك بالقدر الذي كنا نطمح إليه. لذلك، نتطلّع اليوم إلى إعادة تلك الملفات إلى الواجهة من جديد، إحقاقاً للحق ورفعاً للظلم… نعم، المطلوب هو محاكمة الأسد، مهما كانت الظروف وأينما وُجد هذا الفارّ. ولدينا العديد من الوسائل القانونية كي نعطي الحق للمظلومين ولذويهم، مهما طال الزمن”.
ثم ختم أبي اللمع: “إن حزب القوات اللبنانية، كما تبنّى قضية المعتقلين، سيكون اليوم إلى جانب كل المؤسسات والجمعيات والأفراد في كل التحركات التي يرونها مناسبة، وسوف نستمرّ بالمطالبة أمام المراجع المختصة، تكريساً لمبدأ العدالة والاقتصاص من كل مرتكب”.
كما صرّح رئيس حزب حركة التغيير، المحامي إيلي محفوض، قائلاً: “قبل أن أبدأ بملفّ المعتقلين في السجون السورية، لا يمكنني إلا أن أقول: إن زمان أول قد تحوّل. وظاهرة الدراجات النارية المستفزّة في بيروت غير مقبولة، ولن نسمح بأن تتكرّر. غزوة عين الرمانة، في غياب الدولة، لا تزال ماثلة أمامنا. ولكن اليوم، استبشرنا خيراً بانتخاب رئيس للجمهورية، وكذلك بتكليف الرئيس سلام لتشكيل الحكومة، فنتمنى أن لا يتكرّر ما حصل في السنوات الماضية. لذا، نناشد الدولة أن تقوم بدورها”.
ثم انتقل المحامي محفوض إلى موضوع المعتقلين اللبنانيين قائلاً: “قيل لنا: لا يوجد معتقلون في السجون السورية، وكأنهم ينتصرون لفكرة مفادها: ‘نحن قلنا لكم إنه لا يوجد لبنانيون في السجون السورية’، والبعض ذهب بعيداً في تبريراته ليعلن أننا نستثمر هذه القضية… يا حرام عليكم، كم أنتم منعدمو الحسّ الإنساني!”.
وتابع محفوض: “نحن أمام مسؤولية تاريخية وواجب ضميري تجاه كل موجوع من ملف الخطف والاعتقال. وهنا لا نتحدث عن السنوات الأولى لاندلاع الحرب اللبنانية، بل عن فترة ليست ببعيدة، آخرها حتى عام 2005، ناهيك عن الاغتيالات والتفجيرات، وهذه كلّها مدرجة في تحقيقات وملفات قضائية في أدراج العدلية. ولا تنسوا قضية مسجدي التقوى والسلام واعتقال أحد العملاء اللبنانيين ناقل المتفجرات والحكم عليه”.
أضاف: “إذاً، بالمقارنة مع ما ارتكبه بشار الأسد وفريقه الأمني من جرائم حرب، التي أدت إلى قتل مواطن يحمل الجنسيتين الفرنسية والسورية، أصدر القضاء الفرنسي مذكرة توقيف بحق الأسد. وهي ليست المرة الأولى، فقد سبق لقضاة فرنسيين في دائرة مكافحة الجرائم ضد الإنسانية في المحكمة الجنائية في باريس أن أصدروا مذكرة مماثلة بحق الرئيس السوري الأسبق الهارب”.
وتابع: “في لبنان، سبق لنا، مع النائب إدي أبي اللمع عن حزب القوات اللبنانية، أن تقدّمنا بعدد من الإخبارات والشكاوى، التي ألحقت مرات عديدة بمذكرات إضافية كانت تتضمن معلومات موثقة وشهادات لشهود أمضوا سنوات في سجون الأسد، وأبلغونا بوجود لبنانيين في تلك السجون. لكن كل تلك المراجعات بقيت في العدلية، كما هو حال العديد من الملفات المشابهة”.
أضاف: “اليوم، وبعد زوال البعبع الذي كان يُخيف من كان يخاف منع إحقاق العدالة، وكذلك ضمور دور من كان يقتحم قصر العدل ويطلق التهديدات والعنتريات، لم تعد هناك موانع أو ذرائع تمنع إحقاق الحق، ومتابعة التحقيقات والغوص في تلك الملفات بحسب ما تقتضيه الأصول والقوانين”.
ثم توجّه محفوض إلى كل مرجع قضائي قائلاً: “سبق لنا أن تقدّمنا أمامه بشكوى أو إخبار أو مراجعة أو مذكرة، لذا نطلب التفضّل بوضع الملف أمام مكتبه، وإجراء التحقيق اللازم، وإصدار مذكرة توقيف غيابية بحق المدعى عليه بشار حافظ الأسد، الذي لم يعد يتمتع، بعد الإطاحة به وتركه منصبه كرئيس، بحصانة شخصية قد تحميه من أي ملاحقة قضائية أمام محاكم أجنبية، بناءً على مقتضيات القانون الدولي. أما السبل القانونية لمحاكمة الرؤساء، فهي المحكمة الجنائية الدولية ومقرّها لاهاي، لأنّها متخصصة في محاسبة القادة السياسيين والعسكريين عند تنفيذهم جرائم حرب، ومن اختصاصها الأفراد وليس الدول، حيث إن محكمة العدل الدولية هي التي تنظر في قضايا الدول. بداية الإجراءات القانونية تكون عبر القيام بالادعاء على المشكو منه، وفيما يخص بشار الأسد، هناك من يُحضّر ملفاً كاملاً من قبل سوريين ومتضررين لتقديمه إلى المحاكم. وتأكدوا بأن الأسد سوف يُساق إلى هذه المحكمة، أي الجنائية الدولية، إن حضر حوكم وجاهياً، وإن لم يمثل أو يُجلب عندها تتم محاكمته غيابياً. لكن، وبرغم التعقيدات والإشكاليات المطروحة، أطالب القضاء اللبناني بأن يقوم بواجباته حتى آخر الدرجات المطلوبة: إعادة الملف إلى الواجهة، ثم إجراء التحقيقات اللازمة، ثم إصدار مذكرات توقيف، ولاحقاً الحكم ولو غيابياً”.
وختم محفوض: “كما يهمّنا أن نشير إلى استعداد مجموعة تضم جمعيات معنية ومتابعين لحقوق الإنسان في لبنان، تحت عنوان ‘ممنوع الإفلات من العقاب’، لمقاضاة ليس فقط بشار الأسد، بل ضباطه أيضاً، أي ضباط الاحتلال السوري، وهذه المجموعة تملك أسماء ارتكبت وشاركت في عمليات الخطف والتعذيب بين 1990 و2005. وستشمل تحركاتها كشف هويات المتورطين مع الاحتلال السوري من لبنانيين، سواء أفراد أو أحزاب أو عملاء، ساهموا في جرائم الخطف والاعتقال”.