من ينتظر موقفاً أو تراجعاً من رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل سينتظر طويلاً، هذا ما يؤكّده عدد من النواب في «التيار». لم تعد المعركة بالنسبة إلى باسيل وصول هذا المرشّح أو ذاك، بل معركة وجودية تفوق بأهميتها الانتخابات النيابية الأخيرة.
راهن البعض على تبدّل موقف باسيل و»التيار» بعد الجلسة، لكن ما بدا واضحاً أنّ باسيل زاد عناداً في رفضه سليمان فرنجية ولا يزال متمسكاً بترشيح أزعور. وهذا ما أكّده «التيار» أمس للمعارضة التي تقاطع معها. ويعود التمسّك بهذا الترشيح إلى عوامل عدّة أبرزها حجم الأصوات التي نالها أزعور وتفوّقه بشكل واضح على مرشح «حزب الله» وحركة «أمل»، وهذا «المكسيموم» الذي قد يصله فرنجية بحسب «التيار»، بينما نال أزعور الحدّ الأدنى، ورقمه مرشّح للإرتفاع إذا عُقدت جلسة ثانية ولم يلجأ محور «الثنائي الشيعي» والحلفاء إلى تعطيل النصاب.
والسبب الثاني الذي يدعو باسيل إلى التمسك أكثر بأزعور هو تأييد الغالبية المطلقة من النواب المسيحيين لأزعور، بينما من أيّد فرنجية من المسيحيين أيّده بخجل ولا يتجرأ أي نائب (عدا أعضاء كتلته) على التصريح بذلك، ما يدل على رفض البيئة المسيحية لمرشّح «الثنائي».
أمّا السبب الثالث فهو اجتياز تكتّل «لبنان القوي» خطر الإنشقاق، فباستثناء نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، مشت الأكثرية الساحقة من نواب «التيار» بخيار باسيل، ولا يمكن تغيير المرشّح في كل جلسة.
إذاً، يعتبر «التيار الوطني الحرّ» أنه سجّل إنتصاراً أوّلياً على مرشّح الرئيس نبيه برّي و»الحزب» والمنظومة في رحلة الألف ميل. صحيح أنّه غير كافٍ للفوز، لكن التطورات قد تسمح بمزيد من التقدّم، بينما الثابت الأول في سياسة باسيل هو رفضه المطلق لفرنجية وعدم القبول به تحت أي ظرف. حسم باسيل أمره باستمرار دعمه أزعور على رغم إعلانه انفتاحه على الحوار، لكن هذا الحوار سيكون تحت قاعدة «أي مرشّح إلا فرنجية»، ما يُصعّب مهمة وصول فرنجية إلى بعبدا.
من جهتها، تحاول المعارضة رصّ الصفوف خلف أزعور، وتواجه منظومة «الثنائي الشيعي» التي تحاول الإيحاء بتحقيقها إنتصاراً وهمياً. فحسب المعارضة القصة لا تحتاج إلى شرح والأرقام واضحة: أزعور نال 59 صوتاً مقابل 51 لفرنجية، علماً أنّ العمل التحشيدي لفرنجية إنطلق منذ أكثر من سنة، بينما أزعور مرشّح جديد، ولم يستطع خوض معركته كما يجب.
ويتركّز عمل المعارضة الأساسي على توحيد الجهود ومنع الإختراقات، واستمالة الكتل والنواب الذين صوّتوا بشعار أو لمرشح آخر، وهنا سيتم التواصل مع تكتّل «الإعتدال الوطني» الذي بات رفضه لمرشح «حزب الله» واضحاً، ولن يذهب في خندق برّي وفرنجية، كما حاول رئيس المجلس الإيحاء بذلك.
ومن جهة ثانية، هناك تماسك بين أحزاب وقوى «القوات اللبنانية» و»الكتائب اللبنانية» و»تجدد» والحزب «التقدمي الإشتراكي» والغالبية الساحقة من النواب المستقلّين والتغييريين، كما ظهر في البيان الذي أكّد الإستمرار بدعم أزعور، وهذا سيشكّل سداً منيعاً في وجه محاولة «حزب الله» وحركة «أمل» فرض مرشحهما على بقية اللبنانيين.
وسيتركّز الضغط في المرحلة المقبلة على استقطاب النواب الرماديين الذين في المحور المواجه لـ»الحزب»، أما النقطة الثانية التي يُعمل عليها بدعم من بكركي، فهي الضغط من أجل فتح أبواب المجلس والقيام بدورات متتالية وعدم تعطيل النصاب.
تحاول ماكينات «الثنائي الشيعي» الإيحاء بتحقيقها إنتصاراً، لكن الأرقام أكثر من واضحة وفرص تقدّم مرشح «الثنائي» صعبة، وإلا لما عطّلوا نصاب الدورة الثانية، بل هناك نواب صوّتوا لفرنجية سيتراجعون حتماً بعد لمسهم مدى الرفض الشعبي لخيارهم.