جمهوريتكم إنهارت كل مؤسساتها وأدعياء المحافظة عليها كُثُرْ ولكنهم لا يحملون ذرّة ضمير، وأحلام شبابنا مذبوحة قرابين على مذابح التجيير للغرباء. الفشل في الجمهورية حالياً «ضارب طنابو»، خراب الجمهورية على أيدي من توالوا على السلطة هــو واحـد من أبرز الأمور التي ينبغي الإقرار بها، والأدلّة لا تُحصى، والتفريط بالجمهورية وسيادتها لا يُحدّ، وهــو على ما نراه تنوّع في منظومة سياسية فاشلة مرتهنة عميلة وفشل ثقافي قـلّ نظيره.
في الأدبيات السياسية التي تربينا عليها نعتبر أنّ الدول تنشأ والأوطان تُبنى والشعوب تختار ممثليها وفقاً للأطر الديمقراطية وعملاً بما ورد في مقدمة الدستور الفقرة – د – «الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يُمارسها عبر المؤسسات الدستورية» إنّ ما يحصل في لبنان هو نقيض الدستور والقوانين وشرعة حقوق الإنسان، وإنْ لم يتمّ تدارك الأخطار المحدقة بنا، فلا الدول العربية ولا الدول الغربية ستهتم بنا وبمصير وطننا.
واقعنا ميؤوس منه وبصفتنا باحثين في الشؤون السياسية وناشطين في الشأن العام نغتنم هذه الفرصة في بداية العام 2024 لنحذّر من إنهيار جميع مؤسسات الجمهورية، وإنها ستشهد حالة تفكك شبه مطلق وسط إنقسام سياسي حاد تسبّب في عدم الاتفاق إلى اليوم على إسم رئيس للجمهورية يتشارك مع رئيس للحكومة في إعادة الجمهورية إلى مكانتها المرموقة بين الأمم.
إعلموا جيِّداً أنه لم تعُـد الجمهورية قادرة حتى على تحصيل ضرائبها وسط إضراب موظفي القطاع العام وهذا الأمر يشلُّ عمل العديد من المؤسسات، إضافة إلى ملفات فساد وإتهامات بالتسييس والتشّفي بين المكوّنات السياسية، وفي ظل هذا الواقع بتنا جميعاً عاجـزين عن القيام بأبسط المعاملات كتسجيل سيارة أو عقار، أو الحصول على حقوقنا المشروعة من مصارف الجمهورية…
مبررات التشاؤم بخصوص الأوضاع السياسية – الأمنية – الاقتصادية – المالية – الإجتماعية باتت ظاهرة وهذا يعني أنّ الجمهورية قد تنهار قريباً، وهذا الوضع القائم بقدر ما يحمل في طيّاته من مخاطر جمّة، بقدر ما فيه من فرص لإعادة البناء على أُسُس سليمة.
لا مجـد لشعب في دولة منهارة، ولا مجــد لأي لبناني إلّا في جمهورية قوّية، الجمهورية المنهارة تقتل فرص الحياة، فما بالكم بفرص المجــد، حافظـــوا على الجمهورية وامنحــوها أفعالكم العظيمة يمنحكُم المجــد العزّة والكرامة أينما تكونون وإلّا سيصّح ما قالته السيّدة عائشة في ذاك الزمان.