صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

استقرار “ظاهري” للدولار في لبنان

بقلم : بشير مصطفى - تزداد المخاوف من أثر أية حرب مقبلة في سعر الصرف بعد أن توقفت موقتاً لعبة "السقوط الحر" لليرة

دخلت الليرة اللبنانية مرحلة الاستقرار الظاهري في مواجهة الدولار الأميركي، إذ انتقلت من مرحلة “السقوط الحر” إلى الثبات النسبي عند مستوى 90 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد مقارنة بـ1500 ليرة في المرحلة ما بين 1992-2019 التي تباينت وجهات النظر حولها بين من رأى فيها “حقبة ذهبية” لاستقرار سعر الصرف، واتجاه ناقد نظراً إلى الكلفة العالية بسبب التدخل الدائم من قبل البنك المركزي من أجل الحفاظ على ثبات سوق العملات.

وينتظر بدء العمل بمنصة “بلومبيرغ” بعد أن تخلت حاكمية مصرف لبنان بنسختها الجديدة عن “منصة صيرفة” التي استخدمها الحاكم السابق رياض سلامة للتدخل في السوق بين يوليو (تموز) 2021 ويوليو 2023 موعد انتهاء ولايته.

إلى ذلك، ازدادت المخاوف من أثر “حرب الاستنزاف” في الجنوب اللبناني، وحالة القلق الدائم من توسع المواجهات على القطاعات الاقتصادية كافة، وبصورة لاحقة على سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي.

ثبات صوري

تزايدت التساؤلات في الأوساط الشعبية اللبنانية عن الأسباب الكامنة وراء ثبات سعر صرف الدولار، فيما تعيش البلاد حالة من انعدام التوازن السياسي والاقتصادي الناجم عن الفراغ في المؤسسات السياسية، والانهيار الذي طاول القطاعات الإنتاجية، ناهيك بالأخطار الأمنية الدائمة، والوضع العسكري المتفجر على الحدود الجنوبية بفعل الهجمات الإسرائيلية المتزايدة، والانجرار نحو مستنقع المواجهة الإقليمية الشاملة في ظل حرب غزة.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

ولا يستند الثبات الحالي لسوق صرف الدولار إلى أرضية ثابتة، وإصلاحات مالية واقتصادية حكومية، وترشيق القطاع العام، أو إلى تحسن في المؤشرات الاقتصادية والنمو في الدخل القومي، أو ارتفاع في احتياط النقد الأجنبي في لبنان، وغيرها من الإصلاحات التي يطالب فيها صندوق النقد الدولي، لذلك يمكن وضعه في خانة الثبات الصوري والموقت الذي يمكن أن يتغير عند أول محك حقيقي.

تلاحظ المتخصصة في الاقتصاد النقدي ليال منصور اكتساح “ظاهرة الدولرة” للتعاملات في لبنان، حيث “يجتمع في لبنان بلدان مختلفان، بلد أول بات يتعامل بصورة كاملة بالدولار الأميركي، فيما يشكل البلد الثاني موظفي القطاع العام، أي العسكر والكوادر الإدارية الرسمية الذين ما زالت ترتبط أجورهم حصراً بالليرة اللبنانية”، لذلك فإن وطأة انهيار العملة اللبنانية كانت شديدة على القطاع العام اللبناني، فيما تكيف القطاع الخاص مع ظاهرة الدولرة واستعاد شيئاً من توازنه.

دوامة الليرة

يمكن التحقق من صحة هذه الفرضية على أرض الواقع، حيث فرضت “الدولرة” نفسها على جميع النشاطات الاقتصادية، ولم ينج منها أي قطاع من القطاعات سواء كان الطبابة والاستشفاء، أو المحروقات، والتسعير في السوبرماركت والأسواق، والذي اكتسب شرعيته من قرارات وتعاميم صادرة عن وزارة الاقتصاد الوطني، وغيرها من الأنشطة، كما فطنت الحكومة اللبنانية، ووزارة المالية إلى ذلك، فقرنت الرسوم الجمركية بالدولار الجمركي، كما اعترف مشروع موازنة 2024 بهذه الظاهرة، والتي تضمنت بنوداً صريحة تجيز للحكومة اقتطاع بعض الرسوم والضرائب بالدولار الأميركي، وليس بالعملة الوطنية، مما شكل سابقة على مستوى الدول. كما أسهمت استراتيجية مصرف لبنان إلى حد كبير في الحفاظ على استقرار الدولار بعد وقف العمل بمنصة صيرفة التي أسهمت في تشجيع المضاربة، عندما استخدمها بعض المستفيدين لتأمين بعض المكاسب، فقد أعلن المجلس المركزي برئاسة الحاكم بالإنابة وسيم منصوري وقف تمويل الدولة والقطاع العام، وعدم صرف أية مبالغ إضافية من الاحتياط الإلزامي. في المقابل بدأت عملية “تقنين” طبع الليرة اللبنانية، وجعلها ضمن الحدود الدنيا لعدم تسريع التضخم.

وتجزم ليال منصور بأن “سياسة البنك المركزي الحالية تشبه إلى حد بعيد نظام مجلس النقد Currency Board”، حيث يحدد حجم الاقتصاد بكمية المداخيل التي تمتلكها الدولة، أو تلك التي تحققها من طريق الرسوم التي تتقاضاها لقاء الخدمات، أو المطار، والكهرباء التي ارتفعت تسعيرتها وفق صيرفة 20 في المئة إضافية، من دون أن نتجاهل الأثر الإيجابي للدولار الاغترابي الذي ما زال يؤمن الصمود للمواطنين المقيمين.

توقف الدولة عن السداد

في المقابل تنبه ليال منصور إلى عامل أساس يؤثر في الاستقرار الموقت لسعر صرف الدولار، ألا وهو “عدم قيام الدولة اللبنانية بسداد أي من التزاماتها المالية، وديونها الداخلية والخارجية، كما أنها توقفت عن دفع أية أموال لتحسين البنى التحتية أو القطاعات الإنتاجية”.

وتصر منصور على أن “الاستقرار موقت” لأن الأمور ستعود لسابق عهدها ضمن مسارها الهبوطي في ظل المؤشرات السلبية، وذلك ما إن تعود الدولة إلى تزخيم نشاطها على مستوى الإنفاق، أو اضطرارها إلى دفع بعض الأموال لأسباب خارجة عن إرادتها وسياستها الحالية على سبيل المثال تأمين بعض النفقات لتأمين بعض الخدمات الصحية، أو إصلاح الطرقات أو الكهرباء، أو تأمين مشتريات لصالح مؤسساتها، أو حتى نفقات الصيانة”، وهذا الأمر بالفعل ملاحظ في النشاط اليومي للإدارات العامة التي تفتقر إلى الحد الأدنى من التجهيزات، حيث تفتقر إلى الأوراق والقرطاسية، وكذلك لخدمات المياه والنظافة، معللة موقفها بأن “هناك مبلغاً محدداً تصرفه الدولة على القطاع العام، ويقوم بحركة دائرية ضمن الاقتصاد”.

وتصف منصور سلوك الدولة اللبنانية بـ”من يتعامل وكأنه يبدأ من الصفر”، فيما عليها كثير من الأعباء ستضطر عاجلاً أم آجلاً إلى التعاطي معها، لأنه “لا يمكنها التهرب من مسؤولياتها إلى الأبد”، ولا يخفى على أحد حجم الديون والقروض المترتبة عليها، إضافة إلى تحديد المسؤولية عن خسائر المودعين في المصارف التجارية، مضيفة “عند التدقيق في الصورة الكلية، يتضح أن قيمة الدولار الحقيقية مقابل الليرة اللبنانية هي أكثر من 90 ألف ليرة لبنانية – سعر الصرف الحالي – وعندها سيظهر وفق قانون السوق الحرة”.

خطة الطوارئ

في موازاة ذلك، بدأت التساؤلات عن إمكانات الدولة اللبنانية لتمويل خطة الطوارئ لمواجهة أي هجوم إسرائيلي عنيف على لبنان، حيث حددت الخطة ثلاثة مصادر للتمويل من الدولة اللبنانية، والدول المانحة، والهبات.

وتتخوف منصور من أثر أية حرب جديدة على الاقتصاد والمجتمع، وكامل بنيان الدولة اللبنانية، لأنها “لا تمتلك القدرة على الدخول في أي صراع مسلح، في ظل غضب الخارج ضد لبنان”.

من جهة أخرى، وجه النواب أسامة سعد وملحم خلف وبولا يعقوبيان وياسين ياسين وشربل مسعد سؤالاً إلى الحكومة في شأن خطتها لمواجهة أي عدوان محتمل على لبنان، حيث طلبوا توضيحات حول الخطط، والتدريب، والإرشادات، إضافة إلى “من سيؤمن كلفة معالجة الجرحى في المستشفيات؟”، و”هل تم تأمين المستلزمات الطبية لفترة ثلاثة أشهر من تاريخ أي عدوان محتمل؟ وهل تم تأمين أدوية الأمراض المستعصية لهذه الفترة؟”. كما وجهوا سؤالاً حول الاحتياط الاستراتيجي من الطحين والمحروقات ومراكز الإيواء ومصادر تأمين التمويل وآلية السيطرة على سعر الصرف، و”في حال ارتفع سعر الصرف، كيف يمكن ضبط ارتفاع سعر المحروقات وسعر السلع؟”.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading