فالقمر، بدوراته المختلفة، كان المحور الذي بنى عليه التشكيلة حسبما قال. مرة من خلال موتيفات خفيفة تجلَّت في أزياء بالأبيض تتخللها نقاط سوداء، ومرة من خلال تطريزات نفذتها أيادٍ متمكنة. لكن دائماً ببصمة إيلي صعب التي تحوِّل الحلم إلى واقع مفعم بالشاعرية. الجميل في المشهد أن القمر كان مجازياً أو مجرد فكرة لم يُغرق في تفاصيلها فيستنزفها أو يطبِقها حرفياً.
مع توالي الإطلالات، تشعر بأن القمر لم يكن الوجهة بقدر ما كان مجازاً انطلق منه لبناء تصاميم مفصَّلة للنهار ومنسدلة للمساء والسهرة. هو نفسه صرّح بعد العرض: «يهمني أن أصمّم أزياء تروق للمرأة». ويبدو أن هذه المرأة تبحث عن الشمس وتريد الغوص في أعماق البحار أكثر من السفر إلى القمر؛ فالمجموعة الموجَّهة للنهار كانت تستحضر بألوانها وانطلاقها أجواء المنتجعات الصيفية، مثل مونتي كارلو التي افتتح فيها محلاً خاصاً منذ فترة قصيرة والريفييرا الفرنسية.
تلوَّنت بدرجات المرجان واللازورد والأصفر والأبيض. لا يُخفي المصمم أنها تأخذ بعين الاعتبار كل المناسبات، خصوصاً «أحواض السباحة المتلألئة والعاكسة للضوء».
فإلى جانب تايورات مكونة من جاكيتات وتنورات مستقيمة أو ببليسيهات أو من التول، كانت هناك قطع كثيرة، مثل «جامبسوت» بأقمشة ناعمة وأخرى من الدينم القطني تناسب رحلات السافاري، وفساتين سهرة منسدلة، بعضها بفتحات عالية تكاد تصل إلى الخصر في بعض الفساتين.
يمتزج فيها التول المطرَّز مع الدانتيل والكورسيهات الشفافة مع قمصان مخرمة باللون الأبيض. أما الجانب الواقعي، فترجمه إيلي صعب بطريقته، أي بالارتقاء بأي قطعة موجهة للنهار سواء كانت قميصاً أو تنورة طويلة أو فستاناً بسيطاً إلى قطعة يمكن لفتاة شابة أن تعتمدها في المناسبات المهمة.
تغرب الشمس ويبزغ نور القمر، لكنّك تشعر بأن المصمم استعذب دفء الشمس ودغدغة أشعتها، حيث بقيت الألوان متوهِّجة بالأصفر والأبيض والأخضر والمرجاني. بكل درجاتها الفاتحة والمتوهجة دخلت مناسبات المساء بأنوثة طاغية أنسَتْنا ظلمة الليل. كانت بكل تفاصيلها الشاعرية تُغنّي عن نور القمر. تنساب على الجسم وهي تتزين على الدانتيل أو الحرير بأزهار الأورغانزا من نفس اللون، أو تفرض أحجار السفير والياقوم والسلاسل البلاتينية أشكالها على قفطان أبيض مع «كاب» من الحرير أو على «جامبسات» مطرز.
لم تكن هذه التصاميم موجَّهة لمناسبة واحدة أو وجهة معينة؛ فإيلي صعب عالمي له ما لا يقل عن 5 محلات في الشرق الأوسط، إلى جانب محلات في مونتي كارلو وباريس والولايات المتحدة وغيرها، وبالتالي فهو يتكلم كل لغات العالم. وهذا ما ترجمه في أزياء تناسب جلسات سمر على ضوء القمر أو حفلات مهمة على شاطئ بحر من وجهة نظره الواقعية.