توزع اهتمام لبنان الرسمي والشعبي بين متابعة تطورات التصعيد في قطاع غزة وإسرائيل، وبين ترقب تداعياتها على لبنان ككل انطلاقا من بوابة الجنوب الذي يشهد منذ انطلاق عملية «طوفان الأقصى» مناوشات ومحاولات تسلل تخرق الهدوء الحذر الذي يحرص عليه لبنان الغارق في أزماته المعيشية والسياسية وفي مقدمتها الشغور الرئاسي.
وأجمعت القوى السياسية والرسمية على ضرورة عدم التورط في المواجهة مع إسرائيل، وأكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي تابع الوضع عبر سلسلة من الاتصالات الدولية والعربية والمحلية، على «ان الأولوية هي لحفظ الأمن والاستقرار في جنوب لبنان، واستمرار الهدوء على الخط الأزرق، والالتزام بالقرار 1701، ووقف الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للسيادة اللبنانية جوا وبحرا وبرا، والانسحاب من الأراضي اللبنانية التي لاتزال محتلة».
وقال رئيس الحكومة «ان الاتصالات التي قمت بها أكدت حرص الدول الصديقة والشقيقة على بقاء لبنان في منأى عن تداعيات الوضع المتفجر في الأراضي الفلسطينية، وحمايته».
وجدد ميقاتي التأكيد على «أن تحصين لبنان في وجه التطورات العاصفة يقتضي الإسراع في انتخاب رئيس جديد ووقف التشنجات السياسية القائمة».
وفي الملف الفلسطيني، قال رئيس الحكومة «ان ما يجري داخل الأراضي الفلسطينية هو نتيجة حتمية لنهج العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني ومطالبه المحقة، أما الحل لهذا الصراع المفتوح على الدم فيبدأ بتحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته في الضغط على إسرائيل لحملها على العودة إلى خيار السلام بمرجعياتها المعروفة».
وقد استقبل ميقاتي سفير قطر في لبنان سعود بن عبدالرحمن آل ثاني الذي قال بعد اللقاء «وجهت لدولة الرئيس ميقاتي دعوة لحضور «منتدى الدوحة» الذي سيعقد في 10 و11 ديسمبر المقبل».
من جهته، بحث وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، خلال لقائه مع ميقاتي، الاجتماع الذي ستعقده الجامعة العربية في القاهرة بشأن الأوضاع في غزة وفلسطين، وقال انهما عرضا موضوع النازحين السوريين والزيارة التي سيقوم بها هذا الشهر لسورية، وكذلك لقاؤه المرتقب بنظيره السوري في اجتماع الجامعة العربية في القاهرة.
وردا على سؤال، قال «نحن لا نريد ان يدخل لبنان في الحرب الدائرة، ونسعى لذلك، ويقوم رئيس الحكومة باتصالات كثيرة في هذا الشأن وان شاء الله خيرا، وكل الأطراف الدولية تدعونا أيضا لعدم الدخول في الحرب، وهذا هو موقف لبنان».
وإلى جانب ميقاتي وبوحبيب، كان هناك شبه إجماع بين عدد من النواب والقيادات السياسية على ضرورة إبعاد لبنان عن الحرب الفلسطينية ـ الإسرائيلية، وقال عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب بيار بوعاصي ان حزب الله سيدمر لبنان في حال دخوله معركة غزة، متمنيا على الطبقة السياسية والشعب منع زج لبنان في المعركة القائمة.حتى ان النائب قاسم هاشم الذي اعتبر أن إطلاق صواريخ من جنوب لبنان هو رسالة تضامنية مع الشعب الفلسطيني، لكنه استدرك مؤكدا أن لبنان لا يحتمل أي حرب في ظل الأزمة القائمة، مشددا على أنه لا أحد يريد معركة. بدوره، أكد النائب وضاح الصادق، في تصريح عبر مواقع التواصل الاجتماعي، انه «لا يمكنني أن أبقى حياديا أمام أي معركة يخوضها الفلسطينيون على أرضهم ضد من اغتصبها»، كما أنه «لا يمكنني أيضا أن أكون حياديا أمام استخدام إيران للأراضي العربية والشباب العربي، وقودا في حروبها الخاصة، وهي لم تطلق يوما رصاصة باتجاه إسرائيل، بل استفادت من سلاحها في حربها مع العراق».
وفي الجنوب، قال الجيش الإسرائيلي أمس انه قتل «عددا من المسلحين المشتبه بهم» الذين تسللوا من لبنان، وأعلن تمشيط المنطقة وقصفها بالمروحيات.
وقد أعلن حزب الله اللبناني أنه قام بمهاجمة ثكنة برانيت، وهي مركز قيادة فرقة الجليل، وثكنة أفيفيم، وهي مركز قيادة كتيبة تابعة للواء الغربي شمال إسرائيل، بواسطة الصواريخ الموجهة وقذائف الهاون.
وأضاف في بيان أن ذلك جاء «بعد استشهاد 7 من عناصره نتيجة للاعتداءات الإسرائيلية على البلدات والقرى اللبنانية»، والعدد مرشح للزيادة.
وسارع مسؤول في حزب الله إلى نفي صلته بمحاولة التسلل، وقال مكتبه الإعلامي في بيان مقتضب «لا صحة للمعلومات المتداولة عن اشتباك بين عناصر المقاومة والعدو الإسرائيلي أو أي عملية تسلل إلى الداخل». ولاحقا أعلنت حركة الجهاد الإسلامي في لبنان تبنيها لعملية التسلل من الجنوب. وأوردت الوكالة الوطنية للإعلام أن «قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفت بالمدفعية منطقة الضهيرة الحدودية في القطاع الغربي وصولا إلى بلدات مروحين والبستان والزلوطية».
وقال رئيس بلدية الضهيرة عبدالله الغريب لـ «فرانس برس»: «تعرضت حقول زراعية في أطراف البلدة لقصف مدفعي إسرائيلي كثيف، سبقه دوي رشقات متقطعة»، استمر قرابة ثلاثة أرباع الساعة.