لم تأت هذه التطورات من ضمن فترة التجميد الإلزامية التي تخضع لها المزايدة بعد نشر نتائجها عبر موقع هيئة الشراء العام. وإنما نتيجة لإعتراض تقدمت به شركة VIP PARKING CONTROL، صاحبة ثاني أعلى عرض مالي قدم خلال المزايدة الأخيرة.
سبع شركات كانت قد شاركت في هذه المزايدة، قبلت عروضها الفنية في المرحلة الأولى من فض العروض على رغم ما شاب بعضها من عيوب. ليتبين أنّ عرض POS المالي كان الأعلى بينها. إذ قدمت الشركة عرضاً بمليونين و866 ألف دولار بعد إحتساب ضريبة القيمة المضافة الـTVA، بمقابل عرض VIP الذي بلغ مليونين و525 ألف دولار. والرقم الذي طرحته POS جعل هيئة الشراء العام تتوقف عنده خلال إعداد توصيتها التي قضت بإلغاء المزايدة. إذ تبين لها من خلال دراسة الملفات المحالة إليها، بأنّ وزارة الاشغال حددت سعر الإفتتاح بـ650 ألف دولار أميركي، بينما ضاعفه العرض الفائز بثلاث مرات ونصف، وسط تباين في الأسعار المقدمة من قبل العارضين. وهذا ما جعل الهيئة تذكّر بطلبها الذي تشدد عليه في كل عملية تلزيم، والقاضي بوجوب أن يكون سعر التخمين الموضوع من الجهة الشارية مبنياً على دراسة جدوى مالية إقتصادية للمشروع. وفي الملف الذي بين أيديها، أوصت بأن يبدأ سعر إفتتاح المزايدة التي ستطلق لاحقاً، بما لا يقل عن سعر العارض الفائز، وذلك ربطاً بدراسة مالية معمقة لعائدات الإستثمار الناشئ عن هذه المواقف.
إذاً أحالت وزارة الاشغال ملف تلزيم مواقف المطار على هيئة الشراء العام، لطلب رأيها حول «إلغاء نتيجتها التي رست على POS، وإمكانية ترسية العقد على العرض الذي يليه»، وذلك بعد إعتراض لشركة VIP على نتيجة التلزيم، ضمّنته طلباً بالتدقيق في المستندات المقدمة من شركة POS، ولا سيما بما يتعلق بحجم أعمالها السنوية، وبتوفر الشروط القانونية المؤهلة لها، وإلتزامها بقانون الشراء العام ودفتر شروط المزايدة.
وكان لافتاً أن تطلب الشركة أيضاً ترسية العقد عليها، لكونها بحسب كتاب الإعتراض الذي رفعته إلى وزارة الأشغال، «تلتزم بكل الشروط، ولم تبرز أي مخالفة في عرضها، وهي صاحبة خبرة بإدارة مواقف السيارات منذ خمس سنوات»، بالإضافة الى عدم وجود أي مصلحة للإدارة العامة بإعادة تحضير مزايدة جديدة بعد أن تم الكشف من قبل جميع العارضين عن عروضهم، وأصبحت الأسعار علنية ومعروفة من الجميع.
وضعت وزارة الأشغال هذا الملف، بالإضافة الى الإعتراض الذي وردها من VIP بعهدة لجنة فض العروض. فأعدت الأخيرة رأيها، لترفعه الوزارة مع الملف الاساسي، والإعتراض المقدم الى هيئة الشراء العام التي أوصت بإلغاء نتيجة فوز POS، إنما مع عدم الإستجابة لطلب VIP بالحلول مكانها.
وقد درست الهيئة الملف لناحية أهلية الملتزم المؤقت، وإمتثال التدابير الإجرائية التي إتخذتها لجنة التلزيم لدى الجهة الشارية لقانون الشراء العام، بالإضافة الى توقفها عند إعتراض VIP، وسعر إفتتاح المزايدة. وقد تبين لها بما يتعلق بأهلية POS بأنّ شهادة الأيزو التي قدمتها، والتي وضعت كشرط أساسي من ضمن المؤهلات المطلوبة، تتعلق بتجهيز مواقف السيارات وليس إدارة المواقف، وهذا ما يجعلها غير مؤهلة للمشاركة في المزايدة.
أما بالنسبة لعمل لجنة التلزيم، فقد سجلت الهيئة مخالفتها لمبادئ وأحكام قانون الشراء العام، لناحية مضيها بفض العروض المالية على رغم عدم إكتمال الملفات الفنية لبعض العارضين، ولناحية المس بمبدأ المساواة في المعاملة بين العارضين.
وتوقفت الهيئة في هذا الإطار عند ما تضمنه كتاب إعتراضVIP من شبهات بعلاقات تجارية تربط الجهة الشارية والعارض الرابح. وهذا ما رأت الهيئة أنه يحتاج الى مزيد من التدقيق، وأن ما يقتضي التحقق منه هو «ما إذا كان العارض الرابح قد إستفاد من أفضلية ما، تخوله الإطلاع على معلومات من شأنها أن تشكل ركناً أساسياً يتيح له تحضير عرضه بشكل أفضل من باقي المشتركين.
الأمر الذي قد يشكل ميزة تنافسية غير منصفة للعارض الرابح».
هذا مع العلم أنّ الهيئة رأت وجوب تزويد كل العارضين وبالمساواة بالمعلومات الكافية عن إستثمار مواقف السيارات موضوع المزايدة، بما يسمح لهم بتحضير عروضهم في ضوء معلومات واضحة موضوعة بتصرفهم جميعاً على قدم المساواة.