وتشير المعلومات إلى أن الطرفين يحاولان الخروج بـ “ورقة عمل” مشتركة لتكون بمثابة الخطة رقم (2) لأي مفاجأة قد تحصل على مستوى التوافقات الداخلية أو على المستويين الإقليمي والدولي، إضافة إلى إيداع الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان قبل عودته في سبتمر (أيلول) برنامجاً يسجلان من خلاله نقطة على بقية القوى السياسية التي لا تزال تراوح مكانها منذ زيارته الأخيرة في يوليو (تموز) الماضي، بالتالي بأقل نتيجة يكون الطرفان ظهرا على أنهما يبذلان جهوداً لفتح ثغرة في الجمود القائم.
ويرى متابعون أنه من خلال “الحوار” يكون للطرفين خيار بديل في أيديهما، بينما يبقى الخيار الأول لدى رئيس التيار جبران باسيل الاستمرار بالتقاطع مع أحزاب معارضة على ترشيح جهاد أزعور في وقت يصبح لديه اسم آخر يتقاطع عليه مع “حزب الله”، بينما يستمر الحزب بالتوافق مع حركة أمل على ترشيح سليمان فرنجية.
مسار جانبي
وبحسب المعلومات فتح باسيل عبر وسطاء مسار التفاوض أيضاً مع النواب “الرماديين” والمترددين، بشكل غير معلن، ومنهم تكتل “الاعتدال الوطني” بهدف “تبادل الاقتراحات على أسماء محتملة يمكن التوافق عليها لرئاسة الجمهورية”.
وكان باسيل تحدث عن اتفاق إطار تم التوصل إليه، فقال إن “المطروح مع الحزب ليس تراجعاً أو تنازلاً أو صفقة أو تكويعة، بل عملاً سياسياً، وما تحدثنا عنه هو لكل اللبنانيين وليس للتيار وحده، بدءاً بقانون اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، مروراً بقانون الصندوق الائتماني، اللذين نطلب إقرارهما سلفاً، ووصولاً إلى برنامج العهد الرئاسي المقبل”. وأشار إلى أن “الصندوق الائتماني يحدد ما للدولة من أموال وقدرتها على جذب الاستثمار وهو ملك للدولة اللبنانية 100 في المئة”.
الحزب يوافق على اللامركزية
وفي وقت أعلنت كتلة “الوفاء للمقاومة” (كتلة حزب الله في البرلمان) أن الحوار مع “التيار الوطني الحر” هدفه توحيد المواقف والدفع باتجاه تسهيل إنجاز الاستحقاق الرئاسي، كشف مصدر في “حزب الله” على صلة بملف المفاوضات (طلب عدم الكشف اسمه)، عن تقدم كبير في النقاشات التي تتمحور حول ملفي الرئاسة والإصلاحات، مشيراً إلى أن باسيل طرح على الحزب ثلاثة أسماء هم مدير المخابرات السابق في الجيش اللبناني العميد جورج خوري، ووزير الداخلية السابق زياد بارود، ووزير الثقافة السابق المحامي ناجي البستاني، لافتاً إلى أن الحزب على رغم استمراره بالتمسك بترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، فإنه منفتح على النقاش بتلك الأسماء.
وأكد أن الحزب لا يرفض إقرار تشريعات تتعلق باللامركزية الإدارية، كاشفاً أن النقاش بات متقدماً لناحية توسيع صلاحيات البلديات والمحافظين، وحق البلديات بجباية ضرائب محلية ضمن نطاقها على أن تتمكن من صرفها محلياً لتنفيذ مشاريع تنموية، مشدداً على أن النقطة الخلافية التي لم تحسم بعد، تتعلق بالنسبة العائدة إلى البلديات من الضرائب المركزية مثل الرسوم الجمركية والضرائب على الدخل وأرباح الشركات، لافتاً إلى أن الحزب يقترح ألا تتجاوز 10 في المئة في حين يطالب باسيل بأن تكون بحدود 40 في المئة.
وأشار المصدر ذاته إلى أن “الحزب يرفض بشكل قاطع أي نقاش بلامركزية سياسية أو لامركزية مالية شاملة”، معتبراً “تخصيص حصة مئوية من مداخيل الدولة المركزية لصالح البلديات لا يتناقض مع رفض اللامركزية المالية”، أما عن موضوع الصندوق السيادي لعائدات النفط والغاز، فيعتبر الحزب أنه “موجود في اللجان النيابية وتم الاتفاق على بنوده، بانتظار التوافق عليه وإقراره بعد طرحه للتصويت في جلسة عامة للمجلس النيابي”.
الاستراتيجية الدفاعية
وفي وقت تشير مصادر “التيار الوطني الحر” إلى طرح موضوع الاستراتيجية الدفاعية ضمن النقاش الجاري بين الطرفين، يؤكد مصدر الحزب أن هذا الموضوع غير مطروح حالياً بين الطرفين، مشدداً على أن “طرح المواضيع الاستراتيجية المرتبطة بالمقاومة منفصل عن الحوار الثنائي، وأنه لا يمكن طرحه قبل انتخاب رئيس للجمهورية”. إلا أن عضو “الجبهة السيادية” إيلي محفوض، يشير إلى أن “التيار الوطني الحر” لم يخرج من حلفه الاستراتيجي مع “حزب الله”، معتبراً أن الخلاف محصور فقط على طرح اسم سليمان فرنجية للرئاسة والمحاصصة السياسية في المؤسسات العامة، معتبراً أن “باسيل لا يعارض الدور الإقليمي للحزب ولا يقف ضد سلاحه طالما يتلطى خلفه ويؤمن له التوازن بوجه خصومه”.
الاستمرار بالتقاطع
من ناحيته، أكد النائب جورج عطالله، الذي يتولى الحوار نيابة عن “التيار الوطني الحر” مع حزب “القوات اللبنانية” وبقية أطراف المعارضة، أن “الموقف الرسمي للتيار مستمر بالتقاطع مع المعارضة على اسم مدير إدارة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور”، مشدداً على أن “الحوار مع “حزب الله” لن يكون بهدف الاصطفاف إلى جانبه في وجه المعارضة، إنما لفتح نقاش في شأن إمكان التوافق على اسم بين جميع القوى السياسية اللبنانية”.
وكشف عطالله أن “التقاطع مع المعارضة لا يزال موجوداً وقوياً وهو لم يتجاوز اسم رئيس الجمهورية، لكنه يسير نحو التطوير بلقاءات والانتقال إلى مرحلة أخرى، معلناً أن “غالبية قوى المعارضة التي اجتمعنا معها وبنسب ساحقة، أكدت أهمية حوار التيار مع الحزب وضرورة استمرار التواصل مع الفريق الآخر. ونحن لا نسعى لنكون بيضة القبان، بل نكرس تياراً فريداً وقادراً على التواصل مع الجميع”.
وشدد عطالله على أن “المدخل الأساس لتطوير النظام يكون عبر اللامركزية”، مشيراً إلى أنها طرحت في اللجان النيابية، لكن الطرف “الشيعي” كان غير موافق عليها، وأن “أحد أسباب الرفض هو وجود فئة تعيش على حساب فئة أخرى”.
الحسم عند “بري”
من جهة ثانية، اعتبر الكاتب السياسي، ماهر الخطيب، أن نجاح الحوار بين “التيار” و”حزب الله”، مرهون بأمور عدة ضمنها “القدرة على تأمين غطاء إقليمي ودولي لأي اتفاق، وهو ما يزال صعباً في حالة سليمان فرنجية”. ورأى أن “حسم نتائج هذا الحوار يقع بيد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، على اعتبار أن الدور الذي يستطيع أن يلعبه في تحقيق المطالب في حال كان موافقاً عليها أيضاً، أكبر من ذلك الذي من الممكن أن يقوم به “حزب الله”، لا سيما وأن الأمر يتطلب إقرار بعض القوانين في البرلمان”. وأضاف أن “الجميع يدرك ما يتمتع به بري من قدرات في هذا المجال، إلى جانب قدرته على إقناع بعض الفرقاء الآخرين بالسير بها أيضاً”. وزاد أنه “في حال مراهنة باسيل على فك ارتباط الثنائي الشيعي في الاستحقاق الرئاسي، لن يصل الحوار إلى أي نتائج”، لافتاً إلى أنه “للتوصل إلى نتائج عملية لا يمكن تجاور رئيس البرلمان، حتى ولو كان ذلك بصورة غير مباشرة”.
اللامركزية في المجلس
بدوره شكك الكاتب السياسي جورج شاهين في أن يسير “حزب الله” بما يطرحه باسيل في ما يخص اللامركزية الإدارية الموسعة، “على رغم أنه من المنطق أن يقبل به على أساس أن الحزب سبق الجميع إلى تطبيق اللامركزية الإدارية عبر مؤسساته كافة”. وذكّر شاهين أن “الفضل في هذا المشروع ليس لباسيل، ومن قام بذلك هو الرئيس السابق ميشال سليمان، الذي شكل لجنة نيابية عملت على هذا الملف لعامين، ومن ثم تم رفع اقتراح قانون اللامركزية إلى مجلس النواب حيث عُرض في عام 2017 على النقاش ولم يتم التصويت عليه.