في عالم كرة السلة اللبنانية، لم يعد الحديث عن المباريات يقتصر على الأداء الفني والنتائج فقط، بل تخطى ذلك ليشمل جماهيراً مميزة أضحت جزءاً لا يتجزأ من اللعبة نفسها. بالجنون، الشغف، العشق، والالتزام، وصف متابعو الدوري اللبناني مجموعة “ألتراس” نادي الحكمة التي جذبت الأنظار منذ تأسيسها حديثًا، إذ أصبحت حدثاً مرتقباً قبل كل مباراة وأضافت نكهة خصوصاً بطريقة تشجيعها وتميّزت بوضع بصمتها على المدرّجات. ما معنى “الألتراس” وكيف وصلت إلى نادي الحكمة؟
“ألتراس” الحكمة هي أول مجموعة في لبنان تطبق مبادئ “الألتراس” العالمية. هذه الفكرة التي بدأت سنة 2022، أصبحت اليوم تضم أكثر من 1000 شخص، وعلى مبدأ “طول ما الحكمة عم تلعب نحنا بالملعب” رافق “الألتراس” فريقهم من لبنان إلى دبي، ثم قطر، لم يتركوا فريقهم هذه السنة على الرغم من كل المراحل الصعبة التي مرَّ بها.
تُعرّف المجموعة عن نفسها بأنها جزء من جمهور اختار نادي الحكمة ليكون الأولوية في حياته، حيث يضحّون بكل شيء من أجل دعم الفريق. يؤكدون دائماً على مبدأ إنكار الذات، إذ تُنسب جميع الأنشطة واللوحات إلى المجموعة ككل وليس إلى أفراد بعينهم. وإثباتاً لذلك، وعلى الرغم من مرور ثلاث سنوات على تأسيسهم، لا أحد يعرف من يقود المجموعة ومن هم الأشخاص الذين ينظمّون عملها، ما يعكس عدم وجود أهداف شخصية أو مصالح، بل ولاء مطلق للراية الخضراء.
على المدرّجات، عشقهم للّعبة يظهر بشكل واضح، فلا راحة أو استسلام خلال المباريات ولمدة 40 دقيقة وحتى الرمق الأخير. يمارسون كل أنواع الضغط الجماهيري ليساعدوا فريقهم على تحقيق الفوز. وباعتراف الفرق المنافسة لفريق الحكمة، اللعب مع وجود هكذا أفراد على مدرّج يُصعّب الأمور كثيراً.
“ما بتقدر تمحينا.. على حب الحكمة ربينا.. روح الشويري فينا”. على ضوء هذه الهتافات تميّزت مجموعة “الألتراس” هذه السنة بتأليف هتافات خاصة لها، وأناشيد تردّدها في الملعب، كما وصدرت أغنية خاصة لها تحمل اسم “الحكمة وبس”. جعل “الألتراس” كل مباراة مسرحاً لتقديم لوحاتهم وأفكارهم وشغفهم للعالم أجمع، هم يؤكدون أن تفاعل الناس كبير جداً معهم، وهذا ينعكس على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي التي تعتبر من أكبر الصفحات الرياضية في لبنان.
مجموعة “الألتراس” وعدت بالكثير من المفاجآت للموسم المقبل (2024-2025)، وأكدت أن ورش العمل لم تتوقف منذ انتهاء الموسم الماضي. يقول “الألتراس”: “هدفنا هو تمثيل نادي الحكمة بأجمل صورة ممكنة، والارتقاء بمعاييرنا، وتقديم أفكار جديدة لأول مرة في لبنان”. هم يأملون أن يجعلوا اسم “ألتراس الحكمة” ينتشر أكثر في الوطن العربي، وأن ينافس أكبر مجموعات “الألتراس” عالميًا، حيث يرون أنه لا منافسة حقيقية على الساحة المحلية.
تاريخياً، ظهرت أولى مجموعات “الألتراس” في البرازيل في أربعينيات القرن الماضي، قبل أن تنتشر هذه الظاهرة في أوروبا، خصوصاً في إيطاليا، في خمسينيات القرن ذاته. كلمة “ألتراس” مستمدة من اللاتينية وتعني “الفائق أو المتجاوز للحدود”، وهي تعكس بشكل كبير الانتماء والولاء الشديدين اللذين يميّزان هذه المجموعات تجاه فرقها. تتَّسم هذه المجموعات بشعاراتها الخاصة، وملابسها الموحّدة، واستخدام الألعاب النارية، فضلاً عن ابتكارها لهتافات وأناشيد داعمة، وتصميم “الدخلات” التي تحمل رسائل واضحة.