تعتبر المنطقة العربية من المناطقة “المتوسطة” من ناحية النشاط الزلزالي، لكن يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة لصد التهديدات التي تخلقها هذه الزلازل بها، وفق تصريحات خبير تحدث مع موقع الحرة.
وشرح الدكتور صلاح محمود، الرئيس الأسبق للمعهد القومي المصري للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية الأحزمة الزلزالية التي تتأثر بها المنطقة، ومن بينها المنطقة التي تعرضت لزلزال الجمعة في المغرب، الذى دفع بالسكان إلى الخروج للشوارع.
وبلغت قوة الزلزال الأخير 6.8 درجة على مقياس ريختر، ومركزه كان جنوب غرب مدينة مراكش السياحية، على بعد 320 كلم جنوب العاصمة الرباط، وفق المعهد الجيولوجي الأميركي.
ويشرح محمود أن أكثر المناطق النشطة زلزاليا، وأشدها قوة، هي المناطق المحيطة بـ”الحلقة النارية”، التي تشمل غرب الأميركيتين واليابان والفلبين وإندونيسيا، حيث تقع فيها زلزال مدمرة، مثل زلزال إندونيسيا عام 2004، وكانت قوته 9 درجات بمقياس ريختر، وأدى لمقتل نحو 200 ألف.
ويشير الرئيس الأسبق للمعهد القومي المصري للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في تصريحاته إلى أنه بالنسبة للمنطقة العربية، هناك حزام البحر الأحمر وخليج العقبة الذي يتجه شمالا إلى الأردن والأراضي الفلسطينية وسوريا ويتقابل مع شرق الأناضول وهو ما تسبب في وقوع زلزال فبراير الماضي في تركيا، الذي نتجت عنه خسائر كبيرة في المنطقة لأنه كان بمنطقة مأهولة في السكان.
وهناك حزام منطقة البحر الأبيض المتوسط، الذي يبدأ شرقا من جنوب غرب تركيا وقبرص ويمتد غربا إلى أن يصل إلى المغرب، مرروا بمصر وليبيا والجزائر. وتحدث الزلالزل في المنطقة نتيجة تقارب حركة القارة الأفريقية مع حركة القارة الأوروبية بمعدل حوالي 1 سنتيمتر سنويا، ويسبب زلازل في جميع المناطق المطلة على الحزام وهي عميقة جدا في دول مثل قبرص وجنوب غرب تركيا واليونان وإيطاليا والجزائر.
وتسببت الزلازل تاريخيا بأضرار واسعة النطاق في وسط وجنوب اليونان وقبرص وصقلية وكريت ودلتا النيل وشمال ليبيا وجبال الأطلس في شمال أفريقيا، وفق هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
ورغم أن معدلات الزلازل منخفضة نسبيا على طول الحافة الشمالية للقارة الأفريقية، فقد تم تسجيل زلازل مدمرة كبيرة من المغرب في غرب البحر الأبيض المتوسط، إلى البحر الميت في شرق البحر الأبيض المتوسط، وفق الهيئة. وكان الزلزال الذي ضرب مدينة الشلف، شمالي الجزائر، في أكتوبر عام 1980، من بين أحد أكبر الزلازل وأكثرها تدميرا في أفريقيا خلال القرن العشرين، وفق الهيئة.
ويشير الخبير المصري إلى حزام يقع في غرب المغرب مع المحيط الأطلسي ويؤثر على المغرب وموريتانيا والسنغال ومناطق أخرى، وقد نتج عنه زلزال أكادير في فبراير من عام 1960، بقوة 5.7 درجة على مقياس ريختر، مخلفا 15 ألف قتيل (أكثر من ثلث السكان في ذلك الوقت)، وتشريد 35 ألف نسمة، بالإضافة إلى خسائر مادية قدرت آنذاك بـ290 مليون دولار.
ويشير الخبير إلى أن زلزال أكادير كان أقل قوة من الزلزال الأخير، إلا أنه بسبب أن مركزه كان أكادير المأهولة فقد أدى لمقتل عدد كبير من الأشخاص.
ويوضح أن الزلزال الأخير حدث في صدع يبدأ من أكادير ويتجه شمالا شرقا مرورا بالحدود الجزائرية المغربية وينتهي في تونس على البحر المتوسط، وهو صدع نشيط في جبال أطلس ويسبب حركة وضغوطا وتجميعا للطاقة ويحدث زلازل من حين لآخر.
ويوضح أن الزلزال الأخير في منطقة جبال أطلس بالمغرب “حدث كبير” لأنه “منذ عام 1960 لم تحدث زلازل، مما أدى لتجمع الطاقة فحدث هذا الزلزال الكبير، ولو كانت هناك زلازل صغيرة على فترات متكررة لكانت الطاقة نفذت وما حدث زلزال بهذا القوة”.
وقالت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إن زلزال، الجمعة، كان “قويا بشكل غير عادي” بالنسبة لهذه المنطقة المغربية. وأن “الزلازل بهذا الحجم في المنطقة غير شائعة، لكنها ليست غير متوقعة”.
وأضافت: “منذ عام 1900، لم تكن هناك زلازل بقوة 6 درجات على مقياس ريختر وأكبر في نطاق 500 كيلومتر من هذا الزلزال. كما لم تقع سوى 9 زلازل بقوة 5 درجات وأكبر” خلال الفترة عينها.
وأكد جاد القاضي، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية الحالي في تصريحات تلفزيونية، أن النشاط الزلزالي الذي شهدته المغرب كان متوقعا وأن المنطقة التي وقع فيها الزلزال منطقة نشطة زلزاليا.
وقال صلاح محمود، في تصريحات سابقة لموقع الحرة، إن كل المناطق المطلة على البحر المتوسط عرضة للزلازل، لكنه أوضح أنه مقارنة بمناطق الزلازل الشهيرة في العالم، يعتبر النشاط في المنطقة متوسطا.
ضرورة التعايش
ويقول محمود: “يجب أن تتعايش المنطقة مع الظاهرة من خلال تبني قواعد البناء الهندسي التي تتوافق مع الزلازل، حتى نقلل من الأخطار التي قد تنجم عنها”.
وقالت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، إن سكان المنطقة “معرضون للخطر بسبب نوعية المباني السائدة فيها”.
وعلى الرغم من وجود بعض المباني المقاومة للهزات، فإن هناك الكثير منها عرضة للخطر، لاسيما أنها مبنية من الطوب الطيني غير المسلح، طبقا وفقا للهيئة.
وأوضح القاضي، في تصريحات أن المنازل في المنطقة التي تعرضت للزلزال تتألف أساسا من دورين أو ثلاثة أدوار على الأكثر وبنيت بشكل رئيسي من الطوب اللبن، مما يعني أن عدد الضحايا قد يرتفع، منوها إلى الجانب الإيجابي هو أن معظم المنطقة مناطق جبلية وعدد السكان فيها قليل.
وفي تصريحات سابقة أعقبت زلزال تركيا الأخير، تحدث مصدوق التاج، أستاذ الجيولوجيا التركيبية وعلم الزلازل في الجامعة الهاشمية، عن مؤشرات لوقوع زلزال مدمر تفوق قوته 6 درجات في المنطقة المحيطة بالأردن، التي تؤشر بأنه بحدود كل 100 عام تتعرض المنطقة لزلزال يحدث ضررا كبيرا وأن آخر زلزال ضرب صفيحة غور الأردن كان في عام 1927
ويشير تقرير البنك الدولي عن الكوارث الطبيعية في المنطقة العربية إلى أن الزلازل ضمن الكوارث الآخذة في الزيادة. وقال إن الزلازل تأتي في المرتبة الثانية من الكوارث الأكثر انتشارا في المنطقة، ولكنها تتساوى مع السيول والفيضانات بحجم الأضرار التي تخلفها.
وفي حين أن عدد الكوارث الطبيعية في مختلف أنحاء العالم قد تضاعف تقريبا منذ عام 1980، فإنه وصل إلى ثلاثة أضعاف تقريبا في المنطقة العربية، وفق التقرير.
وذكر أن سرعة التوسع الحضري وشح المياه وتغير المناخ أدى إلى تفاقم آثار الكوارث الطبيعية وخلق تحديات جديدة أمام التنمية في المنطقة.
وقال: “تترك الكوارث آثارا قوية على المدن، لاسيما في التجمعات السكنية العشوائية التي تكون غالبا الأكثر عرضة للخطر. ويعيش 62 في المئة من مجموع سكان المنطقة في المدن، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم بحلول عام 2040. وستتزايد المجمعات العشوائية وتنمو جنبا إلى جنب مع المدن، مما سيترك المزيد والمزيد من الناس عرضة لآثار الكوارث الطبيعية المدمرة”.