وقال باول في تصريحات إن الاحتياطي الفيدرالي “ملتزم تماما بالسعي لتحقيق مستوى التضخم المستهدف عند اثنين في المئة، لكنه حذر من أن ذلك لا يزال أمامه طريق طويل”.
وجاء تعليق رفع معدل الفائدة للمرة الأولى، منذ مارس من عام 2022، بعد رفعه عشر مرات متتالية، وذلك ليمنح نفسه وقتا في مراقبة تحسن الاقتصاد.
وقال الاحتياطي في بيان إن هذا الرفع سيتيح “تقييم المعلومات الإضافية وتداعياتها على السياسة النقدية”.
وقررت لجنة السياسة النقدية في الفيدرالي الأميركي إبقاء معدل الفائدة الرئيسية ضمن هامش 5 إلى 5.25 في المئة.
مهمة “لم تنجز بعد”
رئيس معهد السياسة العالمية، باولو فون شيراك، يرى أن قرار الاحتياطي الفيدرالي الأخير “يأتي بعد حزمة قرارات كثيرة اتخذها من أجل كبح التضخم، ولهذا فهو لا يريد أن يستمر في الرفع بما يحفز توجه الاقتصاد نحو الركود”.
وأوضح في حديث لموقع “الحرة” أن “الاحتياطي الفيدرالي يريد إجراء تقييم شامل للمؤشرات الاقتصادية المختلفة، إذ أن الاستمرار بمعدلات مرتفعة للفائدة يؤدي إلى زيادة تكاليف الاقتراض على الشركات والأفراد”، ولكن هذا “لا يعني بالضرورة أن معدلات التضخم انخفضت إلى المستوى الذي يرغب فيها الفيدرالي والتي هي أقل من نصف المعدلات الحالية”.
وأكد شيراك أن “الفيدرالي أنجز الكثير، ولكن المهمة لم تُنجز بعد”.
واجتمعت لجنة السياسة النقدية في الاحتياطي الفيدرالي، الثلاثاء، بعد نشر آخر أرقام التضخم والتي أظهرت تباطؤا في الزيادة الحادة بأسعار الاستهلاك، في مايو، إلى 4 في المئة بوتيرة سنوية، مقابل 7.9 في المئة خلال الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوياتها، منذ مارس من عام 2021.
وبات التضخم أدنى بمرتين منه، في يونيو من عام 2022، عندما بلغ ذروة قدرها 9.1 في المئة.
غير أنه يبقى أعلى بفارق كبير من هدف 2 في المئة الذي حدده الفيدرالي الساعي إلى ضبط فورة الأسعار.
ويعتمد الاحتياطي الفيدرالي مقياسا آخر للتضخم هو مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، الذي تصدر أرقامه لشهر مايو الماضي، في نهاية يونيو الجاري، والذي عاود الارتفاع، في أبريل، ليصل إلى 4.4 في المئة بوتيرة سنوية.
ولا تزال سوق العمل تعاني نقص اليد العاملة رغم تحسن الأوضاع.
وكان استحداث الوظائف، في مايو، أعلى بكثير من التوقعات، لكن معدل البطالة أيضا ازداد أكثر مما كان متوقعا ليصل إلى 3.7 في المئة، وبلغ حجم التسجيل اليومي للحصول على مساعدات البطالة، في مطلع يونيو، أعلى مستوياته منذ أكتوبر من عام 2021.
هل الاقتصاد الأميركي على أعتاب الركود؟
الخبير الاقتصادي الأكاديمي، جيمس هنري، يشرح لموقع “الحرة” أن قرار الاحتياطي الاحتياطي الفيدرالي يعبر عن “تفاعل مع الموجة الأخيرة من البيانات الاقتصادية، والتي تظهر أن التضخم معتدل وأن الاقتصاد يتباطأ إلى حد ما في النهاية”.
وقال هنري، وهو أستاذ محاضر ضمن مساق العدالة الاجتماعية في جامعة ييل، إن المؤشرات الاقتصادية حتى الآن لا تظهر أن “الولايات المتحدة ستتبع بعض الدول الأوروبية في الدخول بمرحلة ركود اقتصادي كامل”، مشيرا إلى أن الركود يعبر عن “نمو اقتصادي سلبي لربعين متتالين”.
ورفعت لجنة السياسة النقدية توقعاتها لنمو إجمالي الناتج المحلي في الولايات المتحدة للعام 2023 إلى 1 في المئة، مقابل 0.4 في المئة في شكل مسبق، في مارس، فيما خفضت بشكل محدود جدا توقعاتها للتضخم إلى 3.2 في المئة مقابل 3.3 في المئة، في مارس.
ويتفق الخبير الاقتصادي شيراك مع الرأي السابق إذ “أنه ليس من الواضح ما إذا كان الاقتصاد الأميركي سيدخل مرحلة الركود من عدمه”، ولكن لا يمكن تجاهل حقيقة أن معدلات أسعار الفائدة تؤثر على “كل الأنشطة الاقتصادية برفع التكاليف”.
ويضيف أن “معدلات أسعار فائدة مرتفعة، تعني بالضرورة زيادة في تكاليف الإقراض وارتفاعا في أسعار شراء السلع والخدمات المختلفة”.
عودة رفع أسعار الفائدة
وأشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي، باول، في توقعاته جديدة إلى أن تكلفة الاقتراض سترتفع على الأرجح بواقع نصف نقطة مئوية أخرى، بنهاية العام الجاري، في ظل ازدياد قوة الاقتصاد عن المتوقع وتثبيط التضخم.
وأضاف أن جميع مسؤولي الفيدرالي تقريبا يتوقعون المزيد من رفع أسعار الفائدة، هذا العام، مشيرا إلى أنه حتى مع عدم اتخاذ المسؤولين قرارا بما سيفعلونه في هذا الصدد خلال الاجتماعات المقبلة، فإن اجتماع اللجنة الاتحادية للسوق المفتوحة لشهر يوليو قد يشهد زيادة أخرى في سعر الفائدة.
وتوقع مسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي معاودة رفع معدل سعر الفائدة، بحلول نهاية عام 2023، إلى ما بين 5.50 و5.75 في المئة. وتوقع أحدهم أن يصل الى ما بين 6 إلى 6.25 في المئة، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
و”لا يوجد ما يمنع من اتخاذ الاحتياطي الفيدرالي قرار رفع أسعار الفائدة قبل نهاية العام، ولكن هذا الأمر تحكمه بضعة عوامل، أبرزها: معدلات التضخم، والتي ترتبط بزيادة أسعار السلع وتكاليف الطاقة بشكل مباشر، وقد تصاحبها زيادات في الأجور”، بحسب شيراك.
وقال إن “التضخم العنيد لا يزال يشكل عاملا مقلقا لاستقرار الاقتصاد الأميركي أمام الاحتياطي الفيدرالي، ولهذا قد يتخذ إجراءات صارمة لمواجهته والتغلب عليه”.
وأظهرت توقعات الاحتياطي الفيدرالي أن معظم صانعي السياسة يرون أنه سيتعين عليهم الاستمرار في تشديد السياسة النقدية.
ويتوقع المسؤولون الآن أن يصل معدل الفائدة إلى 5.6 في المئة هذا العام، مما يعني زيادة أسعار الفائدة مرتين بمقدار 25 نقطة أساس، في عام 2023، ارتفاعا من 5.1 في المئة في التوقعات السابقة لهم، في مارس.
وقال رئيس الخدمات الاستراتيجية شركة “إيه.دي.إس.إس”، سريجان كاتيال، لوكالة رويترز إن “تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة، في مايو، إلى أربعة في المئة أعطى الاحتياطي الفيدرالي ثقة في إيقاف رفع أسعار الفائدة مؤقتا عند نطاق يتراوح بين خمسة في المئة إلى 5.25 في المئة بعد عشر زيادات متتالية في أسعار الفائدة منذ مارس من العام الماضي”.
وأضاف “رغم تواجد دلائل على تجاوز أسوأ الضغوط التضخمية، أوضح مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أن الأسعار قد ترتفع في وقت لاحق من هذا العام، إذا ظل التضخم ثابتا”.