كثفت إسرائيل من هجماتها على أحياء تعتبر راقية في سوريا، كان آخرها الغارات التي شنتها الأربعاء على حي كفرسوسة بالعاصمة دمشق، وتسببت في وقوع قتلى.
وتقول أوساط سورية إن عددا من الأحياء الراقية في العاصمة دمشق ومحافظة حمص تحولت إلى أشبه بمربعات إيرانية، وهو ما يفسر التركيز الإسرائيلي عليها في الفترة الأخيرة.
وخلال شهر واحد قصف الجيش الإسرائيلي ثلاثة أحياء، هي المزة فيلات وشارع الحمرا في حمص وأخيرا حي كفرسوسة.
ونقل التلفزيون الرسمي السوري عن مصدر عسكري الأربعاء قوله إنه “في حوالي الساعة 9:40 صباحا شن العدو الإسرائيلي عدوانا جويا بعدد من الصواريخ من اتجاه الجولان السوري المحتل مستهدفا أحد المباني السكنية في حي كفرسوسة بدمشق”.
وأضاف المصدر “أسفر العدوان عن استشهاد مدنيين اثنين وإصابة آخر بجروح وإلحاق أضرار مادية بالمبنى المستهدف وبعض الأبنية المجاورة”.
وأظهرت صور نشرتها وسائل إعلام رسمية سورية الجانب المتفحم من مبنى متعدد الطوابق. وقال المصدر الأمني إن “الهجوم لم يحقق أهدافه”.
وتضم المنطقة المستهدفة مباني سكنية ومدارس ومراكز ثقافية إيرانية، وتقع بالقرب من مجمع كبير يخضع لحراسة مشددة تستخدمه الأجهزة الأمنية السورية. وجرى استهداف المنطقة في هجوم إسرائيلي في فبراير 2023 أدى إلى مقتل خبراء عسكريين إيرانيين.
وقالت شبكة أخبار الطلاب الإيرانية شبه الرسمية إن الهجوم الإسرائيلي الأخير لم يسفر عن مقتل أيّ مواطنين أو مستشارين عسكريين إيرانيين.
وذكر شاهد عيان بعد ظهر الأربعاء أن دوي انفجار كبير واحد على الأقل سُمع في دمشق، موضحا أن قوة الانفجار هزت نوافذ المنازل. وذكرت إذاعة “شام إف.إم” السورية أن عدة انفجارات سمعت في العاصمة دون تحديد السبب.
وجاء استهداف كفرسوسة بعد أسبوعين من قصف إسرائيلي مماثل استهدف مبنى في شارع الحمرا المعروف وسط مدينة حمص.
ويعتبر شارع الحمرا من الأحياء المشهورة في محافظة حمص، ويضم سلسلة من المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي.
ويرى مراقبون أن قيادات الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الموالية له عمدت إلى الاحتماء بالأحياء السكنية ولاسيما الراقية منها، بعد استهداف إسرائيل لقواعدهم المعروفة خلال السنوات الأخيرة.
وكشفت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية أن قاطني المبنى الذي استهدفته إسرائيل في كفرسوسة هم من عناصر حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني. وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن الأضرار لحقت بالطابقين الرابع والخامس من المبنى المستهدف.
وفي يناير الماضي، استهدف قصف إسرائيلي مبنى في منطقة المزة فيلات غرب دمشق. وأدى القصف إلى مقتل أربعة ضباط إيرانيين من بينهم ضابط استخبارات فيلق القدس في سوريا، صادق أميد زاده، الملقب بالحاج صادق والذي كان برتبة عميد.
وتعد منطقة المزة فيلات الواقعة غرب دمشق واحدة من أرقى مناطق العاصمة، وتضم عددا من السفارات والمقرات الدبلوماسية، إضافة إلى كونها مقر إقامة العديد من الشخصيات الهامة والمسؤولين الحكوميين السوريين والأجانب.
وأرجع الضابط السابق في شعبة الأمن السياسي منير الحريري إقامة الإيرانيين في الأماكن الراقية إلى “الهاجس الأمني”.
واعتبر الحريري في حديث لـ”السورية. نت” أن هذه الأحياء الراقية “أكثر حماية من الناحية الأمنية وأقل استهدافا بسبب تواجد سفارات فيها”، إضافة إلى وجود شخصيات قيادية من النظام في هذه المناطق، ما يجعلها “مربعات أمنية داخل الأحياء”.
وإيران داعم كبير للرئيس بشار الأسد خلال الصراع السوري المستمر منذ قرابة 12 عاما. وأدى دعمها لدمشق وحزب الله اللبناني إلى شن إسرائيل غارات جوية متكررة بهدف كبح قوة إيران العسكرية خارج حدودها.
وتصاعدت وتيرة هذه الهجمات في ظل التوتر الإقليمي المحتدم منذ هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر إذ قُتل أكثر من ستة ضباط في الحرس الثوري الإيراني فيما يشتبه بأنها غارات إسرائيلية على سوريا منذ ديسمبر الماضي.
وقالت مصادر مطلعة لرويترز في وقت سابق من هذا الشهر إن الحرس الثوري قلص انتشار كبار ضباطه في سوريا نتيجة هذه الهجمات ويعتزم زيادة الاعتماد على فصائل شيعية متحالفة معه للحفاظ على نفوذه هناك.
وسعت إيران الداعمة لحركة حماس إلى البقاء خارج الصراع ذاته رغم دعمها الجماعات التي دخلت المعركة من لبنان واليمن والعراق وسوريا في ما يسمى “محور المقاومة” المعادي لإسرائيل والمصالح الأميركية.