بعد 85 عاما من الخدمة الإذاعية ... راديو bbc العريق يسدل الستار على البث الإذاعي التقليدي و ينتقل الى المنصات الرقمية
bbc
Thursday, April 21, 2022
يسدل الستار بعد ظهر يوم الجمعة 27 يناير/ كانون الثاني 2023 على آخر بث لراديو بي بي سي عربي بعد 85 عاما من الخدمة الإذاعية المتميزة.

ففي 3 من يناير 1938 خرجت إذاعة "القسم العربي" في بي بي سي إلى الوجود. ومع توالي السنوات والعقود تألق نجمها في سماء الإعلام العربي المسموع، ودخلت ملايين البيوت العربية، بفضل رصانة برامجها الإخبارية والثقافية والترفيهية، سهرت على إعدادها نخبة من أفضل الصحفيين والمنتجين والمذيعين، ذاع صيت العديد منهم، في الوطن العربي شرقا وغربا.

سيدة المشهد ومدرسة يحتذى بإعلامها

وسرعان ما تطورت خدمة القسم العربي في النصف الثاني من القرن الماضي، حتى أصبحت سيدة المشهد ومدرسة يحتذى بدقة خط تحرير صحافييها في نقل وتحليل وتقديم الخبر في الإعلام الناطق بالعربية. وبعد سنوات معدودة على انطلاقها أضافت بي بي سي عربي لصوتها، الذي أضحى يصدح في كل مكان، مجلات مكتوبة اتسع انتشارها عبر الوطن العربي مثل "المستمع العربي" و"هنا لندن" و"المشاهد السياسي." ولا يزال عشرات، وربما مئات، من مستمعيها يكتنزون نسخا منها حتى اليوم.

وظل القسم العربي في بي بي سي رائدا في مجال الإعلام المسموع حتى بداية القرن الحادي والعشرين عندما بدأ التقدم التكنولوجي - الذي أتاح انتشار استخدامات الكمبيوتر والانترنت، ومتابعة الأخبار عبر القنوات الفضائية التلفزيونية، والتفاعل معها عبر الهواتف النقالة ووسائل التواصل الاجتماعي - يزحف رويدا رويدا لمزاحمة الإعلام المكتوب والمسموع وإزاحتهما عن الصدارة.

زحف تكنولوجي يقصم ظهر الإعلام التقليدي

ولقي هذا الزحف التكنولوجي تجاوبا من فئات عريضة من جمهور القراء والمستمعين والمشاهدين حول العالم، وطرأت تغيرات كبيرة على احتياجاتهم وتنوعت خياراتهم في المنتوج الإعلامي المتاح. ومع توالي السنوات تحول المزيد من مستهلكي المواد الإعلامية صوب المنصات الإخبارية الرقمية. وتم كل ذلك بفضل التقدم التكنولوجي لكن على حساب الإعلام التقليدي المكتوب والمسموع.

وواكبت بي بي سي عربي هذا التحول وانتقلت إلى عصر الوسائط المتعددة، وأصبح موقعها الالكتروني جريدة إلكترونية غنية تنقل محتوى بي بي سي نصاً وصورة وبالفيديو والصوت، كما غدت موادها حاضرة في مواقع التواصل الاجتماعي، يتفاعل معها جمهور عريض عبر الأجهزة الحديثة بأشكالها.

شركات الإعلام تخوض معركة كسر العظام

وفيما تحول التنافس بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد الى ما يشبه معركة كسر العظام للظفر بأكبر عدد من المتابعين، وجدت العديد من الشركات الإعلامية الحكومية والخاصة عبر العالم نفسها أمام تحديات مالية اضطرها إلى الخيار بين احتلال مراتب متدنية من حيث عدد المتابعين أو مواكبة الانتقال الذي أملته تكنولوجيا الإعلام.

قيود ترشيد النفقات

وهذا بالذات هو الوضع الذي وجدت الخدمة العالمية لبي بي سي نفسها فيه خلال السنوات القليلة الماضية. فقد دفع ارتفاع معدلات التضخم وزيادة كلفة التسوية الخاصة برسوم البث المسؤولين إلى خيارات صعبة طالت معظم خدماتها حول العالم. إذ بات يتعين على الخدمة العالمية لبي بي سي توفير 28.5 مليون جنيه إسترليني، كجزء من 500 مليون جنيه إسترليني من النفقات السنوية. وتبين أن ذلك لن يتأتى إلا بإغلاق عدد من إذاعات البث بلغات مختلفة وتقليص عدد الصحفيين والموظفين عبر مختلف أقسام المؤسسة وإعادة استثمار أرصدتها والتوجه بها صوب الرقمية.

خطة تعزيز المحتوى الرقمي

وتجاوبا مع هذه الضغوط وحفاظا على مكانتها بين جمهورها عبر العالم، وسط تنافس إعلامي حاد، وضعت خدمة بي بي سي العالمية خطة أعلنت عنها في سبتمبر الماضي. وقضت الخطة بتسريع وتيرة تحولها صوب المحتوى الرقمي تحت قيادة رقمية جديدة تطور ما تقدمه من محتوى لمتابعيها.

وشملت خطط خدمة بي بي سي العالمية إغلاق البث الإذاعي باللغات العربية والفارسية والقرغيزية والهندية والبنغالية والصينية والإندونيسية والتاميلية والأردية وتحويل سبع لغات أخرى إلى المحتوى الرقمي فقط. وبذلك سيقتصر حوالي نصف عدد الخدمات الـ 41 التابعة لبي بي سي على تقديم محتوى رقمي، علما أن نسبة مشاهدات المحتوى الرقمي للغات الخدمة العالمية تضاعفت وانتقلت من 19% عام 2018 إلى 43% اليوم.

وعشية توقف البث الإذاعي لبي بي سي عربي يقول محمد يحيى رئيس تحرير الوسائط المتعددة "إننا نسعى لمواكبة متابعينا عبر المنصات الرقمية التي يختارونها. ولهذا السبب من الضروري أن نطور عرضنا الصوتي عبر تلك المنصات...

"اعتزاز بالزملاء وامتنان للمستمعين"

ويضيف محمد يحيى "أعتز أيما اعتزاز بكل الزملاء والزميلات الصحفيين الذين انتسبوا للقسم العربي على مدى السنوات وقدموا مواد إعلامية كان لها وقع بالغ وتأثير كبير، وساهموا في استمرار راديو بي بي سي عربي... إني ممتن أيضا للملايين من مستمعينا الذين رافقوا راديو بي بي سي عربي منذ أكثر من ثمانية عقود... هناك حوالي 40 مليون شخص يضعون ثقتهم في بي بي سي عربي أسبوعيا لاستقاء الأخبار... سيبقى التزامنا بتقديم صحافة موضوعية ومستقلة للعالم العربي في صلب أولوياتنا ونحن نستعد لدخول مرحلة مثيرة من التوسع الرقمي.

"توقفنا إذاعيا ومستمرون رقميا"

وفيما يسدل الستار نهائيا على بث راديو بي بي سي عربي ستظل بعض البرامج الإذاعية متاحة لمستمعينا على موقع BBCArabic.com وصفحة "هنا لندن". وسيتولى فريق رقمي جديد مهمة تطوير استراتيجية رقمية مفصلة، تماشيا مع خطة خدمة بي بي سي العالمية والهادفة إلى التركيز على إنتاج محتوى رقمي يرفع من تفاعل متابعينا عبر العالم. وتهدف بي بي سي من كل هذا الى أن تصبح مؤسسة إعلامية رقمية رائدة تقدم خدمات أكبر وأفضل لمتابعيها في الوطن العربي وعبر العالم.

هكذا ودّعت الإذاعة مستمعيها :

اضغط هنا للإستماع الى أوّل بث إذاعي من " هنا لندن بي بي سي " و كلمات الوداع

Friday, January 27, 2023 - إقرأ الخبر من مصدره

تابعوا أخبارنا عبر خدمة : google-news

ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها

Copyright © 2023 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top