الانتخابات النصفية.. أولويات العرب الأميركيين وقوة التأثير
الحرة
Thursday, April 21, 2022
في مدينة دايتون الصغيرة في ولاية أوهايو، يسعى الناشط العربي الأميركي، يوسف الزين، إلى إزالة مخاوف الجالية العربية من التسجيل للتصويت في الانتخابات النصفية المقررة في الثامن من نوفمبر المقبل.
الزين، وهو مهاجر من أصل لبناني يعيش في الولايات المتحدة منذ نحو 40 عاما، يقول إنه يساعد الجالية العربية والمسلمة على المشاركة في الحياة العامة والانتخابات بشكل خاص من أجل زيادة تأثيرها في الحياة السياسية وصنع القرار، وهو ما ينعكس إيجابا على حياتهم ومستقبلهم ومستقبل أولادهم، وفق تصريحاته لموقع "الحرة".
ولا توجد أرقام دقيقة حول عدد أفراد الجالية العربية في الولايات المتحدة، إلا أن المجتمعات العربية عموما أصبحت بشكل متزايد كتلة تصويتية "تحدث فرقا في الانتخابات"، وفق مدير مؤسسة "عرب أميركا"، ديفيد وورن، الذي تحدث مع موقع "الحرة".
ومع ذلك، يقول الزين، وهو مهندس مدني وناشط سياسي ترشح من قبل لمجلس المدارس المحلية في منطقته، إن العرب الأميركيين لا يشاركون بشكل جيد في الانتخابات.
ويقول "المعهد العربي الأميركي"، وهو منظمة غير ربحية، إن عدد السكان العرب الأميركيين في ازدياد.
وفي مسح للمجتمع الأميركي، أجري عام 2011، أفاد مكتب الإحصاء الأميركي بأن هناك ما يقرب من 1.8 مليون عربي أميركي يعيشون داخل الولايات المتحدة، بزيادة نحو 47 في المئة زيادة في حجم السكان من عام 2000.
لكن معهد العربي الأميركي، يعتقد أن إجمالي عدد السكان حوالي 3.7 مليون نسمة.
وبغض النظر عن العدد الدقيق، فإن المجتمع العربي متنوع بشكل كبير، فهم يتحدرون من حوالي 22 دولة بخلفيات دينية وتاريخية وثقافية وسياسية معقدة، وفق المعهد.
ويتركزون في خمسة مناطق، هي منطقة ديترويت/ ديربورن، ولوس أنجليس، ونيويورك/ نيو جيرزي، وشيكاغو، وواشنطن العاصمة، وهم أيضا منتشرون في جميع الولايات الخمسين.
وغالبية العرب الأميركيين هم من مواليد الولايات المتحدة، ولديهم جذور في كل دولة عربية، خاصة في لبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية ومصر والعراق.
ويشير ديفيد في تصريحاته لموقع الحرة إلى أن وجود 4 ملايين أميركي عربي في الولايات المتحدة يمكن أن يحدث فرقا لكن هناك عدد كبير غير مسجلين في الانتخابات.
ويرى أن مدى تأثيرهم يعتمد على المنطقة التي يتحدرون منها، وذلك من ناحية مدى نسبتهم إلى عدد السكان.
وعلى سبيل المثال، استطاع مرشح الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، بيرني ساندرز، الفوز بمقاطعة واين في ميشيغان بفضل أصواتهم.
ويشير الناشط أيضا إلى التأثير الكبير لمدينة ديربورن التي يبلغ عدد سكانها نحو 100 ألف نسمة، نصفهم من العرب.
ويقول إن أصوات العرب الأميركيين في مثل هذه الأماكن يمكن أن تغير نتائج السباقات، خاصة تلك شديدة المنافسة في انتخابات نوفمبر.
وكان المرشح الديمقراطي، عبدالله حمود، وهو من أصول عربية، قد فاز برئاسة بلدية مدينة ديربورن، العام الماضي، وبات أول شخص من أصول عربية يتبوأ هذا المنصب.
وتعتبر منطقة مترو ديترويت من أقدم وأكبر المجتمعات الأميركية المسلمة والعربية.
ولكن على الرغم من هذا التاريخ الطويل، لم يكن لهذه المجتمعات في منطقة مترو ديترويت وجودا كبيرا في الحكومة المحلية قبل أن يتحول الوضع تدريجيا.
وشهدت هذه المدن أيضا نموا اقتصاديا ملحوظا وازدهرت ثقافيا في الثلاثين عاما الماضية بسبب استثمارات المؤسسات العربية الأميركية ورجال الأعمال، وفق سالي هاول، الأستاذة في جامعة ميشيغان في ديربورن ومديرة مركز الدراسات العربية الأميركية.
وتعمل منظمات عربية أميركية، من بينها المعهد العربي الأميركي في العديد من مناطق البلاد على تعبئة الناخبين للتصويت في الانتخابات النصفية من خلال برنامج "Yalla Vote".
لكن ديفيد يشير إلى عزوف عدد كبير من العرب الأميركيين عن التسجيل في الانتخابات، خاصة المهاجرين الجدد.
ويلفت الانتباه إلى أن واحدة من العقبات في فعل ذلك عدم وجود معلومات "دقيقة" عن هوية العرب الأميركيين ووضعهم الاقتصادي والمجتمعات التي يعيشون، كما أن الحكومة الأميركية لا تصنفهم كعرب.
وتصنف الحكومة الفيدرالية رسميا الأشخاص من أصول لبنانية وإيران ومصر ودول أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أنهم من "البيض".
"خشية" من التسجيل
ويشير الناشط من أوهايو، يوسف الزين، في تصريحاته لموقع الحرة إلى أن العديد من أفراد الجالية العربية والمسلمة، خاصة المهاجرين الجدد، يخشون تسجيل أنفسهم، لأن العديد منهم يعتقدون أن "الحكومة ستعرف بيانتهم الشخصية وتلاحقهم".
ويقول إنهم "لديهم تلك المخاوف من السلطة تماما كما في بلدانهم الأصلية، وهو أنه إذا صوتنا في الانتخابات، فإن الحكومة ستلاحقنا" للتصويت لصالح مرشحين بعينهم.
ويشير إلى أن المشكلة أن أبناء هذه الجاليات أنفسهم "هم من يفعلون ذلك من خلال المنابر المختلفة ما يؤدي إلى نشر الخوف" بين المصوتين.
ومع ذلك، يعتبر الزين، الذي حصل على الجنسية الأميركية في عام 1996، أن هذه المخاوف "غير مبررة" ويوضح أنه يصوت منذ حصوله على الجنسية من دون أن يتعرض له أحد بأذى.
ويقول: "لن نسطيع أن نحدث فرقا إذا لم نشارك في هذه الانتخابات، سنخسر كثيرا كمجتماعات أقلية إذا لم نشارك بكثافة".
الديمقراطية
مدير مؤسسة "عرب أميركا" ديفيد وورن، اعتبر القضية الأساسية التي تهم الناخبين العرب في نوفمبر هي "الاحتفاظ بديمقراطيتنا" ويضيف: "نحن نعيش في بلد بغض النظر عن توجهاتنا السياسية، سواء كنت جمهوريا ديمقراطيا. من المهم أن يكون لدينا بلد يقبلنا، ويكون لدينا نفس الشعور بالترحيب، وأن نكون جزءا من فسيفساء النسيج الذي تتكون منه الولايات المتحدة".
ويشير إلى مخاوف لدى الكثير من العرب الأميركيين والمسلمين "بسبب الانقسام الذي نراه في حكومتنا، في المجلس التشريعي والكونغرس وغيره من المؤسسات".
ويعتبر أن يوم الانتخابات سيكون أحد "أهم الأيام في تاريخ أمتنا، لأنه سيكون حقا بمثابة تصويت على ما سيأتي في المستقبل. ونحن قلقون للغاية".
ويعتبر أن قضايا الحقوق المدنية أكثر أهمية من أي قضية أخرى ويقول: "نريد التأكد أننا كأشخاص ملونين من الشرق الأوسط، ومن الشعوب العربية من العالم العربي، سيتم قبولنا في مستقبل هذه الأمة".
أولويات العرب
ويرتب الزين، الناشط من أوهايو، أولويات العرب في هذه الانتخابات بأنها "أولا، الحقوق الواردة في التعديل الأول من الدستور ومن بينها حرية التعبير، ثم حماية حقنا في الوجود وحماية حقوقنا في أعظم دولة في العالم، وثالثا أن نكون قوة مؤثرة لأننا لا نستطيع تغيير الانتخابات إلا إذا اتحدنا".
ويعتبر ديفيد أن القضية الثانية التي تأتي بعد "الحفاظ على الديمقراطية" هي الهجرة، ويقول: "نريد أن نرى هجرة مفتوحة، ولم شمل للعائلات".ويوضح أن "العديد من مواطني الشرق الأوسط يجدون الآن صعوبات في الهجرة، مثل سوريا واليمن".
ويأمل في سياسات هجرة "أكثر انفتاحا، لأن هذا ما يجعل الولايات المتحدة فريدة من نوعها، ومنفتحة على كل شيء دون تحيز".
تنوع سياسي
ويلفت ديفيد إلى التنوع في الآراء السياسية بين أفراد الجالية العربية، مشيرا إلى أن هناك من يصوتون للديمقراطيين وآخرون يصوتون للجمهوريين.
ورغم أن أغلبية الجالية العربية تصوت للديمقراطيين عادة، يتذكر دعم العديد من العرب الأميركيين للرئيس الأسبق، جورج بوش الابن، قبل أن يتحول هذا الدعم.
ويشير الزين، من ناحيته، إلى أن العرب، سواء المسلمين أو المسيحيين عموما، لديهم مشكلة هي الحكم على المرشحين استنادا إلى مواقفهم من "قضية واحدة" مثل المثلية والإجهاض.
ويشير إلى أن العديد من أفراد الجالية المسلمة "أصبحوا منفتحين على هذه القضية باعتبار أنها لا يجب أن تكون الفيصل في الحكم على المرشح، حتى لو كانت تخالف توجهاتهم الدينية"، ويقول: "كما نطالب بحقوقنا كأقليات لا يجب أن نبطل حقوق الغير".
ويقول إن العديد من العرب المسيحيين أيضا يصوتون للمرشح الذي يدافع فقط عن الإجهاض، ولا يهتمون بقضايا أخرى، وعلى سبيل المثال، صوتوا لترامب رغم موقفه من المهاجرين.
وقال الناشط: "يجب أن نكون منفتحين في مثل هذه القضايا، وإلا لن نكون قادرين على التصويت لأي شخص، وهو ما يؤثر على الجالية ككل".
ويرى الناشط أن العرب يستطيعون أن "يحدثوا فرقا لو صوتا ضد مرشح تيم ريان، الذي ينافس على مقعد بمجلس الشيوخ في أوهايو ضد مرشح "معاد للمهاجرين".
الاقتصاد
ويقول ديفيد إن هناك اختلافا في توجهات العرب الأميركيين في القضايا الاقتصادية، فهناك من هم مع سياسة مالية أكثر تحفظا، وهو توجه جمهوري يؤيده العديد من رواد الأعمال العرب، وهم نسبتهم كبيرة بين أبناء الجالية.
وهناك من يتبنى سياسيات الديمقراطيين الاقتصادية "لكنني أعتقد أنه بالنسبة للجزء الأكبر، ستجد أن معظم العرب الأميركيين يصوتون أكثر للديمقراطيين"، وفق ديفيد.
وهذا لا يرجع إلى أن "الجمهوريين سيئين، ولكن بسبب زيادة الانقسام وبسبب الشعور بعدم الترحيب والحملة التي يشنها بعض الجمهوريين ضد المهاجرين، وليس جميعهم بالطبع".
ويعتقد أن قضية "الديمقراطية" هي "الأكثر أهمية" الآن لدى هذه الفئة، أكثر من الاقتصاد، لأنه "ما فائدة أن تعيش في مجتمع مزدهر من دون حقوق".
ويتفق الناشط، يوسف الزين، على ذلك، مشيرا إلى أن الجالية العربية من "أنجح الفئات" في المجتمع الأميركي، والقضايا الاقتصادية لا تهمهم بقدر ما تهمهم القضايا الأخرى التي تتعلق بحقوقهم المدنية كأقليات.
ويرى ديفيد أن رواد الأعمال من العرب الأميركيين أصبحوا أكثر تأثيرا في المجتمعات، فهم يساهمون ماديا في الحملات، ما يعني مشاركتهم في "اللعبة السياسية".