Share

رصاص في القلب والرأس .. أدلة توثق مقتل 23 طفلا خلال قمع احتجاجات إيران
الحرة
Thursday, April 21, 2022
لم يسلم الأطفال الإيرانيون من بطش السلطات الأمنية، حيث لقي أكثر من عشرين طفلا مصرعهم جراء الاستخدام المفرط للقوة لوقف موجة المظاهرات المتواصلة في أغلب المدن منذ قرابة شهر.

وكشف تقرير لمنظمة العفو الدولية أن السلطات الإيرانية قتلت 23 طفلا ضمن حملتها لقمع الاحتجاجات على مقتل الشابة مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق في 16 سبتمبر الماضي.

الاحتجاجات التي وصفتها منظمة العفو الدولية بأنها انتفاضة أوسع ضد نظام الجمهورية الإسلامية، أثارت رعب المسؤوليين الأمنيين الذين استخدموا الترهيب منذ أول يوم للمظاهرات.

وفي بيان مفصل، أوردت المنظمة الأسماء والظروف المحيطة بمقتل 23 طفلا نتيجة استخدام القوة غير القانونية خلال الاحتجاجات من 20 سبتمبر إلى 30 سبتمبر 2022.

16 في المائة من الضحايا أطفال!
كان من بين الضحايا 20 طفلا تتراوح أعمارهم بين 11 و 17 سنة؛ وثلاث فتيات، اثنتان منهن 16 سنة وواحدة 17 سنة.

وقُتل معظمهم على أيدي قوات الأمن التي أطلقت الرصاص الحي عليهم بشكل غير قانوني، وفق تعبير التقرير، بينما لقي اثنان مصرعهما بعد إطلاق النار عليهما بكريات معدنية من مسافة قريبة، فيما ماتت ثلاث فتيات وطفل بعد تعرضهم للضرب على أيدي قوات الأمن.

ويمثل الأطفال 16 في المائة من إجمالي وفيات المتظاهرين وفق ذات المنظمة.

وسجلت المنظمة حتى الآن أسماء وتفاصيل 144 رجلا وامرأة وطفلا قتلوا على أيدي قوات الأمن الإيرانية بين 19 سبتمبر و 3 أكتوبر.

تعليقا على ذلك،  قالت هبة مرايف، المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إنَّها مجبرة على الانحناء أمام عائلات الضحايا، بسبب تقاعس المجتمع الدولي عن الدفاع عن هؤلاء الأطفال وإفلات مسؤولي النظام الإيراني حتى الآن من العقاب على جرائمهم الممنهجة وانتهاكاتهم الجسيمة لحقوق الإنسان.

وقال التقرير في الصدد "تجاهلت السلطات الإيرانية مرارا جميع الدعوات لوقف الاستخدام غير القانوني للقوة ومحاكمة المسؤولين عن أعمال القتل غير المشروع والاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة للمتظاهرين... إن ثمن هذا الإفلات المنهجي من العقاب يتم دفعه من خلال الأرواح البشرية، بما في ذلك الأطفال (..) على الدول الأعضاء المشاركة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عقد جلسة خاصة على وجه السرعة واعتماد قرار لإنشاء آلية دولية مستقلة للتحقيق والمساءلة بشأن إيران".

أطفال الأقليات الأكثر استهدافا
كان عشرة من الضحايا الأطفال المسجلين ينتمون إلى أقلية البلوش المضطهدة في إيران وقتلوا على أيدي قوات الأمن في 30 سبتمبر "أكثر الأيام دموية" وفق تعبير التقرير، وذلك في مقاطعة زاهدان وسيستان في بلوشستان.

تُظهر الأدلة التي جمعتها منظمة العفو الدولية أن سبعة على الأقل من الأطفال الذين قُتلوا في زاهدان أصيبوا برصاص في القلب أو الرأس أو في أعضاء حيوية أخرى.

وبحسب مصادر مطلعة وأدلة سمعية وبصرية فحصتها المنظمة، فقد أصيب أحدهم، وهو جواد بوشيه، 11 عاماً، برصاصة في مؤخرة رأسه أطلقتها قوات الأمن خلال حملة قمع عنيفة على مظاهرة جرت الجمعة، بعد الصلاة خارج قسم الشرطة وبالقرب من مصلى كبير، حيث خرجت الرصاصة من خده الأيمن مخلفة فجوة كبيرة.

وقُتل الأطفال الثلاثة عشر الباقون في محافظات طهران (5)، وأذربيجان الغربية (4)، والبرز (1)، وكرمانشاه (1)، وبوير أحمد (1)، وزنجان (1).

كان اثنان من الأطفال المقتولين من الجنسية الأفغانية - صبي يبلغ من العمر 14 عامًا، وهو محمد رضا سارفاري، وفتاة تبلغ من العمر 17 عاما ، ستاره طاجيك.

وفي 7 أكتوبر، نشر محامي محمد رضا سارفاري، الذي قُتل برصاص قوات الأمن أثناء الاحتجاجات في شهر ري بمحافظة طهران، في 21 سبتمبر، نسخة على الإنترنت من شهادة دفن الطفل، والتي ذكرت سبب الوفاة على أنه "نزيف وتحطيم أنسجة المخ "الناجم عن" الضرب بقذيفة سريعة الحركة ".

وكتب المحامي أنه شعر بأنه ملزم بمشاركة الوثيقة الرسمية في ضوء انتشار روايات كاذبة من قبل السلطات في وسائل الإعلام الحكومية ومن خلال تصريحات المسؤولين التي تنسب بشكل متزايد وفاة الأطفال على أيدي قوات الأمن إلى "الانتحار".

ذخيرة حية

وأطلقت قوات الأمن كلا من الكريات المعدنية والذخيرة الحية على أمير مهدي فاروخيبور، البالغ من العمر 17 عاما، خلال الاحتجاجات في طهران في 28 سبتمبر.

ووفقا لمصادر مطلعة، فقد توفي فاروخيبور متأثرا بعيار ناري في صدره، بينما أجبر مسؤولو المخابرات والده على تسجيل بيان بالفيديو يفيد بوفاة ابنه أثناء حادث سيارة، وهددوه بقتل بناته أو إيذائهم بشكل أو بآخر إذا رفض.

ومن الأمثلة الأخرى على جهود التستر الحكومية حالة فتاتين تبلغان من العمر 16 عاما، وهما نيكا شكرامي وسارينا إسماعيل زاده، اللتين قتلتا بعد أن ضربتهما قوات الأمن على رأسهما.

ومارست أجهزة المخابرات والأمن على أهالي الفتيات مضايقات وترهيب مكثّفين لإكراههن على تسجيل بيانات مصوّرة تكرّر الرواية الرسمية أنّ أطفالهنّ انتحروا بالقفز من فوق سطح.

قتل وحجز وتهديد

وتشهد الجمهورية الإسلامية منذ 16 سبتمبر، احتجاجات تلت وفاة أميني، حيث قضى العشرات على هامش هذه التظاهرات بينهم عناصر من قوات الأمن، وأعلنت السلطات توقيف المئات لضلوعهم فيما تصفه "أعمال شغب".

وتتصدر الإيرانيات التظاهرات التي يشارك فيها الكثير من الشباب على وقع هتافات "امرأة حياة حرية" و"الموت للديكتاتور".

وأفادت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا أن ما لا يقل عن 18 شابا قتلوا منذ منتصف سبتمبر، وكان أصغرهم سنا في الثانية عشرة.

وأعلنت جمعية حماية حقوق الطفل في إيران هذا الأسبوع مقتل ما لا يقل عن 28  طفلا "معظمهم في محافظة سيستان بلوشستان المحرومة" التي تسكنها أقلية البلوش السنية في جنوب شرق البلاد.

كذلك، ذكرت الجمعية التي تتخذ من إيران مقرا لها "عدم إبلاغ العائلات بمكان تواجد أطفالها وإدارة ملفاتهم في غياب محامين وعدم وجود شرطة وقضاة متخصصين بملفات الأطفال".

وحذر حسن رئيسي المحامي الإيراني في مجال حقوق الإنسان من أن بعض الفتيان محتجزون في مراكز للبالغين المحكومين في قضايا مخدرات.

وقال إن هذه المعلومات "مقلقة للغاية" مشددا على أن الافراد "الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا لا يجوز على الاطلاق احتجازهم مع مجرمين فوق سن الـ18.. إنه واجب قانوني وليس توصية".

ونقل موقع "إيران واير" الإخباري عن المحامي، الأربعاء، أن "نحو 300 شخص تراوح أعمارهم بين 12 و13 سنة و18 و19 سنة محتجزون لدى الشرطة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) قالت الإثنين إنها "قلقة للغاية" جراء التقارير التي تحدثت عن "مقتل وجرح واعتقال أطفال ومراهقين" في إيران.

وأقر وزير التعليم يوسف نوري بتوقيف تلاميذ في الشارع أو داخل مدارسهم.

وقال في تصريحات نقلتها صحيفة الشرق الإصلاحية "عددهم ليس كبيرا، لا يمكنني إعطاء عدد دقيق".

وأوضح أن هؤلاء الشبان محتجزون في "مراكز طب نفسي" حيث يخضعون لإعادة التأهيل" حتى لا يصبحوا "غير اجتماعيين".

بالرغم من تقييد السلطات بشكل صارم الوصول إلى الإنترنت  سعيا للسيطرة على "أعمال الشغب" تمكن شباب إيرانيون من بث مشاهد للتظاهرات على تطبيقات واسعة الشعبية مثل تيك توك وإنستغرام.

كذلك، يتكيف المتظاهرون في الشارع مع القيود المفروضة فيتظاهرون ملثمين ومعتمرين قبعات، تاركين هواتفهم في منازلهم حتى لا يتم تحديد مواقعهم، كما يحملون معهم ملابس احتياط تحسبا لاستخدام قوات الأمن كرات الطلاء ضدّهم للتعرف عليهم لاحقا.

وكان نائب القائد العام للحرس الثوري علي فدوي صرح في مطلع أكتوبر لوسائل إعلام إيرانية أن "متوسط عمر المعتقلين في العديد من الاحتجاجات الأخيرة كان 15 سنة".

وأضاف بحسب وكالة مهر أن "بعض الفتيان والشبان الموقوفين.. شبهوا أعمال الشغب بألعاب فيديو" في "أعترافاتهم".

من جانبه، اعتبر رجل الدين أبو الفضل أحمدي الذي يترأس منظمة محلية على ارتباط بشرطة الأخلاق، في تصريح أدلى به مؤخرا أن "أعداء" إيران، وهو تعبير تستخدمه السلطات للإشارة إلى قوى خارجية مثل الولايات المتحدة، "راهنوا" على الفتيان وأنه تم ابتكار ألعاب فيديو بهدف "دفع الشبان للخروج إلى الشارع".

Copyright © 2022 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top