يجتذبها مطمر النفايات القريب من مطار بيروت .. طيور لبنان المهددة بالرصاص الطائش تهدد طائراته
فدى مكداشي - اندبندنت عربية
Thursday, April 21, 2022
منذ سنوات ومطار بيروت يتعرض لأخطار كبيرة جراء الفلتان البيئي في أحد مكبات النفايات، ويدعى مكب "الكوستا برافا"، حيث تحوم آلاف الطيور فوقه وتشرد أحياناً فوق مدارج المطار، مما يعرض الطائرات للأخطار خلال الإقلاع والهبوط. وعلى رغم مطالبة شركة "طيران الشرق الأوسط (الميدل إيست)" بحل هذه المشكلة أو السماح لها باستقدام صيادين لقتل هذه الطيور، ومع ذلك، فحتى اليوم لم تحل هذه المشكلة.
وشرح المدير العام للطيران المدني المهندس فادي الحسن لـ"اندبندنت عربية" أن "المشكلة الأساس تكمن في مصب نهر الغدير" (ضواحي بيروت)، لافتاً إلى أنه "منذ سنوات عدة، كانت هناك محطة ضخ موجودة بين منطقتي الأوزاعي وخلدة، وعندما كان ينزل نهر الغدير في المحطة وهو في طريقه إلى المدرج البحري يتحول إلى مجرى مفتوح لمياه الصرف الصحي"، مشيراً إلى أن "طيور النورس تتكاثر حول مياه الصرف الصحي لتأكل الأسماك الموجودة في تلك المنطقة"، ولفت إلى أن "شركة الطيران الأوسط طلبت من وزارة الأشغال العودة إلى اصطياد الطيور، بإطار أنها يمكن أن تشكل خطراً على سلامة الطيران، وقد أرسل وزير الأشغال الكتاب للمعنيين على أساس أن تتابع الوزارة الموضوع مع الوزارات المعنية، ولكن بالتأكيد لم يصدر أي قرار حول هذا الموضوع"، مضيفاً "منذ خمس سنوات، اتخذ وزير الداخلية قراراً على مستوى حكومي بالسماح باصطياد الطيور فوق مصب الغدير، وكأن المشهد يعيد نفسه".
وتشير تقارير منظمة الطيران المدني الدولي "إيكاو" إلى أن هناك أكثر من 16 ألف حادثة اصطدام بين الطيور والطائرات مسجلة سنوياً، وتحتل طيور النورس المرتبة الثانية بالتسبب بهذه الأحداث بنسبة 22 في المئة.
وعن جودة المعدات التقنية المستخدمة في المطار، قال الحسن "لدينا معدات تبث الذبذبات الصوتية لتشتيت الطيور لكنها لا تحد من وجودها بخاصة أن هناك أنواعاً ذكية تتعود على تلك الأصوات"، لافتاً إلى أنه "يتم العمل على مشروع، بحسب توصيات المنظمة، وهو تأهيل البيئة الموجودة في المطار أي يجب ألا يكون هناك أجواء حاضنة للطيور، هناك مثل وجود الأراضي الزراعية القريبة، ومصبات مياه الصرف الصحي والمطامر، مع العلم أن مطارنا لا يعتبر في طليعة الحوادث وإنما ظاهرة الرصاص الطائش المتكاثرة أعادت وأثارت موضوع سلامة الطيور"، مؤكداً أن "موضوع الطيور ظاهرة موسمية وإنما موضوع الرصاص الطائش والصيد هو قرار على مستوى حكومي ونحاول التعاون مع الأجهزة الأمنية للحد من وجود ظاهرة الطيور في المطار ومحيطه".
أما عن أحقية قيام شركة خاصة كـ"طيران الشرق الأوسط" باتخاذ قرار باصطياد الطيور فيرد الحسن "لأنها تعتبر نفسها متضررة، فكلما يصطدم الطائر بالمحرك يتعطل الأخير وتكون الكلفة باهظة جداً على الشركة. أما كسلطة طيران مدني فلن نوفر أي جهد للحد من هذه الظاهرة واستنفاد الطرق الممكنة للحد منها بحسب المعايير العالمية المتبعة في المطارات الدولية".
أنواع الطيور
بدوره، شرح الخبير في مجال الطيور والناشط البيئي ميشال صوان أن "الطيور تتنوع في المطار وأكثريتها من النوارس ومالك الحزين الرمادي وطيور بحرية متنوعة وطيور البلاشين والبط وغراب البحر، وهناك عدد كبير من الطيور الجارحة، ولكن كل هذه الأنواع ستهاجر بعد شهر ونصف الشهر إلى بلادها". ولفت إلى أن "لبنان يتميز بتنوع طيوره بالإجمال إذ لدينا 410 أنواع مثبتة، ولدينا أنواع لا تزال قيد التحقيق، وهناك أنواع لم تكتشف بعد لوجود مناطق أمنية، وهناك محميات لا يمكن الدخول إليها، بالتالي، يوجد كثير من التنوع غير المكتشف والدليل على ذلك أن أعداد مصوري الطيور البرية ازدادوا في الفترة الأخيرة".
اهتمام دولي
وفي ظل تقاعس الدولة يلاحظ أن هناك اهتماماً دولياً بالطيور. وفي هذا السياق أشار صوان إلى أن "هناك اهتماماً من الدول الأوروبية في لبنان بسبب تلك الطيور، وتحديداً السفارة البولندية التي تهتم بحماية طير اللقلق لأن بولندا هي بلده الأم"، لافتاً إلى أنه "في آخر زيارة إلى بولندا اكتشفت أن هناك اهتماماً جدياً بهذا الموضوع، إذ كنا نضع لها الخواتم المربوطة بأجهزة (جي بي أس)، لرصدها ومراقبتها وكل ذلك بخدمة العلم".
الحلول المقترحة
أما عن الحلول المقترحة فيقول صوان "أولاً، يجب إقفال المطمر فوق الكوستا برافا، وهو حل صعب جداً بسبب الخلافات السياسية. الحل الثاني، تغيير مجرى مياه الصرف الصحي بعيداً من مجرى الطيران. أضف إلى ذلك، هناك حلول سلمية عدة مثل وضع الطائرات الورقية الشبيهة بالطيور الجارحة التي تثير ذعر النورس، ويمكن استعمال الطائرات المسيرة التي تبث أصوات الطيور الجارحة أو المعدات التقنية"، متأسفاً "لما تقوم به الدولة، إذ تبحث عن الإعدام بدل اتخاذ الحلول السلمية من خلال القيام باحتفالات للصيد".
وعن مهمتهم على صعيد التوعية، يضيف "أنهينا مشروعاً منذ أشهر عدة قمنا خلاله بجولة على 12 ألف طالب وطالبة في المدارس الخاصة للتوعية حول قانون الصيد وأهمية الطيور بالنسبة إلى لبنان، وكيف ينعكس علينا هذا الأمر، وكيف يجب الحفاظ عليها وما القوانين الخاصة".
قوانين مجحفة
وعن القوانين المجحفة التي ولى عليها الزمن في ما يتعلق بقانون الصيد البري. يقول "نعمل مع الجامعة اللبنانية لتحديث القانون، إذ إن الغرامات لا تزال كلفتها على التسعيرة القديمة، بالتالي يستطيع أن يخالف أي صياد كما يحلو له. من جهة ثانية، يجب تخفيف أعداد الصيادين إذ لدينا مليونا صياد أي ثلث سكان لبنان وهذا أمر مخيف"، محذراً من "الأخطار التي تتعرض لها الطيور وبخاصة من الرصاص الطائش الذي يصيب على وجه التحديد طيور اللقلق والكرك والحوامة والنسور".
أما بالنسبة إلى الدولة المتقاعسة عن مهامها وعن كيفية التنسيق مع باقي المعنيين، فيشير إلى أنه "كنا قد أرسلنا توصياتنا في وقت سابق إلى وزارة البيئة ولكن لم نستدع بعد للاجتماع وأعطينا حلولاً كثيرة، ولكن لم نتوصل إلى أي نتيجة. منذ 2017 ونحن نطالب الوزارة بإغلاق مطمر الكوستا برافا، لأن عصارة النفايات أصبحت على البحر والمطار تنبعث منه روائح كريهة. ونطالب الأجهزة الأمنية أن تضبط تفلت الرصاص الطائش لحماية ما تبقى من طيور ثمينة".
ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها