مراجع امنية عليا و تقارير دولية تحذر ... الانفجار الاجتماعي في لبنان بات اقرب من اي وقت
صحيفة العرب
Thursday, April 21, 2022
قطع عدد من المواطنين اللبنانيين مجموعة من الطرقات الثلاثاء في العاصمة بيروت وشمال لبنان وشرقه، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية والارتفاع الكبير لسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية وأسعار المحروقات، فيما تتوالى التحذيرات الأمنية من فوضى اجتماعية وسط فراغ رئاسي.
وقطع محتجون الطريق عند تقاطع تعلبايا، شرقي لبنان، في الاتجاهين، وفي مدينة بعلبك جرى قطع الطريق عند المدخل الجنوبي للمدينة بالإطارات المشتعلة. وفي العاصمة بيروت قطع عدد من المواطنين الطريق في منطقة كورنيش المزرعة، كما أقدم أصحاب المحال التجارية على إغلاق محلاتهم بالتزامن مع قطع الطريق.
كما أقدم مواطنون على قطع الطريق بالسيارات وحاويات النفايات، وطالبوا الشعب اللبناني بالنزول إلى الشارع كما دعوا قائد الجيش إلى أن يقوم الجيش بوضع يده على البلد.
وفي شمال لبنان، قطع عدد من المواطنين الطريق عند مستديرة العبدة في عكار، كما قطعوا أوتوستراد البداوي شمال لبنان احتجاجاً على تردي الأوضاع. ووصل سعر صرف الدولار الثلاثاء إلى أكثر من 140 ألف ليرة لبنانية في السوق الموازية قبل أن ينخفض بعد وقت قصير إلى 105 آلاف ليرة للدولار الواحد.
وجاء ذلك الانخفاض بعد بيان لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة أعلن فيه استعداد مصرف لبنان لإجراء “عملية مفتوحة ومستمرّة لشراء الأوراق النقديّة اللبنانيّة وبيع الدولار نقداً على سعر منصة (صيرفة)، ويُحدّد بـ90 ألف ليرة مقابل كلّ دولار ابتداءً من تاريخ اليوم (الثلاثاء)”.
ويعاني لبنان من أزمة مالية واقتصادية منذ أكتوبر عام 2019 كانت لها تداعياتها على مختلف القطاعات حيث تفاقم التدهور في الأوضاع المعيشية للبنانيين، وشهد التضخم ارتفاعاً كبيراً وسط الانهيار المستمر في قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار.
وتتعاظم المخاطر الأمنية للبنانيين مع تفاقم الوضع الاقتصادي الذي يعيشون فيه، ويبقى الخوف الأكبر من ازدياد توسع السرقات والسلب، اللذين باتا يحصلان بأساليب وطرق مختلفة. وما يزيد من مخاوف اللبنانيين هو تحذير بعض السياسيين والمتابعين من إمكانية انفلات الوضع الأمني نتيجة التدهور السريع لسعر العملة المحلية وانهيارها إلى مستويات قياسية، ما قد يسبب حالة اضطرابات خطيرة في البلاد.
وبفعل الاحتقان الآخذ بالازدياد بات الانفجار الاجتماعي نتيجة تتوقعها أعلى المراجع الأمنية في البلاد، وتحذر منه التقارير الدولية التي ترصد أحوال لبنان وسكانه، خاصة وأنه ما من إجراءات حكومية أو سياسية تتخذ في سبيل كبح الانهيار، فيما كل متطلبات الانفجار باتت متوفرة على الساحة اللبنانية.
وأكد وزير الداخلية الأسبق مروان شربل أن الأجهزة الأمنية جاهزة وحاضرة وقادرة على السيطرة على الوضع الأمني من خلال العمليات الاستباقية التي تقوم بها. وأشار إلى أن الخوف هو في ازدياد الجريمة والفوضى والمشاكل، أما الحرب والمتاريس وتقسيم لبنان فكله كلام بكلام. وأوضح شربل أنه نتيجة لتدهور الوضع الاقتصادي “تزيد الجريمة وتكثر الفوضى ولكن لن تحدث أيّ حرب وهي غير واردة”.
وأضاف أن “اللبنانيين كلهم لديهم رأي واحد، ويقولون اليوم نموت من الجوع والمصيبة تجمعنا، فمن سيحارب من، واليوم اللبنانيون متحدون مع بعضهم ولا يوجد خصم لأن الكل في حاجة إلى الكل، والسؤال هو هل هناك إمكانية لمحاربة بعضنا مثل عام 1975. وهل هناك دولة من الخارج موافقة على أن يحصل في لبنان فوضى، ولا ننسى أن لدينا مليونا ونصف مليون سوري من اللاجئين، والدول الخارجية تقوم بكل مجهودها وتصرف المليارات من الدولارات للسوريين لكي لا يغادروا باتجاه البحر إليهم، كل هذه الأمور لا تستدعي أن تحصل حرب”.
من جهته، قال الخبير العسكري العميد المتقاعد أمين حطيط إن الوضع الأمني في لبنان لا زال تحت السيطرة وهو ممسوك من قبل الأجهزة الأمنية والجيش، حتى هذه اللحظة. وأضاف “لا نستطيع أن نقول إن لبنان سيبقى مضمونًا في أمنه ولكن لا نقول أيضًا إن الأمن في لبنان قيد الانهيار”.
ومع تفاقم الانهيار الاقتصادي وازدياد نسب الفقر والبطالة ارتفعت معدلات الخطف مقابل فدية بشكل كبير في لبنان في عام 2022 ووصلت إلى 50 عملية مقابل 17 عملية في عام 2021، أي أن النسبة ارتفعت بمقدار 194 في المئة. وتشكل هذه النسبة مؤشرًا خطيرًا يفسر بوجود عصابات منظّمة ومسلّحة تقوم بهذه الأعمال الإجرامية المتزايدة بشكل كبير.
ومن المتوقع أن يزداد الضغط المعيشي على سكان البلاد، نتيجة حزمة ضرائب تستعد السلطات لإقرارها، بدأت من رفع تعريفة الاتصالات الخليوية، وستمتد إلى قطاع الكهرباء الذي لا يؤمّن أكثر من تغذية ساعتين في اليوم، كما من المتوقع أن ترتفع أسعار السلع والمواد الغذائية والبضائع المستوردة ما بين 20 و50 في المئة خلال الأشهر المقبلة.
وأفادت تقارير أممية بأن “غالبية سكان لبنان عاجزون عن تأمين حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية وسط أزمة اقتصادية متفاقمة، حيث تتحمل الأسر ذات الدخل المحدود العبء الأكبر”. وحضت منظمات دولية الحكومة اللبنانية والبنك الدولي على اتخاذ إجراءات عاجلة للاستثمار في نظام حماية اجتماعية قائم على الحقوق ويضمن مستوى معيشيا لائقا للجميع، مشيرة إلى أن أكثر من نصف اللبنانيين منذ ما قبل الأزمة المالية لم يحصلوا على أيّ نوع من الحماية الاجتماعية، فيما النسبة اليوم أكبر بكثير.
وأما سياسيا فالأمور تراوح مكانها، حيث الفراغ الرئاسي سيد الموقف، ولا أمل في الأفق من وصول الأطراف السياسية الممثلة في المجلس النيابي إلى أيّ اتفاق على اسم رئيس جمهورية، فيما حكومة تصريف الأعمال التي يترأسها نجيب ميقاتي تفتقد إلى الصلاحيات لممارسة أيّ مهمات إنقاذية من الواقع الحالي.
ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها