في خضم الأزمات التي يمر بها لبنان، تتسلل أزمة خطيرة بدأ يشعر بها اللبنانيون، وكرر رئيس مجلس أمناء ايكاردا، الدكتور ميشال أفرام تحذيره منها، من خلال إشارته إلى تعرض البلد لأمرين خطيرين، هما التصحر ونقص الثلوج والأمطار، والتلوث الشامل للمياه.
مرّ أكثر من ثلثي شهر يناير، من دون أن يزور البرد القارس لبنان، ومن دون أن تهطل الأمطار سوى لأيام معدودة، فالشمس تزيّن السماء في معظم الأيام، حتى بات من الواضح أن فصل الشتاء لم يعد كالسابق، أما تلوث المياه فبدأت آثاره تظهر على السكان، من خلال إصابة البعض بفيروسات كالكوليرا وغيرها.
منذ العام 1993 وأفرام يحذّر من التغيير المناخي واتجاه لبنان إلى التصحر، وقبل أيام لفت في بيان إلى "استمرار انحسار الأمطار وعدم تساقط الثلوج، وتسجيل درجات حرارة أعلى من معدلاتها، مما سيؤثر على مخزون المياه الجوفية وتوفير مياه الشرب، وكذلك على ري المزروعات والغطاء الأخضر البري والحيوانات البرية، وسيساهم في زيادة الحشرات والأمراض وفئران الحقل والقوارض، مما سيدفع إلى زيادة استعمال الأدوية الزراعية وبالتالي زيادة التلوث بها".
وسبق أن أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 27) الذي انعقد في شرم الشيخ في أكتوبر الماضي أن "لبنان من البلدان الشديدة التأثر بتأثيرات تغير المناخ، لافتاً إلى أن الدراسات التي أعدتها وزارة البيئة اللبنانية قدّرت أن "التغير المناخي سيسبب انخفاضاً بنسبة 14% في الناتج المحلي الإجمالي للبنان بحلول عام 2040، وانخفاضا أكثر إلى 32% بحلول عام 2080".
ميقاتي شدد على أن "الخطر في التغير المناخي سيضاعف من حدة المآزق والأزمات الحالية، وهو أمر يتطلب اتخاذ إجراءات حازمة من قبل الجميع على المدى القصير والمدى المستقبلي" مشيراً إلى أن الحكومة اللبنانية خطت على الرغم من كل التحديات التي تواجهها، خطوات كبيرة في استجابتها لمكافحة التغير المناخي، كجزء من التزاماتها الوطنية بالتعاون مع الدول الأخرى.
واقع أم مبالغة؟
في 17 يونيو 1994 وقّع لبنان على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الهادفة بحسب العميد السابق لكلية الزراعة في الجامعة اللبنانية، البروفيسور تيسير حميّة، إلى "مساعدة البلدان المتأثرة بالتصحر على تحسين إنتاجية الأراضي وإعادة تأهيلها"، مشدداً على أنه "منذ ما يزيد عن عشرين العام، أصبحنا نلمس بقوة تأثير التصحر على البيئة في لبنان، لا بل على الزراعة والصناعة والاقتصاد اللبناني بمجمله".
وتعتبر البلدان الموّقعة على هذه الاتفاقية، وعددها حوالي 170 دولة، كما يقول حميّة أن "مشكلة الجفاف الشديد أو التصحر إحدى مشكلات نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، وهي تؤثر على حوالي 20 بالمئة من سكان العالم، في وقت 80% من أراضي الدول العربية معرضة للتصحر أو مصابة به، والذي يسبب تقلص حجم الموارد الاقتصادية الناتجة عن الزراعة وبالتالي هجرة الريف والنزوح نحو المدن".
ويضيف في حديث لموقع "الحرة": "أدت التغيرات المناخية، وحالات الجفاف المتعاقبة، وانخفاض نسبة سقوط الأمطار والأساليب القديمة التي ما زالت معتمدة في الري من قبل المزارعين اللبنانيين، بالإضافة إلى الغزو العمراني العشوائي، إلى تناقص المساحات الزراعية بشكل مأساوي"، شارحاً " في عام 1960 كانت مساحة لبنان الخضراء تبلغ حوالي 38% من مساحة لبنان، في حين لا تتجاوز هذه المساحة اليوم 9% مما يعني استدارة شبه كاملة نحو بيئة صحراوية في لبنان بكل ما في الكلمة من معنى".
لكن رئيس مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت، مارك وهيبة، يعتبر وصف التغيرات المناخية "الخجولة" في لبنان بالتصحر أمراً مبالغاً فيه، فالأمر يحتاج إلى سنوات للجزم إن كان هناك منحى ثابتاً باتجاه شح أو تزايد المياه وفيما إن كانت درجات الحرارة تتخذ منحى درجات الحرارة الصحراوية، والذي هو عبارة عن فوارق كبيرة بين درجات الحرارة الدنيا ليلاً والقصوى نهاراً، وغيرها من العناصر المتعددة المتعلقة بالتصحر، لكن المرجح أن التقديرات المناخية تشير إلى تراجع نسبة المتساقطات في المنطقة من دون أن يعني ذلك أنها تتجه نحو الجفاف".
ويشرح وهيبة في حديث لموقع "الحرة" أنه "إلى حد الآن كمية المتساقطات في لبنان أقل من المعدل الطبيعي، حيث وصلت في طرابلس إلى 346 ملم، في حين أن معدلها لهذا التاريخ 454 ملم، وفي بيروت وصلت إلى 286 ملم أما معدلها فـ 440 ملم، وكذلك الأمر في زحلة حيث بلغت نسبة المتساقطات 158 ملم أمام معدلها فهو 301 ملم، وفيما يتعلق بالثلوج فإن الكمية المتساقطة منها ضئيلة، في حين أن درجات الحرارة المسجلة بين 9 و22 درجة، أما معدلها لهذا الشهر فهو ما بين 11 و19 درجة، ما يشير إلى أن درجة الحرارة الدنيا اقل من معدلها و درجة الحرارة القصوى أعلى من معدلها، ومع ذلك لا يمكن القول إنها خارجة عن المألوف".
وطمأن وهيبة اللبنانيين بأن "موقع لبنان وتركيبته الجغرافية لاسيما جباله حالا دون تأثره بشكل كبير بتغير المناخ وساهما باستمرار بتمتعه بطقس معتدل نسبياً، فالغيوم التي تصل إلى هذا البلد تصطدم بسلسلتيه الجبليتين وبالتالي تفرغ مياهها فيه".
خطورة متنامية
خلال مؤتمر "الواقع البيئي والعدالة المناخية في لبنان: نحو مؤتمر الأطراف 27"، أكد وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين أن "باحثين لبنانيين وخبراء في وزارة البيئة والجامعة اللبنانية والمؤسسات الدولية وضعوا سيناريوهات كارثية محتملة لتأثيرات تغير المناخ، ولكن حتى هذه الساعة لم يتم التوصل إلى مقاربات جدّية لحل هذه الإشكاليات وذلك لأسباب عدة، أولها تأثير الأزمات الآنية المالية والاقتصادية والاجتماعية، رغم ان التغير المناخي شكل عاملاً ضاغطاً على التأزم الاقتصادي، كون مخاطر المناخ تؤثر على القطاعات كافة".
السبب الثاني الذي أشار إليه ياسين هو عدم وصول التعاون والدعم الدولي إلى مستويات قضية كبرى مثل قضية تغير المناخ، "فرغم كل التقدم الحاصل في السنوات الماضية في قمم مناخ والاتفاقيات المعهودة واللقاءات التي تحصل، لا تزال الدول الصناعية الكبرى مقصّرة بالتعاطي مع هذه القضايا الكونية، ولا تتحمل مسؤولياتها في التسبب في معظم الانبعاثات العالمية، فلبنان بلد صغير يتحمل وزر انبعاثات الدول الصناعية عبر السنوات الماضية" مشدداً على أن "التعاون الجماعي يجب ان يشمل كل الدول على أن يتم دعم الدول الفقيرة".
كما يجب العمل بحسب وزير البيئة "على خلق رأي عام لجعل قضايا التغير المناخي من قضايا الناس، التي هي كباقي القضايا البيئة اي طويلة المدى وتأثيراتها تظهر رويدا، ولكنها ستكون مميتة إذا لم يجر تداركها، وهي تحتاج إلى حلم وعلم وعمل".
لن يؤثر التصحر وتنامي ظاهرته على الزراعة في لبنان فقط، بل كما يقول حميّة "على كل بنية الدولة واقتصادها. وأمام تناقص هطول الأمطار، لا بد من ملاحظة ظاهرة عدم توازن توزيع الأمطار في الزمان والمكان، خاصة في العشرين سنة الأخيرة والتي حملت معها موجات عديدة من الجفاف وانحباس الامطار".
خطورة هذا الوضع تتنامى، لاسيما كما يشير حميّة أن "لبنان لا ينتج سوى 16% من غذائه ويستورد باقي حاجته من الخارج، ويتحمل أعباء حوالي مليوني نازح سوري مما يشكل كارثة كبرى على المستوى المنظور غير البعيد".
وكان وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن، أكد خلال مؤتمر "الواقع البيئي والعدالة المناخية في لبنان: نحو مؤتمر الأطراف 27"، أن "لبنان من بوابته الزراعية ملتزم بالاتفاقيات والمواثيق التي وقع عليها، ونطمح أن نبقى أساسا في هذا الجهد الدولي في سبيل التحقيق والتخفيف من آثار المتغيرات المناخية".
وأشار إلى أن "الواقع الزراعي يعاني من أزمة تهميش، والكثير من الاهتزازات قد تكون قاب قوسين أو أدنى فيما يخص الأمن الغذائي، شأننا في ذلك شأن كل دول المنطقة" مشدداً على أن "الأزمة كبيرة لكن الطموح والعمل والجهد الذي بذل كبير جدا من قبل الكادرات العاملة في وزارة الزراعة الذي يعملون باللحم الحي في سبيل أن يبقى هذا القطاع واقف على قدميه".
هدر.. لا عجز
تعتبر الأمم المتحدة أن الجفاف من بين أكبر التهديدات للتنمية المستدامة، "حيث تشير التوقعات إلى أنه بحلول عام 2050 قد يؤثر الجفاف على أكثر من ثلاثة أرباع سكان العالم".
وخلال اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، أشارت المنظمة الأممية إلى ازدياد عدد حالات الجفاف ومدتها بنسبة 29 في المئة منذ عام 2000، مقارنة بالعقدين السابقين (المنظمة العالمية للأرصاد الجوية 2021)، لافتة إلى أنه عندما يواجه أكثر من 2.3 مليار شخص بالفعل الإجهاد المائي، فهذه مشكلة كبيرة. سيعيش المزيد والمزيد منا في مناطق تعاني من نقص حاد في المياه، بما في ذلك واحد من كل أربعة أطفال بحلول عام 2040 (اليونيسف)، ولا يوجد بلد محصن ضد الجفاف (آلية الأمم المتحدة للمياه 2021).
التغير المناخي في المنطقة بدأ كما يشير وهيبة "منذ تسعينيات القرن الماضي وقد أصبح ملموساً، ومن المرجح أن تصبح الظروف القصوى أكثر قساوة، كأن تمطر خلال ثلاث أيام كمية من المتساقطات كانت تهطل على مدى أسبوعين، أو تزداد الفترة الزمنية التي ترتفع فيها درجات الحرارة في فصل الصيف، كما قد تتقلص المدة الزمنية لدرجات الحرارة المتدنية في الشتاء، وهذا ما يشار إليه بتغير المناخ لكن لا يمكن ربطه بالتصحر".
بلغت درجة حموضة الأمطار في لبنان بحسب حميّة "حداً لا نحسد عليه، بتنا معها لا نستطيع شربها وكذلك مياه أنهارنا أصبحت غير صالحة للشرب. أما المياه الجوفية فلم تعد تصلح إلا للاستخدام المنزلي، وكثرت الأراضي غير المزروعة وغير المروية مما زاد في عوامل الجفاف والتصحر".
وعن واقع المياه في لبنان يشرح رئيس مجلس إدارة والمدير العام للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، الدكتور سامي علوية لموقع "الحرة" أن "كمية المياه المستخدمة حالياً لا تتجاوز نسبة 21% من المياه المتاحة في ظل التلوث وعدم الاستثمار".
ويشدد على ان "توافر المياه كماً ونوعاً لا يقتصر على العوامل الطبيعية والقدرة الاستثمارية بل انه وبشدة يتطلّب الادارة الرشيدة للقطاع بما تتضمنه من القيام بعمليّات قياس دقيقة ومراقبة مستمرة خاصة لدرء اخطار التلوّث، وبناء قاعدة معلومات متطورة وتدريب مستمر للعنصر البشري".
فعلياً، كما يقول رئيس المصلحة الوطنية لنهر الليطاني "يمكن تغطية حاجات لبنان الى المياه، حيث يبلغ حجم المياه المتجددة التي يمكن استثمارها 3,258,000,000 م3، بينما يبلغ حجم الحاجات الى المياه حوالي 1,935,000,000 م3 فقط عام 2020، إلا أن غياب عمليات المحافظة على نوعية المياه او تطوير الموارد المائية من خلال المشاريع المبرمجة لهذه الغاية، يؤدي الى انخفاض كبير في حجم المياه التي يمكن استعمالها".
الحاجة الى المياه ستتصاعد، مما سيرفع كما يقول علوية لموقع "الحرة" "من حجم العجز، إذا لم يتم تنفيذ اي مشروع يتعلق بتحسين نوعية المياه وتطوير الموارد المائية".
ويشدد "على ضوء التغير المناخي الحاصل في مختلف دول العالم، ولا سيما في القارة الأوروبية ودول الشرق الأوسط ولتلافي كارثة بيئية وإنسانية متوقعة ومحتملة، وجهت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني كتاب الى وزارة الطاقة والمياه طلبت بموجب من الاخيرة تحمل المسؤولية لمواجهة وتدارك العجز المائي المتوقع من خلال تطبيق القانون رقم 192/2020 لجهة الإسراع بإعداد المخطط التوجيهي للمياه وفقا لأحكام قانون المياه رقم 192/2020".
كما طالبت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بـ"اتخاذ التدابير اللازمة لتدارك العجز المائي وفرض تدابير الوقاية لترشيد استخدام المياه في ظل الشح الحاصل والمتوقع، وفرض التدابير الضرورية لتأمين إدارة مستدامة للمياه، واخضاع بعض فئات الاستخدامات للمياه إلى تدابير معينة قد تشمل التعليق المؤقت للحقوق المكتسبة على المياه أو تخفيض كميات المياه موضوع هذه الحقوق، وحظر بعض الاستعمالات غير الضرورية واعتبار تلبية الاحتياجات المائية المنزلية أولوية للسكان ومن ثم حاجات الريّ دون سائر الحاجات والاستخدامات".
تأثيرات واضحة
خلال محادثات المناخ "كوب 27”، أشار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى أنه يتم السلوك الطريق السريع نحو جهنّم المناخي، قائلاً "نواصل الضغط على دواسة السرعة، ويجب ألا ننسى أنّ حربنا على الطبيعة هي بحدّ ذاتها انتهاك هائل لحقوق الإنسان".
وفي لبنان، "كل ما يدور يدفع إلى التشاؤم"، إذ أصبحنا بحسب حميّة "أمام مشكلة كبيرة وحادة تهدد مستقبل الزراعة والصناعة وتؤثر بشكل كبير وخطير على الاقتصاد الوطني" لافتاً إلى أن القطاع الزراعي في لبنان، يعاني من مشكلات عدة، على رأسها "عدم اهتمام السلطة بالمزارعين بشكل عام وضعف مردودية الإنتاج الزراعي، بالإضافة إلى تفتت الملكية والحيازة الزراعية والزحف العمراني والاسمنتي والانخفاض الكبير في المعدل السنوي لكمية الأمطار".
وأشار إلى ارتفاع أسعار المحروقات والأسمدة والأدوية الزراعية "مما يؤدي حتماً إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، أضف إلى كل ذلك عدم وجود اسواق للتصريف الانتاج الزراعي، وتدني الصادرات الزراعية".
وبات تأثير تغير المناخ على الموارد الطبيعية في لبنان، جلياً للجميع بحسب ما قاله ميقاتي "فقد تسببت حرائق الغابات في البلاد في الاعوام الماضية في حرق مساحات شاسعة من للغابات، وإننا على يقين ان لم نكسر دورة الاحتباس الحراري، فإننا نتوقع حرائق غابات أكثر وأسوأ في السنوات المقبلة".
وعن الخطوات التي تتخذها الحكومة لمواجهة الخطر، أشار ميقاتي إلى أن "لبنان ملتزم بإعطاء الأولوية لتدابير التكيف، مثل مكافحة التصحر وإدارة الموارد المائية ومساعدة المزارعين على زيادة قدرتهم على الصمود في وجه تأثيرات المناخ خلال العقد المقبل، ووضعنا ضمن أولوياتنا زراعة القمح وتوسيع المساحات المزروعة وكذلك زيادة البرك لتجميع أمطار الشتاء أو ما يعرف بالسداد، بعيداً عن السدود التي لا تتلاءم والواقع الجغرافي اللبناني، وأثبت معظمها عدم جدواه".
وتابع "لقد كان لبنان من أوائل الدول العربية التي طورت خطة عمل لدعم الطاقة المتجددة عام 2010، وبات يمتلك آليات تنظيمية متطورة لهذه الغاية مقارنة بالعديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لكن بسبب التحديات الهائلة التي واجهت البلاد مثل الأزمة الاقتصادية ووباء COVID-19 وانفجار مرفأ بيروت والكوارث البيئية، فان استثمار ما قيمته 6.7 مليار دولار في الطاقة المتجددة يمكن أن ينهي نقص الكهرباء في لبنان. لذلك، عملنا على إنشاء مرفق لبنان للاستثمار الأخضر وندعو الدول والجهات المانحة للمساهمة بدعمه وتمويله".
"لإعلان حالة الطوارئ"
سبق أن أشار غويتريش إلى أنه "نحن في منتصف الطريق بين اتفاق باريس للمناخ 2015 والموعد النهائي المحدد لعام 2030. نحن بحاجة إلى تضافر جهود الجميع لتحقيق العدالة والطموح"، مضيفاً "هذا يشمل الطموح لإنهاء "الحرب الانتحارية" على الطبيعة التي تغذيها أزمة المناخ، وتتسبب بانقراض الأنواع وتدمير النظم البيئية".
وفيما يتعلق بلبنان يرى أفرام أنه "في ظل غياب ادارة جيدة لمصادر مياه الأمطار التي تذهب هدراً وتتسبب بالسيول وانجراف التربة، وفي ظل غياب الارشاد المائي في المدن والزراعة، وفي ظل زيادة نسب التلوث دون البدء بإيجاد حلول جذرية له، فإنه من الضروري جداً، إعلان حالة طوارئ مائية وبيئية لاسيما وأن الأمور الى تفاقم سريع".
كذلك دق حميّة ناقوس الخطر من أجل إيجاد الحلول "سواء كان عن طريق ترشيد استهلاك المياه وإنشاء السدود أو الاستفادة بشكل مدروس من الآبار الارتوازية أي المياه الجوفية"، متسائلاً "لماذا أصبحنا على ما نحن عليه ولماذا أصبحت أرضنا كما هي عليه اليوم"، ولفت إلى مقولة للطيّار والكاتب أنطوان دو سانت إكزوبيري "نحن لا نرث الأرض من أسلافنا إنما نستعيرها منهم لأبنائنا".
يقول حميّة "أعارنا آباؤنا أرضاً جميلة خضراء وبيئة نظيفة غناء وأمطاراً صافية كنا نشربها من الأرض ومن السماء، ولم يكن لدينا قحط ولا صحراء، وها نحن اليوم نستعير الأرض منهم ونسلمها لأبنائنا وقد فقدت زهوها واخضرارها وكثرت الحرائق فيما تبقى من غاباتها وتلوثت بيئتها وكثرت أمراضها".
ويضيف "اليوم نحن نعير أبناءنا أرضاً بلا ماءٍ ولا شجر وبلا بيئة سليمة تكون عوناً لهم في تكوين أجسام وعقول سليمة"، مشدداً "الأرض أمانة في أعناقنا، نحن زائرون وضيوف، ولا أظن الزائر أو الضيف يفسد في دور مضيفيه. إنها أمانة حملها الإنسان ورفضت حمل أثقالها الجبال الرواسخ".
ولا يدّعي العميد السابق لكلية الزارعة أن "كل ما جرى ويجري من تغيرات في المناخ والطبيعة والأرض والمزروعات هو من عمل الإنسان وإن كانت المسؤولية الكبرى تقع عليه"، اذ للطبيعة كما يقول "دورات كونية قد تساهم في تفاقم ظاهرة التصحر" مشدداً على ضرورة "العمل الدؤوب من أجل محاربة ظاهرة التصحر ومحاولة تحسين إنتاجية الأراضي وإعادة تأهيلها".
ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها