Share

لبنان.. قطاع صحي على شفير الانهيار والعلاج تحوّل ترفاً
قناة الشرق
Thursday, April 21, 2022
كما الكثير غيره من القطاعات الحيوية، لم ينج القطاع الصحي اللبناني من تداعيات الأزمة الاقتصادية التي بدأت في العام 2019 والتي لا تزال مفاعيلها تتردد على أكثر من صعيد، في بلد لا يكاد يصحو من انتكاسة حتى يغرق في أخرى.

"مستشفى الشرق الأوسط"، لقب حمله لبنان لفترة من الزمن، وضعه على خارطة متقدمة في محيطه. لكن القطاع الصحي اللبناني يرزح اليوم تحت ما يمكن وصفه بالانهيار المتسارع، بالتوازي مع تأزم الوضع الاقتصادي واستمرار انخفاض قيمة الليرة اللبنانية التي فقدت أكثر من 90% من قيمتها مقابل الدولار الاميركي.

عودة الكوليرا

انهيار القطاع الصحي اللبناني، يترافق مع أزمة بيئية حادة، من انتشار للنفايات، ومزروعات مروية بمياه ملوثة، وتسرب للمياه الآسنة إلى مياه الشرب في عدد من المناطق، فضلاً عن تراجع نسبة تلقي اللقاحات، ما أدى إلى عودة أوبئة كانت اختفت من الخريطة الصحية. وها هو وباء الكوليرا يضرب لبنان، بدءاً من مناطقه الشمالية، وتحديداً عكار، في انتشار "متسارع" بعد أسابيع من تسجيل أول إصابة في البلاد منذ العام 1993.

تجدر الإشارة هنا، إلى أن لبنان سجّل منذ السادس من أكتوبر 169 إصابة مثبتة بالكوليرا، 80 منها خلال الساعات الـ48 الماضية، إضافة إلى 5 وفيات.  علماً أن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، فراس الأبيض، أعلن الجمعة عن "انتشار واسع" لوباء الكوليرا" في البلاد، مشيراً إلى أن "غالبيةالإصابات رُصدت بين اللاجئين السوريين". وكشف خلال مؤتمر صحافي عقده في بيروت عن "زيادة في الإصابات بين المواطنين اللبنانيين". وأرجع الأبيض الانتشار الواسع للوباء في البلاد إلى الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، الذي يحول دون وصول كميات كافية من المياه النظيفة إلى مختلف المناطق. ودعا وزارة الطاقة والمياه في لبنان للقيام بواجبها حيال ذلك على وجه السرعة.

ولفت وزير الصحة اللبناني إلى أن الوزارة تعمل على تجهيز مستشفى ميداني في منطقة عرسال الحدودية شرق البلاد. وقال إن هناك 8 مستشفيات ميدانية جاهزة، تُوزّع عليها المستلزمات العلاجية والأمصال. الت وكشف عن تعاون بين وزارتي الصحة والزراعة لفحص المزروعات.

"مشكلة بنيوية"

"مشكلة القطاع الصحي في لبنان هي مشكلة بنيوية أكثر منها كونها مرحلية"، بحسب خبير استراتجيات الصحة والمدير العام للمركز الطبي في "الجامعة الأميركية في بيروت" الدكتور جوزيف عتيق، الذي رأى أن "الاتجاه نحو الهاوية في هذا القطاع كان حتمياً، بسبب غياب التخطيط والرقابة والقوانين بالإضافة إلى غياب الخارطة الصحية".

وكشف عتيق لـ"الشرق" أن المشكلة "تتعدى كونها مشكلة عدم توفر الدولار"، لافتاً إلى أنها "مرتبطة بهجرة الكادر الطبي من جهة، وانفلاش المؤسسات الطبية من جهة ثانية، وما بينهما من احتكار وتهريب للدواء بالإضافة إلى غياب التخطيط في القطاع".

نزف في الطاقم الطبي

نقيب الأطباء في بيروت الدكتور يوسف بخاش، قال لـ"الشرق" إن "عدد الأطباء المسجلين في النقابة في لبنان يقدر بنحو 17 ألف طبيب"، لافتاً إلى أن "حركة الهجرة في صفوفهم، بدأت مع بداية الأزمة في أكتوبر  2019". وأضاف: "في البداية، هاجرت الدفعة الأولى من أصحاب الاختصاص وحملة الجنسيات الأجنبية أو على الأقل حملة الشهادات الأجنبية ممن كان من السهل عليهم الانتقال السريع من لبنان".

وأفاد بأن "الضربة الكبرى أتت بالتزامن مع انفجار بيروت في 4 أغسطس 2020، حين حصلت الهجرة الثانية بين الأطباء وبشكل خاص المتخصصين منهم، فخسرنا أكثر من 30 % من عدد الأطباء في لبنان لصالح الخارج"، واصفاً الوضع بـ"النزف".

ومع النقص الحاصل في عدد الاطباء  المتخصصين، يبدو القطاع الصحي اللبناني مهدداً بتدهور أكبر في نوعية الخدمات المقدمة. تجدر الإشارة إلى أن لبنان فقد بعض التخصصات الطبية بشكل كلي ومن أبرزها "جراحو القلب للأطفال، حيث لا يزال هناك طبيب واحد في كل لبنان يعمل بين لبنان والخارج"، بحسب بخاش، الذي قال إن المشكلة "تتمدد لتشمل الأطباء للتخصصات الكلاسيكية ومنها أطباء الأشعة، وهذا يُنذر بمشكلة أكبر".

وعن كيفية تسيير القطاع الطبي حالياً، قال بخّاش: "نحن كنقابة أطباء على تواصل مباشر ودائم مع الأطباء اللبنانيين في الخارج، ونعتمد على تنظيم بعثات طبية إنسانية لرأب الصدع الحاصل نتيجة نقص الأطباء".

وعمّا إذا كان بإمكان نقابة الأطباء القيام بأي إجراء للحد من هذه الهجرة، أوضح بخاش أن النقابة "لا تستطيع إجبار الطبيب على البقاء، ونتفهمه. فالصورة ضبابية وسوداوية والحل يبدأ بالدولة من أي نقطة ضوء بالسياسة".

وتابع: "نقابة الأطباء لا تستطيع الحلول مكان الدولة في إعادة تأهيل القطاع الصحي"، لافتاً إلى أن الطبيب "لا يزال يقوم برسالته، ولكن للأطباء مستحقات لم يتم تسديدها منذ أكثر من عام، وهي رهن الملاءة المالية، وفي حال دُفعت سيتم حجزها في المصارف، لن نستطيع الضغط على الطبيب أكثر".

الممرضون أيضاً

والنزف في الأطباء المختصين، ينحسب أيضاً على قطاع التمريض، إذ قالت نقيبة الممرضين والممرضات ريما ساسين إن "بسبب الأزمة والحالة الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة ازداد عدد المهاجرين من ممرضات وممرضين بحثاً عن ظروف عمل أفضل في الخارج، وعن الأمان الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي". وقالت: "بلغ عدد الممرضين المهاجرين منذ أكتوبر 2019 لغاية تاريخه نحو 2500 ممرضة وممرض موزعين على البلدان العربية والأوروبية والأميركية".

وأضافت: "عدد الممرضات والممرضين المسجل في النقابة عن فئة الممرض المجاز هو  14 ألفاً و671 لغاية ديسمبر العام 2021، إلا أن هذا العدد ارتفع قليلاً، لأن الانتسابات إلى النقابة ما زالت مستمرة وقد تأخرت قليلاً بسبب الأزمة".

وتابعت: "هناك نقص في عدد الممرضات والممرضين بالنسبة لعدد المرضى، أي أن المؤشر العالمي المعتمد بالنسبة لعدد المرضى الذي يعهد به لكل ممرضة وممرض غير محترم"، مضيفة: "هناك ضغط كبير على الممرضات والممرضين وهذا يشكل خطراً على صحة المرضى ويزيد الأخطاء الطبية ويؤدي إلى عدم رضى المرضى عن العناية التي تقدم لهم".

ولفتت إلى أن "المؤشر العالمي RATIO هو ممرض/ة لكل 6 مرضى، أما في لبنان فهذا العدد مضاعف وهو أمر حذرت النقابة منه مراراً وتكراراً، لكن المعالجة لم تحصل لغاية تاريخه بسبب الوضع الاقتصادي وعدم قدرة المستشفيات على زيادة طواقمها التمريضية".

وترى ساسين أن "الغبن أصبح كبيراً جداً والرواتب لا تؤمن عيشاً كريماً للممرضات والممرضين، ولا تؤمن لقمة العيش وأصبح الأمر تحت دائرة الخطر، وهذا ما يفسر الهجرة الكبيرة في هذه الفترة".

ولفتت إلى أن "تصحيح الرواتب أصبح أمراً طارئاً وملحاً، لأنه يشكل خطراً على استمرار قطاع التمريض وخطراً على صحة المرضى"، داعية إلى وضع "قوانين وتشريعات تقر زيادات واضحة ومتحركة وتشمل جميع العاملين في التمريض".

الطبابة تحوّلت ترفاً

مع انهيار القطاع الاستشفائي في لبنان، باتت الطبابة بمثابة ترف لمن استطاع إليه سبيلاً، ويمثل ذلك مؤشراً إضافياً على عمق الأزمة المالية والاقتصادية في البلاد.

وتأخذ المعاناة أوجهاً مختلفة، من فقدان الأدوية الأساسية، إلى ارتفاع الفاتورة الاستشفائية، بالإضافة لوضع المؤسسات الصحية المتأرجح، وصولاً إلى سوء الخدمات الصحية في الأماكن المتاحة للعامة.

عاصم عراجي رئيس لجنة الصحة النيابية السابق النائب عاصم عراجي أن "الانفلاش الصحي الواقع منذ سنوات لعب دوراً سلبياً في موضوع القطاع الصحي".

ولفت عراجي في حديث لـ"الشرق" إلى "ضرورة إعادة هيكلية القطاع الاستشفائي"، مشيراً إلى أن "المستشفيات تعمل بأقل من نصف قدرتها الاستيعابية". وقال إن "الابقاء على هذا الكم الكبير من المؤسسات سيكون له تبعات سلبية على جودة الخدمات".

وأضاف: "التراجع بعدد المرضى لا يعود فقط إلى عدم قدرة المريض على الاستشفاء، وإنما لأن الفلتان الذي كان حاصلاً في القطاع الصحي تراجع مع تدهور الوضع الاقتصادي".

وزاد: "في كل دول العالم هناك البطاقة الصحية، التي تنظم عمليات الفحوص الدورية كالكشف المبكر عن سرطان الثدي، أو حتى التصوير بالرنين المغناطيسي، بالإضافة إلى توزيع المراكز الطبية بحسب عدد السكان، إلا أن ما نشهده في لبنان هو انفلاش طبي، كوجود 8 آلات للتصوير بالرنين المغناطيسي لنحو 400 ألف شخص في منطقة معينة"، موضحاً أنه "في الدول المتقدمة يوجد آلة واحدة لهذا النوع من الخدمات الطبية لكل 500 ألف شخص".

ودعا عراجي لإعادة هيكلة القطاع الصحي، ما يؤدي إلى توزيع عادل في المؤسسات الرعائية والصحية والأدوات الطبية، ويؤمن الخدمات الطبية لشريحة أوسع من جهة ويضمن جودتها هذه الخدمات من جهة أخرى".

ولفت إلى أن المريض في لبنان "هو المتضرر الأول، فهو مَن يتوجب عليه دفع فاتورة الاستشفاء في ظل غياب المؤسسات الضامنة، إذ تشير منظمات الصحة العالمية إلى أن نحو 75 % من الشعب اللبناني غير قادر على هذه الفاتورة".

وتابع عراجي: "هناك في لبنان نحو 15% من المقتدرين مادياً، ومنهم من ساهم بسرقة الأموال ونهبها، وهؤلاء غالباً ما يتطببون في الخارج. ويبقى في المقابل 10% وهي الطبقة الوسطى في لبنان التي تستطيع الوصول إلى الحد الأدنى من العلاج".

وكشف أن "الغالبية الساحقة من الشعب اللبناني، والتي تصل نسبتها إلى 75 في المئة، تعتمد على مساعدات الأقارب والدعم الخارجي من العائلة والأصدقاء، في حال حاجتها إلى إجراء جراحات مكلفة، أو تأمين العلاج الضروري الذي بات سعره مرتفعاً جداً، وقد تصل الأمور حدة الموت لتعذر تأمين العلاج".

نقيب المستشفيات

نقيب المستشفيات الدكتور سليمان هارون، قال في تصريح لـ "الشرق"، إنه "يأسف، لأن القسم الأكبر من الفاتورة، تقع على عاتق المواطن، الذي بات يتجنب اللجوء الى المستشفى".

إلا أنه لا يوافق على تعبير "إعادة هيكلة المستشفيات"، موضحاً "هذا تعبير يستخدم اليوم في القطاع المصرفي، إلا أن القطاع الاستشفائي قبل ثلاث سنوات كان متألقاً ومتقدماً جداً من ناحية المعدات والموارد البشرية وكان قطاعاً ناجحاً بالطريقة التي نما بها".

وأضاف: "معدل عدد الأسرّة قبل الأزمة كان أقل من 3 آلاف بالنسبة لعدد السكان"، مستدركاً: "المشكلة أن بعض المستشفيات اضطرت إلى إقفال أقسام، وخفضت عدد الأسرّة خلال الأزمة، ولكن في الحالات الطبيعية هذا هو عدد الأسرّة الطبيعي".

دعم "التهريب"

يجمع المسؤلون في القطاعات الطبية المختلفة، على انعدام الرقابة والتخطيط من قبل الحكومات المتعاقبة في لبنان. وتظهر مشكلة الدواء في الحديث مع أي من المسؤولين، الدواء الذي بات يشكل غيابه الهاجس الأساسي للشعب، لأنه وحتى مع رفع الدعم عن الدواء، لا يزال المواطن اللبناني يعاني فقدان معظم الأدوية في الصيدليات والمستشفيات، وصولاً إلى فقدان أدوية السرطان والأمراض المزمنة، في  ظل فضائح توالت وتبادل اتهامات بتهريب الأدوية المدعومة.

وفي هذا السياق، رأى عاصم عراجي أن الدعم أتى في المكان الخطأ، قائلاً: "لقد صرفت الحكومات أكثر من 120 مليون دولار على الدعم، لم يستفد الشعب اللبناني بأكثر من 20 % منها، في وقت تم تهريب الأدوية المدعومة والاتجار بها في السوق السوداء".

بدوره، وافق المدير العام للمركز الطبي في "الجامعة الأميركية في بيروت" الدكتور جوزيف عتيق، على ما وجهه عراجي من اتهامات، قائلاً: "لطالما غاب تشجيع صناعة الدواء عن التخطيط في القطاع الصحي، ونحن نستورد أكثر من 85 % من الأدوية، وبدلاً من استدراك الخطأ مع بداية الأزمة، دخلنا في بدعة الدعم التي استفاد منها التاجر والمستورد والميسور والسائح والمغترب والمهرِّب قبل المواطن".

وأضاف: "تتجه الوزارة إلى ارتكاب الخطأ ذاته مع السماح لاستيراد 9 أنواع من أدوية السرطان غير المدعومة، ما سيفتح البازار مجدداً في السوق في ظل غياب أي رقابة على الأدوية المدعومة من عدمها".

إعادة ترتيب القطاع

مشكلة القطاع الصحي اللبناني تبدو مختلفة عن كل ما هو متعارف عليه في الأنظمة الصحية العالمية. ذلك أن من المتعارف عليه، أن الدول قيد التطوير تلجأ إلى بناء القطاع الصحي من واقع متخلف، وتصعد به تدريجياً، من المستوصفات، وصولاً إلى المستشفيات الكبرى، إلاّ أن مشكلة القطاع الصحي اللبناني أنه كان متطور جداً وبدأ عملية انحدار  يصعب تفاديها.

حتى أن المؤسسات الدولية ومنها صندوق النقد الدولي، تجد صعوبة بالتعامل مع واقع القطاع الصحي اللبناني، الذي يجمع كل المعنيين به، في الداخل أو الخارج على وصفه بالـ"مأساوي"، في ظل تحذيرات من تدهور أكبر يؤدي إلى كارثة إنسانية. 

نقيب المستشفيات سليمان هارون، رأى أن "إصلاح القطاع الصحي يبدأ من الاقتصاد"، لافتاً إلى أنه "في الوقت الحالي لا يوجد ما يوحي بأن هناك حماسة لدعم القطاع الصحي". 

أما نقيب الأطباء (الدكتور يوسف بخاش)، فاعتبر أن "أول صدمة سياسية إيجابية، سيكون لها انعكاس ايجابي على الوضع وعودة الثقة"، مشدداً على ضرورة "قيام وزارة الصحة بتقييم المستشفيات، وإعادة تأهيل القطاع". وقال: "السؤال الذي نطرحه الآن، هو: هل نحن بحاجة لكل هذا الانفلاش الطبي؟".

ولفت بخاش إلى ضرورة الانتباه إلى أن "هجرة الأطباء لا تؤثر فقط على المريض والطبيب، وإنما تنعكس على الاقتصاد والسياحة الطبية"، معتبراً أن "ضرب القطاع الطبي لم يطل الطبيب مباشرة، إنما هو ضربة للقطاع الاقتصادي والسياحي".

وشدد عاصم عراجي "على مسؤولية الدولة في ضبط التهريب، والعمل على البطاقة والخارطة الصحية"، محذراً من "الفوضى العارمة التي تنسحب على القطاع الصحي ما يجعله مأسوياً لأكثر من 75% من الناس". وقال إن تلك الفوضى "تؤدي الى تدهور نوعية الخدمات الطبية، وتنعكس على نتائج الفحوص والمستلزمات الطبية، ما سيهدد حياة الناس". 

أما خبير استراتيجيات الصحة الدكتور جوزيف عتيق فلا يزال يعتبر أن الأزمة الحقيقية "لم تضرب القطاع الصحي حتى الآن رغم الواقع المأساوي".

واعتبر عتيق أنه "من حسن الحظ أن القطاع الصحي كان مجهزاً أكثر من المطلوب. وأن نسبة الاستثمار والآلات والمعدات الطبية كانت جيدة جداً"، مشيراً إلى أن "هذه المعدات لم يبدأ عمر شيخوختها إبعاد". ولكنه حذر من أن "المشكلة الحقيقية ستبدأ بعد عامين أو ثلاثة على الأكثر، ذلك أن موضوع المعدات هو بمثابة قنبلة موقوتة ستنفجر عندما يحين وقت صيانتها أو تبديلها بمعدات أحدث". 

Copyright © 2022 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top