الانسحابات تتوالى من المهرجان الفرنكفوني و شاعر مغربي منسحب يرد على المخونين .. انا لست صهيونيا و احب لبنان البلد الجريح
اندبندنت عربية
Thursday, April 21, 2022
ما زالت أصداء البيان "الإتهامي" الذي أصدره وزير الثقافة اللبناني محمد المرتضى، عشية انطلاق المهرجان الفرنسي الفرنكوفوني "بيروت كتب"، وحذر فيه من "استغلال أي تحرك ثقافي في سبيل الترويج للصهيونية وخططها الاحتلالية العدوانية الظاهرة والخفية"، تتردد في فرنسا ولبنان. فأمس أعلن الكاتب والمخرج المسرحي الفرنكوفوني المعروف عالمياً وجدي معوض، عدم مجيئه إلى بيروت للمشاركة في المهرجان الفرنكوفوني، مما اضطر الإدارة إلى إلغاء ندوة وأمسية مسرحية كان سيقيمهما في الجامعة اليسوعية والمركز الثقافي الفرنسي، وكانت حجزت كل المقاعد مسبقاً، نظراً إلى اهتمام اللبنانيين بمسرحه وثقافته. وهكذا أضيف اسمه إلى لائحة الكتاب الذين انسحبوا، وهم باسكال بروكنير وبيار أسولين وإيريك شميت والطاهر بن جلون وسليم نسيب. وقد أساء بيان الوزير كثيراً الى اسم لبنان، خصوصاً في الاوساط الغربية الثفافية. ولعل سليم نسيب المعروف بانتمائه اليساري سابقاً، ومناصرته الدائمة للقضية الفلسطينية (أجرى حواراً مهماً مع ياسر عرفات)، كان متحمساً كثيراً للقاء قرائه اللبنانيين، وتقديم روايته الجدية "الضوضاء" التي تلقى نجاحاً كبيراً في فرنسا، هو اللبناني الفرنسي اليهودي الذي يملك أجمل الذكريات عن وطنه وماضي أهله.
مفاجأة بن جلون
غير أن المفاجأة الصادمة جاءت من الكاتب المغربي الفرنكوفوني الكبير الطاهر بن جلون الذي كان ألغى زيارته إلى بيروت بعد بيان الوزير "المقاوم" الذي اتهمه بـ"الصهيوني"، وكان من المقرر أن يشارك في اجتماع لجنة تحكيم جائزة غونكور الفرنسية بصفته عضواً فيها.
كتب بن جلون موضحاً سبب عدم مجيئه إلى لبنان وعدم مشاركته في "مهرجان بيروت كتب"، ورد على بيان وزير الثقافة اللبناني الذي أشار فيه إلى مشاركة كتاب يقومون بـ"الترويج للأدب الصهيوني" و"التطبيع الثقافي". وأكد بن جلون في مقالة له، نشرت اليوم، في موقع "لو 360" أنه "يحب لبنان، البلد الجريح، المدمى، المنهوب، والملقى في عزلة مدقعة"، وشدد من ناحية أخرى، على أن لبنان "لن يتمكن من النهوض ما دام لا يملك القوة والوسائل والأشخاص للتخلص من جسم غريب على أرضه، هو حزب الله".
وأضاف بن جلون: "كان يمكننا أن نتعامل مع هذا النوع من الاتهامات بازدراء، لكننا في بلد تسوده فوضى كبيرة ويفتقد إلى الأمن، اغتيل فيه كتاب وصحافيون، ناهيك عن رئيس جمهورية (رينه معوض)، في وضح النهار".
وسأل مكرراً السؤال: "لماذا رفضت الذهاب إلى بيروت؟"، وأجاب: " أنا على حد علمي لست صهيونياً، بل على العكس. لكن دعمي "اتفاقات إبراهيم" التي اعترفت بمغربية الصحراء وأقرت استئناف العلاقات مع إسرائيل، يجعلني صهيونياً في نظرهم". و يؤكد أن في ما يتعلق به شخصياً، "لا يمكن لمواقفه السياسية أن ترضي هذا الرجل (وزير الثقافة اللبناني) الذي يتحرك بين يدي السلطة الإيرانية".
قتل الكتّاب
ويسترجع بن جلون اغتيال الكتّاب اللبنانيين حسن حمدان ولقمان سليم وسمير قصير، ويصف قصير بالصديق، ويتذكر الطريقة الهجمية المروعة التي أسكت فيها. يسأل بن جلون: "كيف تذهب إلى ديار شخص يقول في وجهك لا نريدك هنا؟"، ويرى أن "من المسلم به أن الوزير، المأجور لدى حزب الله، يمثل نفسه فقط". ويسأل: "كيف يمكنك التأكد من أن مجنوناً آخر لن يستيقظ صباحاً ليرتكب مجزرة في عاصمة، شرطتها غير قادرة على السيطرة ولا أمان فيها لأي كان؟". وأضاف: "كان في إمكان أكاديمية غونكور أن تقرر عدم الذهاب إلى لبنان، لكننا نعمل بديموقراطية، وقد ألح رئيسها وأمينها العام على الحضور، كطريقة لإبلاغ الوزير بأننا لا نأخذ في الاعتبار تصريحاته العدوانية... لقد اتخذ الجميع قرارهم بالذهاب أو عدم الذهاب بحرية".
يقال في بيروت الآن، بعد موافقة حزب الله على ترسيم الحدود مع اسرائيل، أن جماعة الممانعة ومقاومة التطبيع، المرتبطين ارتباطاً غير مباشر بحزب الله، باشرت التحرك في ميدان الاتهام والتخوين، وتبدو اليوم "ساهرة" تنتظر أي موقف أو تصريح أو مشروع، تجد فيه ملمحاً تطبيعياً ولو ضئيلاً، لتقوم بحملتها التخوينية. ولعل سلوكها المبالغ فيه، إنما يجيء لتغطية اعتراف جبهة الممانعة، وتحديداً حزب الله، بحدود اسرائيل والموافقة على الترسيم. وهذه الموافقة تعني في ما تعنيه، كما يقال، اعترافاً وتطبيعاً غير مباشرين مع إسرائيل.
في لبنان أيضا، تتوالى المواقف المستنكرة لبيان وزير الثقافة، وأصدر "نادي القلم الدولي- بيروت" بياناً جاء فيه: "ما كان واضحاً في بيان الوزير، هو استعراض التهم الجاهزة من دون دليل ولا تعيين. ولم يؤت فيه على ذكر الجهة المعنية باستغلال الحراك الثقافي". واضاف: "كان صدور بيان الوزير قد سبق انطلاق "مهرجان بيروت كتب" الفرنكوفوني الذي تغيّب عنه أدباء فرنسيون مرموقون". وأضاف البيان: "نرفض قمع الحراك الثقافي في لبنان، خصوصاً أننا في مرحلة انهيار نحتاج فيها إلى التمسك بكل ما يقربنا من العالم وحاضره، فيما لا نزال نُدفع دفعاً إلى الهاوية. فلتبق لنا الثقافة من دون إرهابها وإرهابنا بعدما هاجرعدد كبير من نخبنا ومبدعينا".