ميليشيات تلعب دور أساس فيها .. آليات تجارة تهريب البشر عبر الحدود اللبنانية
اندبندنت عربية
Thursday, April 21, 2022
في الآونة الأخيرة، أبدت المنظومة السياسية في لبنان ميلاً واضحاً إلى إعلاء صوت غرغرتها بمشكلة النازحين السوريين في لبنان، خصوصاً تحميلهم مسؤولية الانهيار التاريخي الذي يطحن البلاد والعباد. وبالتالي لا يصعب على العين أن تلتقط الميل إلى جعل النازحين السوريين كبش فداء تعلق عليه مسؤولية الفشل التاريخي لتلك المنظومة السياسية الذي تراكم عبر ثلاثة عقود، وفق تقارير منظمات دولية عدة، ولم يدخل النزوح السوري إلى مشهديته إلا في ثلثه الأخير.
واستطراداً، لا يصعب أيضاً فهم أن ظاهرة النزوح السوري تملك أبعاداً متعددة في علاقتها مع الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي غير المسبوق الذي يعانيه لبنان.
ومن بين أبعاد تلك الظاهرة يبرز تهريب البشر عبر الحدود اللبنانية بوصفه ملمحاً مهماً فيها. وأخيراً، نشرت مؤسسة "شاتهام هاوس" البحثية البريطانية، تحقيقاً صحافياً حول تلك الظاهرة، خصوصاً دور "حزب الله" فيها.
ووفق ذلك التحقيق الذي استند إلى معطيات ميدانية وثقها "برنامج أدلة النزاع العابر للحدود واتجاهاته" [يعرف باسمه المختصر "أكسبت" XCEPT]، يجري التهريب بين سوريا ولبنان في الاتجاهين، عبر عشرات من المعابر غير القانونية. وتهيمن شبكات محلية على تلك الظاهرة. ويرى التحقيق أن معظم من تشملهم "يفعلون ذلك لأسباب مالية"، إضافة إلى اللاجئين السوريين في لبنان، و"المعارضين السياسيين لنظام الأسد، ومقاتلي المعارضة المسلحين"، وأشخاص مطلوبين في قضايا جنائية وفارين من الخدمة العسكرية، وغيرهم. ولا يغيب عن تلك المشهدية التنقل اليومي عبر الحدود لسكان المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا.
كذلك رصد التحقيق نفسه، وجود طرق رئيسة للتهريب أبرزها تلك التي تجري عبر مسالك في ريف حمص، إذ تتميز بسهولة عبورها بواسطة "الحافلات أو السيارات، وأحياناً الدراجات النارية". وفي المقابل، يُلاحَظ أنه "كثيراً ما تغض قوات الأمن والقوات العسكرية التابعة للنظام السوري، وكذلك (حزب الله)، الطرف عن هذا النوع من التهريب، ويرضون بالرسوم التي يدفعها لهم المهربون"، وفق التحقيق نفسه. وتتراوح كلفة التهريب بين 100 و150 دولاراً للشخص، فيما تدفع العائلات رسوماً أقل من ذلك.
كل شخص بثمنه أما الجرائم فمغفورة!
هنالك معابر تهريب ثانية يشار إليها باسم "الأمنية" لأن من يسلكها هم المطلوبون أمنياً من النظام السوري، وتعتمد كلفة عبورها على "درجة أهمية الشخص الذي يجري تهريبه بالنسبة إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية للنظام السوري". ومن أبرز معابر التهريب "الأمنية" تلك الطرق الممتدة بين بلدتي شبعا اللبنانية والطفيل السورية.
وتضم المجموعة الثالثة من معابر التهريب، ما يسمى "الخط العسكري" في إشارة إلى طريق أنشأته القوات السورية بين عامي 1976 و2005 أثناء المراحل المختلفة من التدخل السوري في لبنان. ويعتبر ذلك الخط "أكثر كلفة وأقل شيوعاً" بالمقارنة مع الطرق الأخرى في تهريب الأشخاص عبر الحدود اللبنانية - السورية. وكذلك يستخدم "الخط العسكري" في وصف "طريقة تهريب الأشخاص التي يقوم بها أعضاء (حزب الله) في سياراتهم من خلال معابر غير قانونية محددة، إذ لا يخضع المسافرون عبر هذه "الخطوط العسكرية" لأي رقابة أمنية من جانب أي طرف على جانبي الحدود". وتتراوح كلفة عمليات عبر "الخط العسكري" بين ثلاثة آلاف و10 آلاف دولار أميركي. وبالتالي، تأتي غالبية عابري ذلك الخط "من الأثرياء وحاملي الجنسية الأجنبية أو السوريين المقيمين في أوروبا بصفة لاجئين الذين يرغبون في زيارة سوريا دون ختم رسمي"، لأن ظهور ذلك الختم على أوراق لجوئهم في أوروبا يعرضهم لفقدان المكاسب التي يحصلون عليها من وضعيتهم كلاجئين في تلك القارة.
وفي ملمح آخر، يشير تحقيق "شاتهام هاوس" إلى عمليات خطف تجري على طرق تهريب الأشخاص عبر الحدود بين لبنان وسوريا، خصوصاً من يسلكون طرق ريف حمص.
ويصل التحقيق نفسه إلى خلاصة مفادها أنه "بالإمكان تهريب أي شخص عبر الحدود إذا دفع السعر المناسب، بصرف النظر عن مدى معارضته للنظام السوري أو (حزب الله)، وبصرف النظر عن الجريمة التي ربما يكون ارتكبها".
ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها