جرى افتتاحه عام 1965 ولعب دورا بارزا في الحياة الفنية والثقافية .. مسرح البيكاديللي.. عنوان لبنان الثقافي في الزمن الجميل
الاناضول
Thursday, April 21, 2022
في ستينيات القرن الماضي كان المسرح اللبناني العالمي "البيكاديللي" منارة للفن وعصبا للثقافة أيام الزمن الجميل في بلد أنهكته الحروب والأزمات الاقتصادية.

ما يزال هذا المسرح محفورا في ذاكرة اللبنانيين الذين يأملون في إعادة الاعتبار إلى قيمة وذاكرة ثقافيّة فنيّة اشتُهرت بها بيروت التي لقبها البعض بـ"سيدة العواصم".

هذا الصرح، الموجود في شارع الحمرا الشهير غربي بيروت، يردده يوميا كل من يقصد ذلك الشارع حيث بات اسم البيكاديللي كبوصلة في شارع الحمرا "أوصلني على البيكاديللي" أو "نلتقي بجانب البيكاديللي".

صرح فني ثقافي

في عام 1965 افتتح وزير الداخلية آنذاك بيار الجميل مسرح قصر البيكاديللي الذي صمّمه وبناه المهندسان اللبناني وليم صيدناوي والفرنسي روجيه كاشار، معتمدين شروطا هندسية تليق بالأعمال الفنيّة الضخمة.

وتزيد مساحة المسرح عن ألفي متر مربّع، وتتسع قاعته لحوالي 800 شخص وتميّزت بمقاعدها المخملية الحمراء وزيّنت جدرانه بصور لكبار الفنانين مثل اللبنانية فيروز والفرنسية داليدا ومواطنها شارل أزنافور بجانب فرق فنية أوروبية وأمريكية.

استوحي اسمه من أحد مسارح لندن الشهيرة "بيكاديللي سكوير"، واعتُبر أول صرح فني ثقافي في شارع الحمرا وأحد أهم وأضخم المسارح اللبنانية.

افتُتح البيكاديللي بعروض لفرقة "أوبيرا فيينوار". وارتبط اسمه لاحقا بالسيدة فيروز والأخوين رحباني، حيث قدموا على خشبة مسرحه مسرحيات غنائية منها هالة والملك (1967)، والشخص (1968)، ويعيش يعيش (1970)، وناس من ورق (1971)، ولولو (1974)، وميس الريم (1975)، وبترا (1977).

وبعيدا عن الفن اتخذ الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (1929-2004)، وفق تقارير صحفية، من قصر البيكاديللي أكثر من مرة "ملجأ" له خلال الاجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982.

وبعد توقفه خلال الحرب الأهلية (1975 -1990) أعُيد العمل في المسرح في التسعينيات حتى احتراقه وإغلاقه، وهو خبر ضجّت به الصحف ونشرات الأخبار في أغسطس/ آب 2000، ليطوي حقبة مشرقة من تاريخ الفن والثقافة في بيروت.

فنانون عالميون

المسرح المتروك لمصيره منذ 2000 قال الشاعر والكاتب المسرحي بوول شاوول لمراسل الأناضول إنه "كان من أهم المسارح وأفضلها من ناحية العمارة والتصميم والتقنيات في ذلك الحين".

ولفت إلى أنه "مر على هذا المسرح اللبناني العالمي أهم وأشهر المغنين والموسيقيين العرب والأجانب أمثال الفنانة الفرنسية داليدا والموسيقار اليوناني ميكيس ثيودوراكيس وشارل أزنافور والرحابنة والفنان اللبناني روميو لحود".

كما أن "البيكاديللي كان الوجه الأول للحداثة في شارع الحمرا كمعمارية ودور ثقافي ونُظمت فيه مهرجانات فنية (موسيقية وغنائية) مهمة"، بحسب شاوول.

وأوضح أن مع بدء الحرب الأهلية تراجع دوره في شارع الحمرا بعد إقفال المسارح والسينمات بسبب الأوضاع التي فرضتها الحرب.

أما اليوم، بحسب شاوول، "فهو بقايا ذكريات يحتاج إلى ملايين الدولارات لإعادته"، متمنيا "عودته إلى ما كان عليه من دور ثقافي وفني رائد في لبنان والعالم العربي".

الحرب والاقتصاد

عضو تجار شارع الحمرا محمد الريس قال للأناضول إنه "تم افتتاح قصر البيكاديللي في الستينيات في عز إزدهار لبنان اقتصاديا حيث كان من أهم القصور المسرحية في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط وبقي حتى بداية الحرب الأهلية حتى تغيرت الظروف كليا".

وتابع: "تردد على المسرح أشهر الفنانين العرب على رأسهم الفنانة فيروز وعبد الحليم حافظ وصباح ووديع الصافي، إضافة إلى (أعمال) أقوى الممثلين في العالم العربي منهم مسرحيات للممثل المصري الشهير عادل إمام (مدرسة المشاغبين) وغيرهم الكثير".

و"في ذلك الوقت كان على كل من يأتي إلى لبنان زيارة شارع الحمرا و (لاسيما) مسرح البيكاديللي وكان يحتاج إلى أسابيع للحصول على حجز لأي عمل مسرحي وعلى رأسها (أعمال) الست فيروز"، وفق الريس.

وتمنى "أن تعود ظروف البلد على ما كانت عليه في تلك الأيام لإعمار قصر البكاديللي ويرجع أفضل مما كان عليه".

وبالنسبة لأسباب إقفال هذا المسرح العريق، قال الرئيس إنها "ظروف الحرب التي مرت على لبنان إضافة إلى الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعاقبت منذ انتهاء الحرب الأهلية في العام 1990".

ترميم المسرح

جمال (62 عاما) يعمل كحارس للمسرح وهو من الذين عايشوا زمن مسرح البكاديللي.

وبحسرة، قال جمال للأناضول إنهم كانوا يجمعون الأموال من شهر إلى شهر ليأتوا إلى شارع الحمرا وحجز إحدى المسرحيات والمهرجانات في البكاديللي.

وأضاف: "فقدت العاصمة الكثير، ولكن لا يستطيع أحد أن يلتهم الذاكرة أو يمحوها".

لكن ثمة بارقة أمل إذ تداولت وسائل الإعلام قبل أشهر أخبارا عن إعادة ترميم مسرح قصر البيكاديللي.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلن وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى أن "أزمة البيكاديللي شبيهة بأزمة شارع الحمرا، حيث إن هناك كثيرا من التحديات التي تواجه عمل الوزارة، إلا أن موضوع الترميم قد وُضع على سكة العمل".

لكن مصادر فنية قالت للأناضول إنه جرى تأجيل مشروع إعادة ترميم المسرح الذي أعلنه الوزير المرتضى بسبب الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان.

ومنذ 2019، تعصف بالبلاد أزمة اقتصادية حادّة صنّفها البنك الدولي واحدة من أشد 3 أزمات في العالم، وأدّت إلى انهيار مالي ومعيشي وشحّ بالوقود والطاقة والأدوية.

وحاليا، تمتلك وزارة الثقافة مسرح قصر البيكاديللي، بعد أن تملكت لجنة الودائع الوطنية (مؤسسة عامّة) المبنى بالكامل وأوكلت القصر إلى الوزارة بعد أن كان ملكيّة خاصّة للأخوين خالد وهاشم عيتاني بحسب جمعية "تراث بيروت".

Thursday, December 22, 2022 - إقرأ الخبر من مصدره

إضغط هنا للانضمام الى قناة صدى الارز على Youtube

ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها

Copyright © 2022 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top