اللحظات الأخيرة لروميو لحود ترويها ابنة أخيه الفنانة الين لحود للراي الكويتية
هيام بنوت - الراي الكويتية
Thursday, April 21, 2022
فَقَدَ لبنان قبل أيام المؤلف الموسيقي المسرحي الكبير روميو لحود الذي لعب دوراً بارزاً في إثراء الفنّ اللبناني ونشر الأغنية اللبنانية بصوت الراحلتين سلوى القطريب وصباح.
وفي حديث مع «الراي»، تحدّثت الفنانة ألين لحود، وهي ابنة شقيق الراحل وكريمة الفنانة الراحلة سلوى القطريب، عن الفترة الأخيرة من حياة عمّها، عن دوره في حياته ونصائحه لها:
• كيف عاش الراحل روميو لحود الفترة الأخيرة من حياته؟
- عاش بهدوءٍ في بيته في الجبل وكان يمضي معظم وقته في الحديقة. هو كان مستعداً ويعرف أنه سيموت وكان يقول إنه أنجز مهمته على الأرض، ولكن نحن كعائلته لم يكن لدينا مثل هذا الاستعداد لأننا كنا نعتقد أن رحيل روميو لحود بعيد، بينما هو كان متصالحاً جداً مع فكرة الموت وكان يتحدث عنه بشكل شبه يومي وكأنه شعر بأن ساعته اقتربتْ وأن أيامه أصبحت معدودة.
• كم دامت فترة تفكيره بهذه الطريقة؟
- تقريباً قبل شهرين أو ثلاثة من وفاته. هو كان مستعداً للموت أكثر مما كنا نتخيّل.
• يبدو أنه كان متصالحاً مع نفسه ومع فكرة الموت، خصوصاً أنه لم يؤذِ أحداً؟
- كان محبوباً من كل الناس، والجميع كانوا يحبونه ويذكرونه بالخير، فهو لم يؤذ أحداً في حياته ولم يتكلم بالسوء عن أي شخص، حتى إنه لم يردّ على الذين حاربوه. لطالما كان متصالحاً مع نفسه ومع الناس وراضياً عن كل شيء قام به وقدمه. كان يحب أن يعيش بسلام ومتواضعاً إلى أبعد حد. وليت الفنانين الذين يعتقدون أنهم «شيء»، خصوصاً الكبار منهم، يتعلّمون التواضع.
• في رأيك، ما البصمة الأبرز التي تركها في الفن اللبناني؟
- هو كان البصمة بحد ذاتها. اسمه بصمةٌ وأعماله بصمةٌ، وكان فناناً سابقاً لعصره وقدّم أعمالاً مميزة في وقت لم يكن هناك تطور. لم يكن أحد يتخيل أن هذا الإنسان الذي ينتمي إلى بيت سياسي ودرس في فرنسا وإيطاليا سيحضر أهمّ الفرق الفنية العالمية إلى لبنان ويبهر الناس بالمهرجانات التي قدّمها.
• ما الدرس الذي تعلّمتِه منه؟
- التواضع والمثابرة وعدم الاستخفاف بالناس والتحضير لأعمالنا بشكل جدي. روميو لحود استقبله وكرّمه أهمّ ملوك ورؤساء العالم، وهم كانوا أصدقاءه ولكنه لم يتكلم يوماً في هذا الموضوع، هذا عدا ثقافته وعلمه ومعرفته.
روميو لحود عاش متواضعاً ومات متواضعاً ولم يصبه الغرور أبداً، مع أنه كان يحق له ذلك أكثر من غيره. ومع أنه تعرض في بعض الأماكن للظلم إعلامياً وفنياً، إلا أنه ظلّ كبيراً لأنه كان إنساناً متصالحاً مع نفسه.
• إلى جانب كونه عمك ويوجد رابط الدم بينكما، فما كانت وصية الراحل روميو لحود لك كفنانة؟
- كان يقول لي إنه يجب أن أستمرّ لأنني أملك موهبة كبيرة تمكّنني من الوصول إلى أبعد الحدود. كما كان يردد دائماً أنه يجب ألا أتوقف أو أستسلم مهما كان حجم الصعوبات التي تواجهني، لأنه تَعَرَّضَ هو أيضاً للكثير من الصعوبات ولكنه قاومها وواجهها وتمكّن من التغلب عليها والاستمرار فنياً.
وكان يشدد أيضاً على أنه لا يخاف عليّ لأنه واثق تماماً من أنني سأستمرّ رغم كل ما يعترضني. هو كان محبّذاً للفرح، وكان يطلب مني أن أُفْرِح الناس مهما حصل معي وأن أقوم بعملي الفني بحبٍّ وشغف.
• أشرتِ إلى أنه طلب منك ألا تبتعدي عن الفن، فهل كانت لديك نية بترْك المجال؟
- كلا، ولكنني كنت أمرّ أحياناً بفترات من الإحباط عندما كنتُ أراقب الجو الفني بوجود فنانين لا يعتمدون على موهبتهم، بل على التسويق لهم. حجمُ التسويق لبعض الفنانين يفوق كثيراً حجم موهبتهم وفنهم، ولكن روميو لحود كان يردد دائماً أمامي: لا تخافي، لا يصحّ إلا الصحيح، وذلك بناءً على تجربة شخصية لأنه تَعَرَّضَ للكثير من المحاربة في بداية مشواره الفني وكثيرون حاولوا الوقوف في طريقه كما هي حال كل فنان قوي وموهوب وحقيقي، ولذلك لطالما قال لي: لا تسمحي لهذا الأمر بأن يحبطك أو أن يخفّف من عزيمتك.
• لطالما تلقيتِ الدعمَ من عمك حتى إنك قدّمتِ معه مسرحية «بنت الجبل» قبل أعوام عدة. اليوم على مَن ستعتمدين بعد رحيله؟
- هو كان قال لي: أنتِ صنعتِ نفسك بنفسك وحان الوقت كي أقدمك في عمل مسرحي. وقدّمنا «بنت الجبل»، ويومها كان قد مرّ نحو 15 عاماً على انطلاقتي الفنية، وكنتُ قد نجحتُ وصنعتُ اسماً لي. هو كان يؤمن بي كفنانة، لأنني اعتمدتُ على نفسي وصنعتُ شهرتي من دون الاتكال على اسم عائلتي، وهذا الأمر لعب دوراً كبيراً في تعاوننا معاً في تلك المسرحية. روميو لحود لم يكن يبخل عليّ بالنصيحة، كما كان يشجعّني وينتقدني عندما كان يستلزم الأمر ذلك.
أعرف أنني محظوظة بوجود والدي وكل المحيطين بي، ولكنني كفنانة أملك ما يكفي من الخبرة كي أميّز بين ما يجب أن أفعله وما يجب ألا أفعله وأن أتعلم من أخطاء الماضي وأستفيد من خبرة عمي وتجربته ونصائحه ومشواره الفني الطويل. والنصائح تُرافِق الإنسان كل العمر.
ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها