كلنا شاهدنا على الشاشات تلك الكارثة الكبرى التي ضربت تركيا و أجزاء من سوريا و التي قضت على عشرات الآلاف من الأبرياء بلحظة واحدة و كلنا سمعنا استغاثات الناس و أنينهم من تحت الأنقاض و كلنا أيضاً و أيضاً شاهدنا كيف هبّ العالم بلحظة تضامن انساني نادرة لمحاولة المساعدة في البحث عن ناجين تحت الركام و انقاذ ما يمكن انقاذه و احتواء تلك الكارثة الكبرى …
مشهد رخيص واحد خرق كل تلك الضوضاء و بدا نافراً و مشمئزاً عن المشهدية الإنسانية الواسعة التي عمّت العالم …
ذلك المشهد كان تلك المحاولة البشعة مما يسمى بمحور الممانعة لاستغلال هذه المأساة الإنسانية من أجل إجبار العالم على الانفتاح على النظام السوري المعزول بعد سنوات القتل و التدمير التي مارسها ضد الشعب السوري …
كلنا ندرك لا انسانية من يسمون انفسهم بالممانعين و كلنا لمسناها في محطات كثيرة من ذبح الشعب السوري و تهجيره بدم بارد الى قمع تظاهرات إيران و تعذيب و قتل النساء هناك و ما بينهما أو قبلهما من تصرفات حدثت في هذا العالم على مدى سنوات و سنوات أظهرت بوضوح الصورة البشعة لهؤلاء ..
و لكن أن تصل الأمور بهم الى استغلال كارثة إنسانية كالتي حلّت بالشعبين السوري و التركي و محاولة الاستثمار بها في السياسة و و تجيبرها للحصول على بعض المكاسب فهذا الذي لم يستطع إنسان حر في العالم تقبله !!!
العالم يسأل و بموضوعية بعض الأسئلة المشروعة :
كيف لمن قتل الأبرياء بإسقاط البراميل المتفجرة عليهم من السماء و هو ما لم يفعله هتلر في عز جبروته كيف لنظام كهذا أن يحاول إقناع العالم بخوفه المفاجئ اليوم على الضحايا الأبرياء و الطلب من هذا العالم بالذات رفع العقوبات عنه للمساعدة ؟
كيف لمن قتل الأطفال بالأسلحة الكيماوية الأمر المثبت بالأدلة الحثية لدى الأمم المتحدة و المجتمع الدولي أن يطلب من العالم تصديق لهفته المستغربة و المفاجأة على شعبه ؟؟
كيف لمن هجّر نصف الشعب السوري من أرضه و حوّلهم الى لاجئين و مشردين في أصقاع الأرض أن يحاول و بوقاحة إظهار نفسه على أنه جزء من جهود المساعدة لاحتواء تلك الكارثة الإنسانية و بالتالي تصوير نفسه على أنه المسؤول عن إنقاذ الضحايا ؟؟
كيف لمن استجلب كل ميليشيات الأرض الإرهابية الى بلاده و تركها ترتكب جميع انواع الموبقات بحق شعبه دون أن يرف له جفن أن ينصّب نفسه اليوم حامياً و منقذاً لهم من الكارثة ؟؟ ما هذه الوقاحة التي ما بعدها وقاحة ؟؟
العالم كله مدرك لما حصل في سوريا منذ سنوات و سنوات حتى لو ارتفع صوت هؤلاء باستغلال رخيص لمأساة انسانية كبرى لتحصيل بعض المكاسب السياسبة على حساب دماء الضحايا الذين دفنوا تحت الركام و لن تمر تلك المحاولات المفضوحة أبداً !!
ما هذا القدر للشعب السوري المسكين و ما هذا النحس ؟؟ كأن الطبيعة أيضاً تساعد قاتله !!! كأن كل شيء تحول ضدّه و تآمر عليه لدفنه حياً تحت أنقاض الحروب و الديكتاتوريات و غضب الطبيعة !
لكن الله يرى و سيأتي يوم يحاسب فيه قتلة هذا الشعب المسكين الصابر على المحن و سيأتي اليوم الذي يعاقب فيه من استغلوا آلامه و دمائه و تاجروا فيها بأسواق نخاستهم الرخيصة !!!
اللوم لا يقع على الممانعين و لا على الأنظمة الديكتاتورية التي تشبههم في هذه المنطقة و التي يناسبها بقاء نظام قمعي في سوريا لتبرر ما تفعله بشعوبها و تقارن بين تساهلها النسبي مع ناسها و قمع النظام السوري الوحشي و من هنا نفهم مسارعتها الى الانفتاح عليه … اللوم على بعض من يدّعون حماية الانسانية و حقوقها في العالم الحر إن صدّقوا الممانعين أو رفعوا عنهم عقوبات أو حاولوا إعادتهم الى حضن العالم بعد نبذهم لسنين لأنه ووقتها يكونون قد فقدوا ما تبقى لهم من بعض مصداقية ما زالت قائمة حتى يومنا ..
أخيراً … استغلالكم للمآسي مقرف و مشمئز و يشبهكم و لن يصدقكم أحد فماضيكم الأسود في ارتكاب الفظائع و الموبقات يسير أمامكم و يدل عليكم و يشكل علامتكم الفارقة في هذا العالم لذا لا تتعبوا انفسكم … فكما لم ينفع إجرامكم في انهاء ثورات الشعوب لن ينفع صوتكم المرتفع اليوم في إخفاء ما فعلتموه سابقاً و تفعلونه اليوم و ستظل صورتكم قبيحة قبح افعالكم الشنيعة حتى يأتي اليوم الذي يحاسبكم فيه قضاء عادل على هذه الارض لكل ما اقترفتموه .