حاولنا استرجاع أحداث الماضي في ذاكرتنا و حاولنا التفتيش في الكتب و المراجع لأزمنة سابقة عن أحداث شبيهة بما يجري في لبنان هذه الأيام فلم نجد ما يشبهها .
حتى في عز الأزمات و الحروب و بحور الدماء و الدمار لم يسبق لنا أن عشنا عهر اً و فجور اً و قهراً كالذي يمارسه البعض اليوم ..
أن تحوِّل الضحية الى جلاد و تنكِّل به بفجور قلَّ نظيره و تزج به في السجن بدل القتلة و المجرمين فهذا ما لم يحصل عندنا الا زمن حافظ الأسد المشؤوم …
أن تجلد أماً ما زالت متشحة بالسواد حتى اليوم حزناً على فلذة كبدها الذي غادرها بغفلة من الزمن دون أن تراه أو تشمه أو تودعه … هي من استلمت ابنها قطعاً و أجزاءاً و دفنته على دفعات .. أن يذلَّها بعض صغار هذه الأيام و يحاولون سرقة ما تبقى لها في هذه الحياة فهذا ما لم نشهده في لبنان على مرّ العصور و الأيام .
أن يُضرب كاهن مسيحي بلباسه الكهنوتي المقدس على مرأى من كل وسائل الإعلام و بوقاحة لم تسبقها وقاحة بغض النظر عما حصل على الأرض و المسؤوليات المتروكة لتحقيقات المعنيبن بها .. فهذا ما لم نرى شبيهاً له في عز الحرب الأهلية اللبنانية .
لكل من يحلم بإعادة عقارب الساعة الى الوراء و لكل من يحن لأيام عدنان عضوم و زمن غازي كنعان نقول … لم ندفع كل تلك الأثمان و لم نقم بثورة الارز المقدسة حتى نعود الى ما قبلها و سنمنع ذلك بكل ما أوتينا من قوة و لن نسمح بعودة الدولة البوليسية مهما كلّفنا هذا الأمر .
ما هكذا يحكم لبنان يا سادة و ما هكذا يدار … ألم تتعلموا شيئاً من تجارب الماضي ؟؟ الم تدركوا بعد أن للتاريخ مساراً واحداً يمكن لكم تأخيره ربما بعض الوقت لكنكم حتماً لن تستطيعوا تغيير اتجاهه المحتوم !!!
لبعض المجانين و المهووسين و الوصوليين … أتدركون أنكم و بتصرفاتكم هذه تأسسون لحرب أهلية جديدة ؟؟ أتدركون أن صبر الناس كاد ينفذ ؟؟ هذه الناس التي ستخلعكم عن عروشكم يوماً و تقدمكم لقضاء عادل و نزيه لتنالوا عقابكم الذي تستحقونه .
لا وليم نون ليس مجرماً … هو ضحية كشقيقه و أمه … هو شاهد حي على ما فعله انفجاركم المشؤوم بأجساد سحر و رالف و رفاقهما من الأبرياء الذي أسقطهم إهمالكم و ربما أكثر من إهمال ..
بعد ثلاثين عاماً صدر الحكم بإعدام الارهابي المجرم حبيب الشرتوني قاتل بشير الجميل و بعد سنوات طويلة من المحاكمة صدر الحكم أيضاً على الإرهابيين قتلة رفيق الحريري و ستصدر الأحكام يوماً على من قتلوا بيروت و ذبحوا و هجروا أهلها في انفجار العصر المشؤوم فشرفاء هذا الوطن لن يكلّوا أو يملوا حتى تحقيق العدالة للضحايا لأن دمائهم أمانة في اعناقهم و أعناقنا .
ايها الفاسدون المهملون … يا من تسببتم بقتل أهلنا … ربما الفرصة و الظروف سمحت لكم اليوم بتأخير مسار التاريخ قليلاً لكن يوم الحقيقة آتٍ لا محالة و ستنالون عقابكم الذين تستحقونه عن كل ما اقترفتموه بحق شعبكم ووطنكم … و مهما طالت الأيام سننهض من تحت الركام كطائر الفينيق مرة من جديد ليحيا لبنان .