مرة أخرى فراغ في بعبدا … مسببون و مستفيدون و مجتمع يدفع الأثمان .
مرة أخرى فراغ في بعبدا … مسببون و مستفيدون و مجتمع يدفع الأثمان . Posted on Sunday, April 10, 2022

كتب المقال : شربل نوح
charbelnouh@mail.sadalarz.com
Thursday, April 21, 2022
كأن الفراغ في كرسي بعبدا أصبح عرفاً في السنوات الأخيرة أو منذ نهاية الحرب و حتى اليوم .

و كأن ما عجز البعض عن تحقيقه من إفراغ للرئاسة مما تبقى لها من صلاحيات بعد الطائف يتحقق له مجاناً اليوم و بأيدي من يفترض أن يكونوا مؤتمنين على هذا المركز الذي يؤمن حضورهم الوزان في السلطة داخل التركيبة اللبنانية الهشة .

في زمن الشيعية السياسية الذي نعيش حصل أمرين مهمين استفادت منهما بعض القوى و لو بطريقة غير مباشرة لتعزيز حضورها و سيطرتها على الدولة من خلال تثبيت مواقعها و منع أي أحد من المس بها فما الذي جرى بالتحديد ؟

أولاً في رئاسة الحكومة :

منذ إسقاط حكومة كرامي في أوائل التسعينات لم تستطع أي حكومة الصمود بوجه أي تحرك شعبي فكلما تحرك الشارع سقطت حكومة و سقط رئيسها معها و كلما أرادت قوى أخرى إضعاف الوضعية السنية حرّكت شارعٍ ما في وجههم و أسقطت موقعهم الأول في الدولة تمهيداً لاستبداله بآخر تابع لها و فرض مشيئتها عليهم لأن هذا الموقع و ببساطة تحول نتيجة عدم وعي بعض القيادات السنية في مرحلة معينة الى موقع غير ثابت و حساس جداً يتأثر مباشرة بكل ما يحصل على الأرض من تحركات .

هذا بالتحديد ما خشيت بكركي من تكريسه في رئاسة الجمهورية عندما رفضت بشكل قاطع أي إسقاط لأي رئيس في الشارع و تحت الضغط لكنّ ما عاد و تكرس في موضوع الرئاسة كان أشد خطورة بكثير على الموقع الأول في السلطة .

ثانياً في رئاسة الجمهورية :

هو الفراغ المتتالي الناتج بشكل أساسي عن العجز الدائم من انتخاب خلف للرؤساء بسبب لعبة التعطيل التي مارستها بعض القوى المسيحية و غير المسيحية بشكل عشوائي مع ما استتبع ذلك من تداعيات من كل النواحي على هذا الموقع ً .

على من يريد أن يحمي موقع رئاسة الجمهورية أن لا يساهم في لعبة كهذه لأنها أخطر بكثير من لعبة الإسقاط في الشارع  فما يجري في رئاسة الجمهورية لا يضعفها فحسب إنما يهز أركانها من أساسها .

سيأتي يوم و هو لم يعد ببعيد يقول  فيه أحدهم أن التعطيل المستمر الذي مارستموه يستدعي نقل الرئاسة الى طرف آخر أو أقله تحويلها الى مداورة بين الجميع مع ما يعنيه ذلك من إخراج نهائي لكم من أي تأثير داخل السلطة و دائرة القرار .

موقع ثابت و مواقع متحركة :

ما حصل منذ الطائف حتى اليوم هو تثبيت موقع رئاسة المجلس النيابي الذي لم يتجرأ أحد على الاقتراب منه نتيجة الوضعية الشيعية الصلبة مقابل اهتزاز و تقلب المواقع الأخرى و الذي أضعفها كثيرا و جعلها غير مستقرة و ثابتة .

فرئاسة الحكومة و كما شرحنا تسقط عند كل تحرك شعبي و ما نجت منه رئاسة الجمهورية في هذا السياق نتيجة وعي بكركي عادت لتعاني مما هو أخطر منه و هو تكريس عرف إفراغها من شاغلها لفترات معينة و بشكل متتالي نتيجة الطموحات الشخصية المدمرة لبعض القوى المسيحية و الذي تستفيد منه بطبيعة الحال القوى الجاهزة للحلول مكانهم في بعبدا .

من صناع قرار الى أدوات صغيرة :

سيذكر التاريخ أن متسلقين و شعبويين و فاسدين تحكموا يوما بمصير الموارنة فساهموا بإضعافهم أكثر و بتخسيرهم القليل المتبقي لهم في السلطة بلعبة جهنمية حولوا انفسهم فيها الى أدوات تخدم مشاريع مناقضة لطبيعة دورهم و تاريخهم العريق في هذه البقعة من العالم .

سيأتي يوم و يلعن التاريخ تلك الأدوات في مشاريع قوى الظلام و العنف و الدمار … مجتمعكم كان السباق الى العلم و النور و المعرفة … مجتمعكم هو من حفظ أبجدية الحرية في هذا الشرق و حافظ عليها في أصعب الأيام و أحلك الليالي فأتيتم انتم في غفلة من الزمن لتبيعوا ما جناه الأجداد بالعرق و الجهد والدم و بأقل من ثلاثين من الفضة .

سيحاسبكم الله لأنكم فرّطتم بالوزنات الكثيرة التي أعطاكم إياها و حافظ عليها الأجداد طوال مئات السنين في هذه المنطقة الصعبة فرهنتم أنفسكم لقوى الظلام و تناسيتم بطولات و تضحيات من سبقوكم لنبقى هنا في أرضنا شعباً حراً كريماً معافى .

الخطر  على الكيان كبير و من يستعشرونه قلّة للأسف … ارحمنا يالله و نجنا من شرور البعض منا لأن ما لم نخسره في الحروب  خسرناه بانتحارنا الجماعي فانتهينا و انتهى لبنان معنا … ذلك الوطن الصغير الجميل الذي بنته سواعد الآباء و الأجداد عبر التاريخ و الأيام .

Copyright © 2022 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top