لماذا علينا الحفاظ على مؤسساتنا الأمنية حتى لو حصلت بعض الأخطاء ؟
لماذا علينا الحفاظ على مؤسساتنا الأمنية حتى لو حصلت بعض الأخطاء ؟ Posted on Sunday, April 10, 2022

كتب المقال : شربل نوح ناشر موقع صدى الارز
charbelnouh@mail.sadalarz.com
Thursday, April 21, 2022
مما لا شك فيه أن العمل الأمني في لبنان مرّ بمراحل كثيرة تاريخياً و بالطبع حصلت بعض الأخطاء أو التقصير في محطات كثيرة منذ سقوط تلك المؤسسات مع بداية الحرب عندما منعت من القيام بواجبها حتى زمن الوصاية السورية الذي سخرها رغماً عنها لتنفيذ الأجندات الخاصة به وصولاً الى انتفاضة ١٧ تشرين و بعض التجاوزات الفردية و العرضية التي حصلت رغم حسن إدارتها للوضع بشكل عام خلال تلك الانتفاضة و هذا ما لم يسلّط الضوء عليه انما تم التركيز فقط على بعض السلبيات فلماذا علينا المحافظة على تلك المؤسسات خاصة في وضعنا الحالي ؟؟

في لبنان العديد من المؤسسات الأمنية و العسكرية الرسمية العاملة و هي و بشكل عام تصنّف ضمن المؤسسات الناجحة و المنضبطة جداً ضمن منظومة مؤسسات الدولة لا بل ربما تكون الأنجح خاصة مؤسستي الجيش اللبناني و قوى الأمن الداخلي بأجهزتهما المتعددة …

لنفهم لما علينا الحفاظ على تلك المؤسسات و تخطي بعض الأخطاء العرضية التي تحصل بسبب طبيعة عملها فمن لا يعمل لا يخطئ ، علينا القاء نظرة سريعة على بعض البلدان المحيطة التي تفككت بشكل كلي أو جزئي و سبب ذلك التفكك .

سنبدأ بالعراق بعد إسقاط نظام صدام حسين و الخطأ الكبير الذي ارتكب انذاك و باعتراف الأميركيين انفسهم و هو التفكيك الكلي للمنطومة العسكرية-الأمنية السابقة و على رأسها الجيش العراقي ما ادخل البلاد وقتها بفوضى "غير خلاقة" و أدى الى نشوء الميليشيات المذهبية و توسعها بتشعباتها الإقليمية ما تسبب بنتيجة كارثية على العراق عكس الذي كان مرجواً من اسقاط نظام صدام .

ننتقل الى ليبيا التي شهدت أيضاً انهياراً كاملاً للمنطومة الأمنية العسكرية بعد سقوط القذافي ما أدى الى تفكك البلاد بشكل كلي و سيطرة الميليشيات المسلحة بارتباطاتها الإقليمية كل على جزء من مساحة البلاد ما تسبب بسياسة الأجندات المتضاربة داخل البلد الواحد و التي منعت ليبيا من التوحد بشكل فعلي و فعال حتى اليوم و أبقتها بالتالي مجموعة من الجزر الأمنية المتناحرة .

أمثلة عديدة أخرى في دول لم تتفكك بشكل كلي كما حصل مع العراق سابقا و ليبيا حاليا يمكن اعطائها و لا مجال لذكرها في هذا التقرير كلها كانت بسبب تفكك المؤسسة الأمنية بشكل كلي فمن ساعدوا الشعوب على الانتفاضة و بدل اسقاط الحاكم و المحافظة على النظام لإدارة المرحلة الانتقالية أسقطوا كل شيء بالضربة القاضية فسقطت تلك البلدان في المجهول و ما زالت تتخبط به حتى اليوم .

تلك التجارب هي ما استفاد منه تحديداً نظام الأسد في سويا فبعد تجارب الدول الكبرى المريرة في ليبيا و العراق و غيرهم صاروا يحاذرون اسقاط النظام بشكل كلي و أصبحوا يفصلون بين إسقاط الحكام الديكتاتوريين و إسقاط النظام و هذا بالتحديد الذي أمن بقاء الأسد من خلال ربط النظام كليا بشخصه بمساعدة روسيا و إيران .

مررنا على تلك الأحداث بسرعة لنقول أن لبنان و رغم انهيار كل شيء ما زال يتمتع بمؤسسات أمنية فعالة و كفوءة و يجب المحافظة عليها و عدم التوقف عند بعض أخطائها لجلدها و تسليط الأضواء بشكل سلبي عليها …

تلك المؤسسات و على رأسها الجيش اللبناني و التي تعاني ما يعانيه المواطنين من سوء أحوال اقتصادية ما زالت تقوم بدورها على أكمل وجه من محاربة تجار المخدرات كما يفعل الجيش في البقاع الى ضبط الأمن الداخلي من التفلت الناتج عن الإنهيار المالي و هذا ما تفعله قوى الأمن الداخلي و الأمن العام و غيرهم بتتبع شبكات الجريمة المنظمة و ضربها استباقيا قبل تمكنها من تشر الفوضى  الى ملاحقة تجار العملة و اللصوص و هذا ما شهدناه في عمليات كثيرة قامت بها شعبة المعلومات تحديداً و مخابرات الجيش ، كل ذلك أدى الى تأمين الحد الأدنى من الاستقرار الامني الذي نعيشه في لبنان رغم الأزمة .

لا تجلدوا تلك المؤسسات و لا تعجِّزوها بطلب مهمات مستحيلة منها و انتم تعرفون انها لا تستطيع القيام بها لألف سبب و سبب و كل تلك الأسباب غير مرتبطة بها أنما ترتبط بشكل مباشر بوضع سياسي معين و توازنات داخلية و خارجية تتحكم باللعبة كلها في لبنان .

لا تجلدوا تلك المؤسسات و لا تركزوا على أخطائها و تتجاهلوا ايجابياتها الكثيرة … أغمضوا أعينكم للحظة فقط و تخيلوا حياتكم من دون حاجز الجيش القريب أو المخفر الملاصق لكم … تخيلوا إن سرق منزل أحد منكم و لا من يشتكي له أو تخيلوا ان اعتدت خلية ارهابية ما على قرية نائية و لا مركز قريب للجيش للأحتماء به و طلب تدخله و مساعدته !!! تخيلوا انفسكم دون هؤلاء و كيف يمكن ان تكون حياتكم ؟؟

نحن اليوم أحوج ما نكون للحفاظ على مؤسسات البلد الأمنية و تجاهل بعض الأخطاء و التركيز على الايجابيات … فهؤلاء يعانون نفس معاناة الناس لكنهم يقومون بواجباتهم قدر المستطاع لذا يجب تشجيعهم و مساندتهم بدل جلدهم و تدميرهم لأن البديل هو مجهول مخيف و قاتل لن يسلم أحد من من عواقبه المدمرة .

حافظوا على الجيش و قوى الامن و الأمن العام و كل مؤسسات الدولة الشرعية كي لا نقع في الفوضى العبثية التي ستقضي حتماً على ما تبقى من لبنان و الى الأبد هذه المرة .

Copyright © 2023 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top