على وقع التغيرات بموازين القوى الإقليمية، يتحرّك الملف الرئاسي اللبناني بزخم وسط مساعٍ وضغوط دولية مكثفة في سبيل ملء الفراغ المديد في منصب رئيس الجهورية، وذلك في جلسة مجلس النواب المقررة في 9 يناير المقبل.
وكانت زيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي الى بيروت قد خرقت المشهد، لا سيما أن قطر من الدول الخمس المعنية والمهتمة بلبنان.
ووفق المعلومات، فإن الخليفي حثّ المسؤولين على ضرورة انتخاب رئيس، وإعادة تنشيط الواقع السياسي والمؤسساتي، ووضع خطة لإعادة الإعمار وإنجاز الاصلاحات المطلوبة، كما أبدى كل الاستعداد للانخراط في مشروع إعادة إعمار لبنان، وتقديم المساعدات المطلوبة لمختلف المؤسسات اللبنانية.
ويصرّ رئيس مجلس النواب نبيه بري على انتخاب الرئيس في هذه الجلسة، وتفيد مصادر قريبة منه بأنه أبلغ سفراء الدول الخمس بأنه سيعمل على عقد جلسة مفتوحة بدورات متتالية في 9 يناير لأجل الوصول إلى انتخاب الرئيس، ومن يريد عرقلة الاستحقاق فليتحمّل المسؤولية، ولذلك وجّه برّي دعوات للسفراء العرب والغربيين وللمبعوث الأميركي آموس هوكتشاين لحضور الجلسة. ولا يزال بري يركز على انتخاب رئيس توافقي، وسط مباحثات تدور مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية حول انسحابه من السباق الرئاسي لمصلحة مرشح توافقي.
وتفيد مصادر متابعة بأن فرنجية يبدو متفهماً لمسار تطورات الأوضاع الإقليمية، لا سيما أنه خسر حليفيه الكبيرين، الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، والرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، وهو يرى أن كل المسار الذي تسلكه المنطقة يتعارض مع توجهاته، وقد عقدت لقاءات بين موفدين لبرّي وفرنجية في الفترة الأخيرة للبحث بالخيارات البديلة.
وكان فرنجية قد أعلن أنه عندما يقرر الانسحاب من السباق الرئاسي فهو سينسحب لمصلحة قائد الجيش جوزيف عون، علماً بأن بري وحزب الله لا يحبّذان هذا الخيار، وسط معلومات عن مساعٍ يقوم بها النائب فريد الخازن ليكون هو المرشح التوافقي.
وفي هذا السياق، أجرى الخازن زيارة إلى معراب للقاء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي يشدد على ضرورة أن يدعو الرئيس الجديد الى حصر السلاح بيد الدولة.
وعلى ضفة المعارضة، هناك ميل إلى ضرورة اختيار مرشح سيادي يعكس التحولات التي تجري في المنطقة، ولا يعيد تكرار التجارب السابقة مع حزب الله، ويلتزم بتطبيق القرارات الدولية، لا سيما القرار 1701، وكذلك حصر السلاح بيد الدولة، وألا يدخل في مسايرة مع حزب الله.
وتشدد بعض قوى المعارضة على أن ظروف المنطقة ستتغير أكثر، خصوصاً في ظل توقعات توجيه ضربة لإيران أو ممارسة المزيد من الضغط عليها، لدفعها إلى تقديم التنازلات المطلوبة وفور تقديمها هذه التنازلات، سينعكس ذلك على الواقع السياسي في المنطقة، ومن ضمنها لبنان، ولدى حصول ذلك يمكن لمعارضي حزب الله أن يحسّنوا من الشروط التي يضعونها لاختيار الرئيس.
ولا يزال البحث يتركز على الأسماء، وسط إجماع في المعطيات الداخلية والخارجية حول تقدم اسم قائد الجيش جوزيف عون مرشحا يحظى بأوسع موافقة خارجية، وبدعم العديد من الكتل النيابية. كذلك من الأسماء المطروحة اسم مدير الأمن العام، اللواء إلياس البيسري، الذي يتم طرحه كمرشح توافقي يحظى بقبول محلي ودولي. ومن بين الأسماء المطروحة أيضاً الوزيران السابقان زياد بارود وناصيف حتى، إلى جانب النائبين فريد الخازن ونعمت افرام.
وفي المفاوضات والمباحثات، فإن التداول وصل إلى مرحلة الأسماء، لكن يبقى الأساس في توافر الإرادة السياسية الفعلية لإتمام الاستحقاق في جلسة 9 يناير، أو انتظار ما بعد دخول ترامب إلى البيت الأبيض، ومعرفة مسار الأمور ومتغيراتها الإقليمية وانعكاسها على التوازنات الداخلية.