يستعد المبعوث الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان لزيارة جديدة إلى بيروت الاثنين المقبل، لكن التوقعات بأن تؤدي الزيارة إلى “حلحلة” أزمة الفراغ الرئاسي مازالت منخفضة، وقد تتعمق تلك التوقعات إذا ما ثبتت التسريبات بشأن توليه منصب رئيس “الوكالة الفرنسية لتطوير العلاقات في المملكة العربية السعودية” خلفًا لجيرار ميستراليه.
ويقول مراقبون إن أقصى ما يمكن لزيارة لودريان الجديدة أن تسعى له هو أن تبحث عن منتصف الطريق بين أطراف الأزمة، سواء لجهة اسم الرئيس أو لجهة الإصلاحات المطلوب تنفيذها.
وهناك ما يعزز هذا الانطباع بأن لودريان سيذهب إلى الرياض ليُحاط علما بما ينطوي عليه دوره كسفير لتعزيز العلاقات السعودية – الفرنسية، ومن ثم إلى الدوحة لكي يستمع إلى وجهة نظر إيران بشأن سبل حلحلة الأزمة في لبنان.
وتقول أوساط المعارضة اللبنانية، ومن بينها “قوى الإجماع المسيحي” ضد سليمان فرنجية زعيم تيار المردة ومرشح حزب الله للرئاسة، إن لودريان لا يحمل جديدا.
ومن المتوقع أن يبقى لودريان نحو أسبوع في بيروت من أجل الإشراف على حوار لا يزال من غير المعروف من سيقبل المشاركة فيه أو ما هو جدول أعماله.
وقال رئيس المجلس النيابي نبيه بري إن “لودريان عائد ومن المفترض أن يحمل معه دعوة للحوار”، وإن “الحوار سيكون عاماً وليس ثنائياً، وقد ركّبنا طاولة الحوار في مجلس النواب، علماً أن الفرنسيين اقترحوا أن يكون في قصر الصنوبر، والبعض اقترح أن يكون خارج لبنان”.
ولفت بري إلى أنه سيشارك في الحوار عبر ممثل عنه (…)، وأنه أبلغ لودريان بأنه لن يدعو إلى الحوار أو يرعاه “لأنني طرف”. وعما إذا كان المبعوث الفرنسي حاز موافقة بقية الأطراف على الحوار، أجاب بري “بس يجي منشوف (ليأت أولا وسنرى)”.
ويعلق بري آمالاً على الاتفاق السعودي – الإيراني حيث قال إن “تداعياته الإيجابية تتمظهر في كل ساحات المنطقة وبدأت آثاره تتوالى، ومن لا يرى المتغيّرات فهو أعشى إن لم أقل أعمى”، معتبراً أن “هذه الآثار لا بد أن تظهر في لبنان مهما تأخّرت”.
ويتمسك حزب الله بوجوب أن يقتصر الحوار على الملف الرئاسي. وهي إشارة إلى أنه لا يريد أن يخرج من هذا الموضوع إلى الإصلاحات التي يتعين على الرئيس ورئيس الحكومة المقبلين أن ينهضا بها. وانطلاقا من هذا المعطى سيكون التحاور على “الاسم” وليس على “الموضوع”. وإذا انتهى الأمر بالاسم أن يستقر على مرشح ثالث، فإن الضمانة التي يوفرها “الاسم” هي أنه يجب أن يكون مقبولا من حزب الله ولا يتعدى على امتيازاته ولا على سلاحه، ولا على سلطته في مؤسسات الدولة، ومنها حقه في إبطال أي توجه يضر بمصالحه الخاصة.
أما التحاور على “الموضوع” فإنه شائك، لأنه يتطلب تحديد مسار واضح للإصلاحات المالية والهيكلية والإدارية. وفي هذا الكثير مما يمكن أن يضر بحزب الله.
وقال رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميّل إنه أبلغ الموفد الرئاسي الفرنسي بأن حزبه لن يقدم اسم أي مرشح جديد لرئاسة الجمهورية، وأن “على حزب الله سحب مرشحه والتوقف عن منطق الفرض الذي يتبعه”.
وأكد زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الموقف نفسه، وهو أن هناك مرشحا واحدا على الطاولة هو جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي. وبقدر ما يتعلق اسم الرئيس بالموارنة في لبنان، فإنه ما من أحد يستطيع أن يملي على “الإجماع المسيحي” مرشحا مفروضا عليه من خارجه.
ويبدو البحث عن “مرشح ثالث” الاتجاه الأكثر واقعية الذي يمكن أن يأخذ به الحوار إذا انعقد. ويذهب لودريان إلى الرياض والدوحة وهو يحمل قائمة قصيرة لمرشحين ويريد أن يرى أين يمكن للتقاطعات أن تحصل، في عرضها على طاولة الحوار، ومن ثم يطلب كل فريق من المرشح الأقرب إلى القبول ضمانات بما يريد أن يحصل عليه أو بما يريد أن يحافظ عليه.
ويقول مراقبون إن لودريان لا يحمل حلولا، لا من ناحية “الاسم” ولا من ناحية “الموضوع”. ولكنه يأمل في أن يؤدي اشتداد الأزمة إلى إقناع مختلف الأطراف بوجوب إيجاد حلول جزئية تبدأ من مرشح ثالث يعطي لحزب الله ما يريد، ويقدّم للمعارضين بعض ما يريدونه من إصلاحات.