ولوحظ أن رئيس التيار جبران باسيل ماض في اتفاقه مع المعارضة من دون الاكتراث لما يمكن أن يخلّفه هذا التقاطع من تداعيات على علاقته بحزب الله على الرغم من الرسائل الكثيرة التي تصله سواء بالواسطة أو من خلال الاعلام عن أنه “سيكون أكبر الخاسرين باتفاقه مع قوى المعارضة، لأنه سيتخلى عن حليفه حزب الله الذي يحقق انتصارات في الاقليم ولن يكسب ثقة المعارضة وعلى رأسها القوات اللبنانية التي تستفيد من تقاطع مرحلي معه فقط” على حد تعبير حلفاء الحزب.
ومن المعلوم أن بين الرسائل التي تلقاها باسيل أنه سيشهد تفكك “تكتل لبنان القوي” من خلال عدم التزام نواب بقراره دعم أزعور. وبدأت أولى التداعيات من خلال انضمام النائب محمد يحيى إلى تكتل فيصل كرامي، فيما علامات الاستفهام ترتسم حول موقف النواب الارمن الثلاثة أغوب بقرادونيان وأغوب ترزيان وجورج بوشكيان وهل سيلتزمون بقرار التكتل أم سيغردون خارج سربه لصالح فرنجية. اما نواب التيار الياس بو صعب وابراهيم كنعان وآلان عون وأسعد درغام وسليم عون الذين دخلوا في نقاش عميق مع باسيل حول اسباب دعم أزعور وعدم تبني مرشح من داخل التكتل كإبراهيم كنعان فيبدو أنهم فرملوا اعتراضاتهم وبدأوا يتماهون مع قرار قيادة التيار وخصوصاً بعد مشاركة الرئيس ميشال عون في اجتماع التكتل ودعوته إلى الالتزام بقرار التيار.
واذا ما تم الاعلان من قبل التيار وقوى المعارضة المتمثلة بالقوات والكتائب والتغييريين وبعض المستقلين غداً السبت أو ما بعده عن ترشيح أزعور، فإن الاستحقاق الرئاسي سيدخل مرحلة جديدة مع ترقّب موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري لجهة فتح ابواب المجلس من عدمه خصوصاً أنه ربط الدعوة إلى عقد جلسة انتخابية بوجود ترشيحين جديين، ولا سيما أنه كرئيس لحركة أمل مع حليفه حزب الله يعتبران ترشيح أزعور مناورة فقط لإسقاط ترشيح فرنجية ودعم خيار ثالث قد يكون قائد الجيش العماد جوزف عون.
وفي حال الدعوة إلى مثل هذه الجلسة فإن بوانتاج الارقام سيؤشر إلى الفريق الذي قد يعطّل النصاب في الدورة الثانية كي لا يتمكن المرشح من الحصول على الاغلبية المطلقة المحددة ب 65 صوتاً، وهذا ما يقترب أزعور من الحصول عليه. واللافت أن الرئيس بري استقبل في عين التينة أمين عام حزب الطاشناق أغوب بقرادونيان وبحث معه في موضوع انتخاب الرئيس واستكشاف موقف الطاشناق من أزعور وفرنجية، كما استقبل بري النائب السابق غازي العريضي في وقت يميل “اللقاء الديمقراطي” لاتخاذ موقف لصالح أزعور بعد إجماع ثلاثة أحزاب مسيحية عليه اضافة إلى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وعدم الاكتفاء بالتصويت بورقة بيضاء.
وفي حال تعطيل النصاب من قبل الثنائي الشيعي وحلفائه وما سيرافق ذلك من توتر وانقسام سياسي وطائفي، فإن الامور ستعود إلى نقطة الصفر وتؤشر إلى أزمة مفتوحة.
تزامناً، ينتظر البعض ما سيعلنه البطريرك الراعي في قداس يوم الاحد خصوصاً أن الاستياء بدا واضحاً تجاهه من قبل الرئيس بري والمفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبد الامير قبلان الذي تولى الرد عليه بعد عودته من الفاتيكان وفرنسا حاملاً رؤيته ومطلبه ألا يتم تجاوز ارادة المسيحيين في الانتخابات الرئاسية.
وكانت قناة “المنار” التابعة لحزب الله اعتبرت “أن الرسائل الامريكية التهويلية المفخخة بورقة العقوبات البالية والممجوجة، وصلت إلى الساحة السياسية اللبنانية، والحجة حرص مدّعى لدفع السياسيين لانتخاب رئيس للجمهورية”. ولفتت إلى أن “اول الرد كان من الرئيس نبيه بري الذي وصف تلويح نائبة وزير الخارجية الامريكية باربرا ليف بالعقوبات على مسؤولين لبنانيين بالتشويش والتهديد الذي لا يعود بفائدة ولا ينفع، سيما مع رئيس المجلس”، مضيفة “بحسب المعطيات فانه لا يزال في الميدان مرشح جدي واحد هو سليمان فرنجية، اما كلام المتعارضين عن مرشح للمعارضة هو جهاد ازعور، فلم يترجم على ارض الواقع بعد”.
ولوحظ أن اعلام الممانعة ركّز على أن لا شيء تبدّل بعد زيارة الراعي إلى فرنسا وأن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون كان واضحاً مع البطريرك من انه لن يكون هناك رئيس في لبنان لا يرضى عنه حزب الله، وأن الاتفاق المسيحي مهم لكنه غير كاف”.
وفي جديد مواقف حزب الله، ما أعلنه رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد الذي قال “المسألة ليست مسألة أشخاص، بل المسألة هي مسألة من يريد خيراً بالمقاومة ومن يريد طعناً في ظهر المقاومة”. واضاف: “نحن دعمنا مرشحاً لهذه الرئاسة في هذا البلد، مطمئنون بأنه لا يطعن المقاومة، وأردنا من هذا المرشح الذي دعمناه أن يكون جسر تواصل بيننا وبين الآخرين حتى الذين هم من خصومنا السياسيين وهو قادر على أن يفعل ذلك وقادر على أن يساهم في حل الكثير من مشاكل البلد الإستراتيجية وقادر على أن يتواصل مع محيطنا العربي وقادر على أن يتخاطب مع الدول المعنية بالشأن اللبناني، وهو متصالح مع نفسه وحتى مع خصومه وحتى مع قتلة عائلته، ولكن هم يريدون أمراً آخر، والآن قيل أنهم تفاهموا حول اسم مرشح، ولكن في الحقيقة لا ندري هي مناورة بين بعضهم ضد بعضهم الاخر، هدفها أن نسقط مرشحنا وأن نسحبه من التداول ليعودوا ويطرحوا مرشحهم الحقيقي، من اتفق على الاسم للمناورة، كل طرف منهم يخفي مرشحه الحقيقي تحت عباءته، فيما المرشح الذي اتفقوا عليه ولم يتفقوا معه ليستخدموه في معركة الاستحقاق الرئاسي أرادوا منه فقط من أجل أن نسحب مرشحنا”.