قام الموسيقار الشاب عمر غدي الرحباني بعزف أجمل أعمال الرحابنة على آلة البيانو، بمصاحبة أوركسترا تضم أمهر العازفين، وكورال من أجمل الأصوات الغنائية، وعمر من الجيل الثالث لهذه العائلة العريقة المبدعة، فهو حفيد منصور الرحباني من نجله الفنان غدي الرحباني، وتشرب حب الموسيقى والمناخ الفني من والده والعمين المخرج مروان والمؤلف الموسيقي أسامة، هذا عدا عما تركه الأخوان عاصي ومنصور من إرث فني كبير، لكن لعمر فلسفته الخاصة، فهو يقدم رؤية عصرية لما ابتكره الرحابنة، فالموسيقى من وجهة نظره لا تطيق الرتابة ولا التكرار، وان التمرد هو الطريق للاكتشاف، لذلك شاهدناه يعمل بمزاج إبداعي كامل، فكل العازفين معه أصدقاء يعرف ما يستطيعون القيام به، لذا فإن طاقاتهم هي التي تبقيهم في دائرته، وهذه الميزة المزدوجة هي مفتاح نجاح أي عمل.
وكان حفل «رحبانيات» نموذجا مختلفا من الأمسيات الفنية وتوثيقا لما قدمه الأخوان الرحباني اللذين أمتعا للعالم بالكثير من الأعمال الموسيقية المختلفة التي أسهمت في ثراء ورقي الفنون العربية بشكل عام، وتضمن أغنيات للأخوين رحباني، وإلياس وزياد الرحباني، وأخرى خاصة بالمايسترو عمر الرحباني، وجميع الأغنيات بتوزيع جديد تفاعل معها الحضور بشكل كبير جدا، وتميز عمر بخفة دم شديدة من خلال حديثه مع الحضور، مشيدا في الوقت نفسه بحفاوة الاستقبال وحسن الكرم والضيافة من أهل الكويت، خاصة أنها الزيارة الأولى له.
الحفل أعادنا إلى الزمن الجميل من خلال برنامج موسيقي تم تقديمه على وصلتين، وتميز المسرح بديكور يناسب الحدث، كما كانت الإضاءة من عوامل نجاح هذا الحدث الفني الذي شهد العديد من المقطوعات الموسيقية والأغاني التي قدمتها مجموعة من الكورال بإحساس رائع، وكانت البداية مع اغنية «تك تك يا ام سليمان»، وأعقبها تقديم «ميدلي» منوعات غنائية للأخوين رحباني، ثم اغنية «كيفك انت» كلمات وألحان زياد الرحباني.
وكان الحضور على موعد مع قصيدة خاصة بالكويت بعنوان «العيد يروى» التي شهدت تفاعلا كبيرا، والاغنية قدمتها فيروز مع الأخوين رحباني اثناء زيارتهم الأولى للكويت عام 1966، وتوالت فقرات الوصلة الأولى التي اختتمت بأغنية «نسم علينا الهوى».
وعقب استراحة 20 دقيقة بدأت الوصلة الثانية التي ضمت العديد من الأغاني منها «الذوق» و«رحلة الى القمر» و«تانغو» و«شتى وشمسية» و«بابل»، وجميعها من كلمات وألحان وتوزيع عمر الرحباني، كما قدمت الفرقة «ميدلي» الدبكات و«نحنا والقمر جيران»، واختتمت الفقرة بأغنية «إذا الأرض مدورة».
وكانت جميع الأغاني والمقطوعات الموسيقية التي شهدها الحفل من إعداد وتوزيع عمر الرحباني، باستثناء مختارات الياس الرحباني، وقصيدة الكويت، واغنية «كان عنا طاحون» من اعداد وتوزيع غدي الرحباني، ليسدل الستار على سهرة مميزة ومختلفة حضرها جمهور مركز جابر الثقافي وهو جمهور راق و«كلاس» متذوق لجميع أنواع الفنون بشكل رائع.
في الختام، يجب ان نشكر كل القائمين على هذا الحفل الجميل وخروجه بهذا الشكل المشرف من قبل فريق مركز جابر الأحمد الثقافي المتمثل في مسؤول العلاقات العامة بدر الزواوي ومسؤولة الفعاليات مايا الحناوي وايمان الأحمد من إدارة التقنيات، بالإضافة الى م.أحمد العازمي من هندسة إدارة المسارح، الذين تعاملوا مع الجمهور بشكل راق يستحقون عليه الإشادة.