فالأزمات الآخذة في التفاقم منذ عام 2019، والمُصنّفة اقتصادياً من بين الأسوأ على الساحة الدولية خلال أكثر من 150 عاماً، أدت إلى أن يواجه الأطفال اللبنانيون ظروفاً معيشية شديدة القسوة، وتهديدات لا يُستهان بها لصحتهم البدنية والعقلية والنفسية.
وأكد الخبراء أن الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يضرب لبنان وأفقد عملته المحلية 98% من قيمتها ورفع معدل التضخم في أراضيه إلى 269% بما أسقط نحو 80% من السكان تحت خط الفقر، قاد إلى حرمان قرابة 700 ألف طفل من مواصلة مسيرتهم التعليمية.
كما حُرِم 42% من أطفال لبنان من خدمات الرعاية الصحية؛ نظراً لارتفاع تكلفتها، وذلك على وقع حالة «السقوط الحر» الراهنة في بلادهم التي أجبرت طفلاً واحداً على الأقل في ثُلث الأسر اللبنانية على أن ينام جائعاً، بعدما صارت الكثير من هذه العائلات عاجزة عن توفير احتياجاتها من الغذاء، كماً وكيفاً.
وبحسب تقييم حديث أجرته منظمة «اليونيسف»، أرغمت الأزمة الحالية التي لا تبدو لها أي انفراجة في الأفق، الكثير من الأُسر اللبنانية على إرسال أطفالها للعمل بدلاً من المدرسة للمساعدة في زيادة الدخل، وذلك بالتزامن مع تقليصها للإنفاق حتى على المستلزمات الضرورية.
ووفقاً للبيانات التي أوردها التقرير، باتت 86% من الأسر في لبنان تفتقر للمال الكافي لتأمين المتطلبات الضرورية لحياتها، وذلك بزيادة 10% على الأقل عن المستوى الذي سُجِلَ العام الماضي على هذا الصعيد.
في الوقت نفسه، أجبرت الأزمة 38% من هذه الأُسر على بيع ممتلكاتها منذ مطلع العام الجاري، مقارنة بـ 28% خلال 2022.
وحذر مسؤولو «اليونيسف»، في تصريحات نشرتها صحيفة «آيريش تايمز» الإيرلندية، من أن الأزمات المتفاقمة التي تعصف بالأطفال اللبنانيين في الوقت الحاضر، تضعهم في «ظروف لا تطاق»، وتهدد بالقضاء على آمالهم في أن ينعموا بمستقبل أفضل. كما أدت الضغوط الناجمة عن تلك الأزمات إلى أن يصبح أولئك الصغار فريسة لمشاعر القلق والاكتئاب، نظراً لأنّ آباءهم المُطالبين بتوفير الاحتياجات الأساسية لأبنائهم تحت ضغط الوضع الحالي صاروا أكثر توتراً، وأقل قدرة على التعامل بهدوء وحكمة مع أطفالهم.
وشددت الوكالة الأممية على ضرورة أن تتخذ السلطات اللبنانية إجراءات سريعة وحاسمة، لحماية الأطفال، وضمان توفير الخدمات والدعم لهم.