اغتيالات مدوية طالت قيادات كبرى، واشتداد الصراع مع إسرائيل، واستمرار الفراغ الرئاسي.. كلها عوامل جعلت من هذا العام نموذجا للأزمات المتشابكة التي تعصف بالبلاد.
بدأت 2024 بمواجهة عسكرية مباشرة بين ««حزب الله» و«إسرائيل»، اذ شنت الأخيرة سلسلة غارات جوية على مواقع في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع.
وفي يناير، استهدفت غارات إسرائيلية قيادات بارزة مثل صالح العاروري (2 يناير) من حركة «حماس» ووسام الطويل (8 يناير) من «حزب الله»، مما رفع من منسوب التوتر.
وتصاعدت العمليات الميدانية في سبتمبر خلال ما عرف بعملية «سهام الشمال»، التي استهدفت مئات المواقع للحزب.
ورغم الوساطة الدولية التي أفضت إلى وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر بعدد 66 يوما من الحرب التدميرية، لا يزال الهدوء هشا، مع مواصلة إسرائيل خروقاتها، وسط تساؤلات عن المرحلة المقبلة.
2024 شاهدة على سلسلة اغتيالات هزت لبنان والمنطقة، مستهدفة قيادات الصف الأول في «حزب الله». ففي 30 يوليو، تم اغتيال فؤاد شكر، أحد أبرز قادة الحزب العسكريين، بضربة جوية إسرائيلية قرب الوقف الماروني التابع لكنيسة مار يوسف حارة حريك.
وأعقب اغتيال شكر، عمليات استهداف متواصلة لقادة الوحدات في الحزب، وأبرزهم قائد «وحدة الرضوان» ابراهيم عقيل، بعد ثلاثة أيام من تفجيرات أجهزة البايجرز.
وفي 27 سبتمبر، جاءت الضربة الأكبر باغتيال الأمين العام للحزب، السيد حسن نصر الله، في حارة حريك بالمقر المركزي المحصن للحزب، في عملية اعتبرت الأخطر منذ عقود. ولم تقتصر الاغتيالات على نصر الله، بل امتدت لتشمل شخصيات أخرى بارزة، منها السيد هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الذي اغتيل في أكتوبر بضربة جوية استهدفت منشأة محصنة يقيم فيها بالمريجة.
كما شهدت نهاية 2024 اغتيال عدد من القادة، ما أثر بشكل كبير على بنية الحزب التنظيمية والعسكرية.
على الصعيد السياسي، استمر الفراغ الرئاسي طوال السنة، مع فشل البرلمان اللبناني في انتخاب رئيس جديد للجمهورية. فشل حتى في عقد جلسة بعد الرقم 12 الأخيرة منتصف يونيو 2023.
هذا الوضع أدى إلى شلل شبه كامل في المؤسسات الرسمية، وعرقلة تنفيذ أي إصلاحات اقتصادية أو سياسية ضرورية لإنقاذ البلاد من الانهيار.
اقتصاديا، شهد لبنان ضغوطا تمت السيطرة عليها إلى الآن. ومع نهاية السنة، حافظ سعر صرف الليرة اللبنانية على مستوياته، مع تسجيل ارتفاع في أسعار السلع الأساسية. ووفقا لتقرير البنك الدولي، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.6%، بينما ارتفعت معدلات الفقر إلى أكثر من 80%.
أزمة النزوح الداخلي بسبب الحرب الإسرائيلية زادت من تعقيد الوضع، بعد نزوح مئات العائلات من الجنوب نحو مناطق أكثر أمانا، ما أثقل كاهل المناطق المستضيفة، وأدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية.
ولم تكن الأوضاع الداخلية بعيدة عن التوترات، إذ شهدت مناطق مختلفة من لبنان عمليات أمنية متفرقة. في مايو، نفذت القوى الأمنية عملية مداهمة كبرى في مخيم شاتيلا، أسفرت عن مقتل أحد كبار تجار المخدرات. بينما واصلت الأجهزة العسكرية والأمنية ملاحقة وتوقيف عصابات الجريمة المنظمة وتوقيف افراد وخلايا ارهابية.
وشهد 2024 أيضا، رحيل رئيس الوزراء الأسبق سليم الحص، أحد أبرز الشخصيات السياسية، في أغسطس عن عمر يناهز 94 عاما. كما سجلت الساحة اللبنانية مزيدا من الانقسام السياسي الذي عرقل أي تقدم نحو حلول جذرية للأزمات المتفاقمة.
2024 ختمت على وقع انفجارات أمنية وسياسية واقتصادية، جعلت لبنان أمام مفترق طرق مصيري. ويبقى السؤال مطروحا: هل سيتمكن لبنان من استعادة عافيته في ظل استمرار استهداف قياداته ومؤسساته؟ أم أن البلاد تتجه نحو مرحلة أكثر خطورة في السنة المقبلة؟