يسعى الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى تخفيف العقوبات المفروضة على نظامه على خلفية الحرب الأهلية الدائرة، منذ عام 2011، من أجل التعاون في محاربة تجارة الكبتاغون، “المخدر الذي يصنع في سوريا، ويثير قلق العالم العربي”، وفق صحيفة واشنطن بوست.
وأبدت السعودية ودول عربية أخرى انفتاحها على تطبيع العلاقات مع الأسد بعد سنوات من دعم المعارضة، على أمل الحصول على مساعدته للحد من انتشار هذه التجارة، ويبدو أن الأسد يسعى لتخفيف العقوبات الغربية مقابل تعاونه، وفق الصحيفة.
واستعرضت الصحيفة في تحليل لها تجارة الكبتاغون في سوريا، وقالت، إنه وفق وزارة الخارجية البريطانية يتم إنتاج 80 في المئة من الكبتاغون في العالم في سوريا، وأصبحت هذه التجارة “شريان الحياة المالي لنظام الأسد”، وتبلغ قيمتها حوالي ثلاثة أضعاف تجارة العصابات المكسيكية من هذه المخدرات.
وأبدت دول مثل السعودية والإمارات والأردن قلقها من انتشار صناعة الكبتاغون بعد تهريب مئات ملايين الحبوب من سوريا خلال السنوات الماضية.
واتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا والحكومات الغربية الأسد وحلفاءه وتجار مخدرات من لبنان ورجال أعمال وغيرهم من المتعاونين في سوريا، بلعب دور في هذه التجارة.
وخلال الشهور القلية الماضية، أعلن الجيش الأردني إسقاط طائرات مسيرة قادمة سوريا محملة بهذا المخدر، آخرها يوم الاثنين، عندما حاولت مسيرة تحمل مواد مخدرة اجتياز الحدود بطريقة غير شرعية من الأراضي السورية.
ودول الخليج العربية أكبر سوق للكبتاغون على مدى العقدين الماضيين. ووفقا للأمم المتحدة، فإن الكبتاغون “عالي الجودة” يُباع ببضعة دولارات في سوريا بينما يصل السعر إلى 25 دولارا للقرص الواحد في السعودية.
ويتولى إنتاجه وتهريبه بشكل أساسي أفراد ومجموعات مرتبطة بالرئيس السوري، وحليفه حزب الله اللبناني، وفقا لوزارتي الخارجية والخزانة الأميركيتين، ووزارة الخارجية البريطانية، بالإضافة إلى باحثين مستقلين.
وتمت مصادرة أكثر من مليار حبة كبتاغون في السنوات الثلاث الماضية، كان الجزء الأكبر منها متجها إلى السعودية، وفقا لكرم شعار، وهو اقتصادي وباحث سوري يقدم المشورة للحكومات الغربية بشأن اقتصاد الحرب في سوريا.
ويتمتع هذا المخدر بـ”شعبية كبيرة” في أجزاء من الشرق الأوسط، خصوصا لدى ذوي الدخل المنخفض، حيث من السهل صنعه، ولا يتطلب تقنيات ولا وسائل كبيرة.
وتُلقب حبوب الكبتاغون بـ “كوكايين الفقراء”، ويُقال إنه عند تناولها تعطي المدمن دفعات من الطاقة، واليقظة، والنشوة، فضلا عن الأوهام والشعور بالسرحان.
ويقول مسؤولون أميركيون وبريطانيون إن الأسد، الذي فرض عليه الغرب عقوبات صارمة بسبب قمع الانتفاضة الشعبية في عام 2011، لجأ إلى تجارة المخدرات لكسب الأموال والاحتفاظ بولاء دائرته الداخلية.
وفي غضون ذلك، يتخذ الغرب ودول عربية مسارات متباينة من القضية. وفي حين، فرضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة، هذا العام، على أفراد وكيانات سورية ولبنانية، بما في ذلك أبناء عمومة الأسد، سعى السعوديون إلى إعادة التواصل مع الأسد للحد من وصول هذه المخدرات إلى أراضي المملكة.
وحضر الأسد قمة الجامعة العربية في جدة في مايو للمرة الأولى منذ 13 عاما، وذلك بعد وقت قصير من إعادة سوريا إلى الجامعة.
وفي الأردن، حيث تم تجنيد الجيش لمحاربة الكبتاغون، قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، الذي التقى الأسد في دمشق في يوليو، إنه لا يستبعد القيام بعمل عسكري داخل سوريا.
وكان وقف تهريب الكبتاغون من سوريا ولبنان على رأس جدول أعمال اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة في أغسطس الماضي.
وفي مقابلة تلفزيونية، قال الأسد إن المسؤولية عن تجارة المخدرات تقع على عاتق الدول الغربية والإقليمية التي “زرعت الفوضى في سوريا” من خلال الوقوف في صف معارضيه.
ويبدو، وفق الصحيفة الأميركية، إنه جعل رفع العقوبات الأوروبية والأميركية عن سوريا وتوفير الأموال اللازمة لإعادة بناء الاقتصاد، شرطا لأي تقدم في مكافحة الكبتاغون، أو السماح للاجئين السوريين بالعودة إلى ديارهم.