تستمر حالة التخبط التي تتسم بها الاوضاع في لبنان، بعد فترة الأمل الوجيزة التي رافقت المصالحات الاقليمية، حيث تراجعت امكانية انجاز الانتخابات الرئاسية، أمام تمسك الممانعة بمرشحها سليمان فرنجية، وتكوكب المعارضة حول مدير الشرق الاوسط في صندوق النقد الدولي جهاد ازعور.
وثمة عنصر أمني لافت دخل على خط الاستقرار النسبي في الجنوب، تمثل بعودة «الحزب السوري القومي الاجتماعي» الى التواجد المسلح جنوبي نهر الليطاني، وفي المنطقة المشمولة بحراسة القوات الدولية «اليونيفيل» والجيش اللبناني، وتحت شعار «حزب الله»: «جيش وشعب ومقاومة»، وقد نشرت صورة لرئيس الحزب ربيع بنات وهو يتفقد احد المواقع العسكرية في الجنوب، لأول مرة، منذ إبعاد «حزب الله» لأحزاب المقاومة اللبنانية عن تلك المنطقة، ما يسمح بالسؤال عما يخطط للجنوب في هذه المرحلة؟.
وعلى الصعيد الرئاسي، الاجواء ليست افضل، على الرغم من البيان الذي صدر عن الحكومة الفرنسية، بعد لقاء الرئيس ايمانويل ماكرون والبطريرك الماروني بشارة الراعي، معتبرا ان حراك فرنسا لا يهدف الا للحفاظ على وحدة البلاد وسلامتها، وحماية سكانها، من خلال التخفيف من الآثار الاقتصادية، والاجتماعية، الناجمة عن الجمود السياسي والمؤسساتي الحالي، والحفاظ على نموذج التعايش القائم.
وفي ضوء هذه التطورات توقعت مصادر معنية، اجتماعا قريبا للجنة الخماسية الدولية التي تضم: الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، بعدما انهت السلطات الفرنسية جولة شاملة من اللقاءات مع مختلف القوى اللبنانية، واستكملت بلقاء الرئيس ماكرون والبطريرك الراعي.
في الأثناء، كشفت مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف، أن «إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تنظر في إمكانية فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين الذين يعرقلون انتخاب رئيس للبنان».
وأضافت في تصريح اننا «نعمل مع حلفاء إقليميين وأوروبيين لدفع البرلمان اللبناني للقيام بعمله».
وفي السياق الرئاسي أيضا، عقد اجتماع لنواب المعارضة حضره نواب «الكتائب» و«القوات» وميشال معوض عن كتلة «تجدد» ونواب «التغيير» وضاح الصادق ومارك ضو وميشال دويهي، وتابعوا النقاش حول توحيد الموقف من تسمية جهاد ازعور. وخلص المجتمعون الى القول: «للبحث صله».
في المقابل، وأمام احتدام النقاش بين نواب التيار الحر الذين وصل بعضهم الى النيابة بفضل الأصوات التي جيرها لهم حزب الله، استغرب النائب سليم عون «كيف يمكننا تسويق ازعور لدى جمهور التيار، بعدما خضنا معركة وجودية ضد نهجه، يوم كان وزيرا للمال علما ان للتيار حلفاء ساعدوه في الانتخابات النيابية الاخيرة، كما ان هناك عددا من نواب التيار وصلوا الى النيابة بفضل هذا التحالف، ولا يمكن اليوم ان ندخل في مواجهة معهم».
وعاد النائب سليم عون واوضح امس، لإذاعة «صوت كل لبنان» ان التيار تقاطع مع «القوات» و«الكتائب» عند اسم ازعور لكنه لم يتبناه الآن حتى لا يعتبر مرشح تحد.
و بناء على هذه النقاشات، أعلن جبران باسيل تأجيل النقاش الى وقت آخر بعدما تبين ان العمل جار لموقف مشترك مع قوى المعارضة، لافتا الى انه في حال اعتماد ترشيح ازعور فسيكون التيار من الفريق الداعم له، بعد مراجعة جميع الاحتمالات.
لكن رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع اعلن الاتفاق بين قوى المعارضة والتيار الوطني الحر على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور للرئاسة، وقال ان التيار ابلغ قوى المعارضة التزامه بهذا الترشيح. بيد ان جعجع لفت في حديث الى صحيفة «الأخبار»، القريبة من حزب الله، الى ان المفاوضات لاتزال مستمرة للبحث في استراتيجية ما بعد الاتفاق، واكد جعجع ان ازعور سيحصل على اكثر من 65 صوتا مع اصوات التيار الحر.
رد فعل فريق الممانعة على هذه التطورات جاء من رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ هاشم صفي الدين، الذي تحدث عن «العقليات السياسية البائسة والبائدة، وانه بهذه العصبيات المذهبية والطائفية لا يتوقع احد من اللبنانيين ان تكون هناك حلول سريعة لا في موضوع الرئاسة ولا في الاقتصاد».