وعملياً، فإن إسرائيل مهددة من مكانين استراتيجيين، الشمال والجنوب، أما الأهم فيبقى البحر الأحمر والملاحة الدولية. وفي أواخر الثمانينيات عندما عملت إيران على إغلاق مضيق هرمز نفذ الأميركيون ضربة للبحرية الإيرانية وعملوا على تدميرها.
وعندما أمم جمال عبدالناصر قناة السويس حصل العدوان الثلاثي، وحالياً وبعد أن تكثفت الهجمات الحوثية البحرية، أعلنت واشنطن تشكيل تحالف لحماية الملاحة قبالة اليمن، فهل سيكون ذلك دافعاً إلى تنفيذ عمليات تستهدفها، وبالتالي تسهم في إضعاف الحليف الأساسي لإيران في الخليج؟
من هنا يمكن توسيع إطار السؤال لما هو أبعد، فهل ستكون كل هذه التطورات عنصراً دافعاً للأميركيين وغيرهم من الدول للتحرك في سبيل توجيه ضربات من شأنها أن تضعف حلفاء إيران، انطلاقاً من البحر الأحمر وجنوب لبنان، ومروراً بسورية ووصولاً إلى العراق، بهدف إعادة الاستقرار لإسرائيل؟
لاتزال الولايات المتحدة تتجنب ذلك، وتسعى لتفاهم سياسي يعيد الاستقرار، لكن أيضاً لابد لواشنطن أن تكون أصبحت على قناعة تامة بأن نهجها المعتمد مع إيران لا يفيد ولا ينفع، وأي تسوية سياسية ستعني تحقيق طهران المزيد من المكاسب وممارسة المزيد من التصعيد على قاعدة قناعتها التامة بأنها لن تكون معرضة لتصعيد أو تهديد من قبل الأميركيين.
لبنان لم يعد بعيداً عن هذه الطروحات واحتمالاتها المتعددة، إما بالذهاب لتسوية سياسية تهدئ الجبهة الجنوبية، ويتمكن الإسرائيليون من إعادة مستوطنيهم للمستعمرات الشمالية، وإما ذهابهم لتصعيد كبير، لا يزال المسؤولون يلوحون به.
على هذا الخط تنشط المساعي الدولية المتعددة، سواء كانت أميركية أو فرنسية، والتي توجتها قبل أيام وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا بوضوح جداً خصوصاً على رئيس مجلس النواب نبيه بري بشأن وجود «حزب الله» على الحدود.
وتضيف المعلومات أن إسرائيل ليست لديها خشية من الأسلحة والعتاد، إنما من إمكانية قيام «حزب الله» بعملية عسكرية مشابهة لعملية «طوفان الأقصى»، وهو ما يجعلها مستعدة لشن حرب كبيرة مهما كانت تكلفتها لإنهاء هكذا تهديد.