صدى الارز

كل الأخبار
sadalarz-logo jpeg

زوروا موقع الفيديو الخاص بمنصة صدر الارز لمشاهدة كل جديد

مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
sada el arz logo

زوروا موقع البث المباشر الخاص بمنصة صدر الارز لمشاهدة كل جديد

أرشيف الموقع
كل الفرق

هل يكون قرار رفع العقوبات مفتاحا لعودة مليوني سوري من لبنان؟

بقلم : فدى مكداشي - يعيد رفع العقوبات عن سوريا فتح ملف عودة اللاجئين من لبنان بعد عودة 170 ألفاً منهم فقط منذ نهاية عام 2024، لكن مع اقتراب وقف الدعم الصحي نهاية عام 2025 وغياب خطة لبنانية واضحة، تزداد المخاوف من تحول العودة الطوعية لخيار قسري يفرضه الانهيار لا السياسات.

مع إعلان الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا، بدأ الحديث يتصاعد في الأوساط اللبنانية والدولية حول ما إذا كان من شأن هذه الخطوة أن تمهد الطريق لعودة تدرجية للاجئين السوريين من لبنان والذين يقدر عددهم بأكثر من مليوني شخص، وهذا التطور الدبلوماسي، وإن بقي في إطاره الجزئي حتى الساعة، أعاد طرح أسئلة جوهرية حول ارتباط تحسن الظروف الاقتصادية في الداخل السوري بإمكان استئناف العودة الطوعية للاجئين من دول الجوار، وعلى رأسها لبنان الذي يستضيف النسبة الأعلى عالمياً من اللاجئين مقارنة بعدد سكانه.
وفي موازاة ذلك كشفت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (UNHCR) عن تحول مقلق على مستوى العملية الإغاثية، إذ أبلغت الحكومة اللبنانية بوقف التغطية الصحية والاستشفائية الكاملة للاجئين السوريين مع نهاية عام 2025، وتعليق الدعم المخصص لمراكز الرعاية الصحية الأولية ابتداء من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ووصفت المفوضية القرار بـ “المؤلم وغير القابل للتأجيل” نتيجة أزمة تمويل حادة لا تغطي سوى 20 في المئة من الحاجات حتى أبريل (نيسان) الماضي.
وإضافة إلى ذلك تتقلص برامج المساعدات النقدية بصورة متسارعة، إذ جرى إخراج نحو 347 ألف لاجئ من البرنامج المشترك مع برنامج الأغذية العالمي، مع الإبقاء على دعم محدود لـ 216.700 فقط حتى نهاية العام، في وقت لا يغطي المبلغ النقدي سوى أقل من خمسة في المئة من الحد الأدنى لكُلف المعيشة الأساس.
وتأتي هذه التطورات المتسارعة وسط تصاعد الضغط على البنية التحتية اللبنانية، ولا سيما في القطاع الصحي، وغياب خطة وطنية متكاملة لإدارة ملف النزوح، وتفاقم الانقسام السياسي حول شروط العودة الطوعية وجدواها في ظل ظروف أمنية واقتصادية متضاربة داخل سوريا.

وبين العجز الدولي عن الاستمرار في الدعم والتردد اللبناني في وضع خريطة طريق واضحة، يبقى اللاجئون السوريون عالقين بين تراجع الخدمات الأساس وتحديات معيشية خانقة، وواقع قانوني غير منظم يفتقر إلى توازن بين متطلبات السيادة وضرورات الحماية الإنسانية، أما السؤال الأبرز الذي يفرض نفسه على طاولة النقاش فهو ما إذا كانت التسهيلات الغربية تجاه دمشق بداية لمسار سياسي واقتصادي يعيد تشكيل مشهد اللجوء في لبنان والمنطقة.

ذهب الاستشفاء والدواء حلم بعيد

وعن أوضاع هؤلاء اللاجئين قال اللاجئ السوري المقيم في بلدة بر الياس بقضاء زحلة محافظة البقاع، وليد زهو، “أعيش هنا مع زوجتي وأطفالي، أفلح الأرض كل يوم كما اعتدت، لكن الأيام لم تعد ترأف بنا ولم يبق من الحياة سوى ظلها الباهت”، ويتنهد زهو وهو ينظر إلى الأرض التي يزرعها ثم يضيف، “صرنا نحلم بحبة دواء، والمفوضية قالت إن التمويل انقطع والمستوصفات لم تعد قادرة على تغطية الحالات”.
ويعبّر وليد عن واقعه بمرارة ويروي كيف بات المرضى من ذوي الحالات المزمنة عاجزين عن تلقي العلاج مثل جاره أبو أحمد الذي يعاني السكري وارتفاع ضغط الدم، ويبحث عن دوائه بين القرى، أو أم خليل التي انتظرت شهراً كاملاً من أجل تحديد موعد طبي لطفلها المصاب بمرض في القلب لتفاجأ لاحقاً بتوقف الدعم.
“الناس بدأت تعود ولكن ليس حباً بسوريا”، بهذه العبارة يصف وليد ما يسمعه من جيرانه وأصدقائه الذين قرروا العودة لبلدهم، لا بدافع الشوق بل لأن سبل العيش في لبنان باتت مسدودة بالكامل، ويقول بأسى إن “بعض الناس عادوا لسوريا ليس حباً فيها، بل لأن أبواب الحياة هنا أوصدت تماماً، ويظنون أنهم قد يجدون طبيباً أو خدمة أو مستوصفاً، لكنهم حين يعودون يصدمون بأن لا علاج هناك ولا أمان”.
ويقر وليد بأن خيار العودة القسرية بات مطروحاً لدى كثيرين على رغم الأخطار التي ينطوي عليها، لكنه يميز بين من تهجروا في بداية الحرب وفقدوا منازلهم وكل ما يملكون، وبين من لجأ إلى لبنان لاحقاً بحثاً عن فرصة عمل أو مصدر رزق، ويقول إن “الأوائل لا يزالون متمسكين بالأمل في هذا البلد وينتظرون حلاً ينصفهم، أما الآخرون فيعيشون كل يوم بيومه ويقيّمون البقاء أو الرحيل وفق ما بقي لديهم من قدرة”.

وبعد أن انقطع مصدر رزقه في بر الياس اضطر وليد إلى الانتقال إلى منطقة مشاريع القاع – البقاع حيث وجد أرضاً للعمل، ويروي “هنا توجد مشاريع وأراض، فزرعنا الخضراوات أنا وأولادي ونعمل بأيدينا”.
وعلى رغم ضيق الحال لا يزال وليد متمسكاً بالحياة في لبنان لكنه لا يخفي قلقه المتزايد، مضيفاً “نحن متمسكون لكن إذا استمر الوضع على ما هو عليه فالسؤال لن يكون أين سنعيش؟ بل هل سنعيش أصلاً؟”.
ولا تبدو شهادة وليد استثناء بل تعبّر عن واقع يعيشه مئات آلاف اللاجئين السوريين في لبنان، وهو ما تؤكده الأرقام والتحليلات التي تثير مخاوف متزايدة من تداعيات هذا الوجود على المدى الطويل.

السوريون بالأرقام

وفي هذا السياق أشار الخبير السياسي ومدير مؤسسة “ستاتيستيكس لبانون” ربيع الهبر إلى أن “عدد اللاجئين السوريين في لبنان يتجاوز اليوم 2.2 مليون، مما يشكل ضغطاً هائلاً على الموارد الطبيعية والبشرية ويطرح تحديات ديموغرافية واقتصادية قد تؤثر في التوازن الداخلي للبنان على المدى الطويل”.

وفي حديث إلى “اندبندنت عربية” شدد الهبر على أن “نسبة السوريين الذين يبدون رغبة فعلية في العودة لوطنهم لا تتجاوز 12 في المئة، وهو رقم يعكس تعقيدات القرار في ظل ظروف معيشية وأمنية غير مستقرة داخل سوريا، فضلاً عن غياب الضمانات”.
واعتبر الهبر أن العوامل الاقتصادية تشكل البوصلة الأساس في تحديد إمكان العودة من عدمها، وقال إن “اللاجئ لا يعود للفقر أو الجوع بل لحد أدنى من الاستقرار والكرامة، ولذلك فإن رفع العقوبات عن سوريا خطوة حاسمة لأن أي ازدهار اقتصادي هناك سينعكس فوراً على قرارات العودة”.

تأثير ديموغرافي كارثي

وأوضح الهبر أن “التأثير الديموغرافي لبقاء النازحين بهذا الحجم في لبنان كارثي”، مضيفاً أن “لبنان بلد صغير وعدد سكانه الأصليين لا يتجاوز 4.5 مليون نسمة، ومع تدفق النازحين أصبح المجموع يتجاوز 6.5 مليون، وهو رقم لا يستطيع أي اقتصاد هش أن يتحمله خصوصاً في ظل الانهيار القائم”، محذراً من أن “اليد العاملة اللبنانية باتت تواجه منافسة حادة من نظيرتها السورية”، ومشيراً إلى أن “اللاجئين أصبحوا يشكلون عنصراً ضاغطاً على سوق العمل، ليس لأنهم يعملون بأجور متدنية فقط بل لأنهم متوافرون بكثرة، وفي بعض المهن يكفي أن تطلب عاملاً حتى تجد 20 سورياً مقابل ثلاثة لبنانيين، مما يخلق خللاً واضحاً في التوازن العرضي للطلب داخل السوق”.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان هناك من يستفيد من إبقاء ملف اللاجئين معلقاً من دون حل جذري، قال الهبر إنه “لا أحد يستفيد، لا في الداخل السياسي ولا في الاقتصاد، فالكل متضرر والتأخير في وضع خطة واضحة للعودة يفاقم الأزمة ويزيد التوتر الاجتماعي ويؤجج الخطاب العنصري في بعض المناطق”.

ونفى الهبر أن يكون الملف مستثمراً بصورة منظمة في السياسة الداخلية، لكنه لم يُخف وجود فوضى واضحة في مقاربته”، مضيفاً “نحن لا زلنا بعيدين من إدارة هذا الملف بطريقة مسؤولة ونحتاج إلى مقاربة وطنية وإنسانية تنطلق من حماية اللبناني والسوري معاً ضمن معايير تحفظ السيادة والكرامة”.

أزمة تمويل تضرب الصحة والمساعدات النقدية

ووسط تصاعد السجالات السياسية حول مستقبل الوجود السوري في لبنان مع انكشاف هشاشة البنية الصحية الرسمية، فجر قرار “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” بوقف التغطية الصحية للاجئين السوريين مع نهاية عام 2025 موجة من التحذيرات، إذ تبلغ وزير الصحة اللبناني قراراً من المفوضية بوقف التغطية الاستشفائية للنازحين السوريين في لبنان ووقف الدعم المقدم لمراكز الرعاية الصحية الأولية ابتداء من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وفي السياق أكدت المتحدثة باسم المفوضية في لبنان ليزا أبو خالد لـ “اندبندنت عربية” أن “المفوضية ستضطر إلى وقف دعم الاستشفاء كلياً بحلول نهاية عام 2025″، واصفة القرار بالـ “مؤلم ولكن لا مفر منه نتيجة تمويل لا يغطي سوى 20 في المئة من الحاجات حتى أبريل 2025”.

وفي ما يتعلق بالمساعدات النقدية قالت أبو خالد إن “المفوضية اضطرت إلى إخراج 347 ألف شخص من البرنامج المشترك مع برنامج الأغذية العالمي (WFP)، وستواصل دعم 216 ألف شخص فقط حتى نهاية العام، على رغم أن المبلغ النقدي لا يغطي سوى أقل من خمسة في المئة من الحد الأدنى للحاجات”.
وعلى رغم هذه التحديات غير المسبوقة أكدت أبو خالد أن “المفوضية ملتزمة بالبقاء في لبنان والعمل مع السلطات”، مناشدة “المجتمع الدولي توفير التمويل اللازم، ولا سيما في ظل استمرار استضافة لبنان أكبر نسبة من اللاجئين في العالم مقارنة بعدد سكانه”.
وعن ضمان عودة السوريين لبلادهم رأت أبو خالد أن “الوضع في سوريا بدأ يشهد بعض التحسن النسبي مما يسمح بإعادة تقييم خيار العودة من قبل اللاجئين، بخاصة بعد زوال بعض المخاوف الأمنية مثل التجنيد الإجباري، إلا أن هذه العودة لا يمكن أن تكون مستدامة من دون توافر مقومات أساس مثل العمل والتعليم والبنية التحتية والكهرباء والمياه والرعاية الصحية”، مؤكدة أن “رفع العقوبات المفروضة على سوريا قد يسهم في إعادة بناء البلاد وخلق بيئة تساعد مزيداً من العائلات في العودة، لكن رغم هذه المؤشرات الإيجابية لا تزال سوريا واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم مع وجود نحو 16.7 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة، وأكثر من 7.4 مليون نازح داخلي”.

هل تمثل أرقام العائدين بداية تحول؟

وكشفت أبو خالد عن أن “المفوضية أجرت استطلاعاً حديثاً في لبنان ومصر والأردن والعراق أظهر أن 27 في المئة من اللاجئين السوريين يخططون للعودة خلال 12 شهراً، مقارنة بنسبة تقل عن اثنين في المئة قبل سقوط النظام، ومنذ الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، تشير بيانات المفوضية إلى أن أكثر من 500 ألف لاجئ سوري عادوا من دول الجوار لسوريا، بينهم 170 ألفاً من لبنان وحده، إضافة إلى عودة 1.1 مليون نازح داخلي إلى مناطقهم الأصلية في الداخل السوري”.
وأكدت أبو خالد أن “تعاون المفوضية مع الحكومة السورية يتضمن إطاراً واضحاً من المعايير الإنسانية التي تضمن حماية حقوق العائدين”، مشددة على أن “أي تنسيق مع السلطات السورية أو الشركاء المحليين والدوليين يبقى مرهوناً بمبدأ العودة الطوعية والآمنة والكريمة، ورفض أي شكل من أشكال الإعادة القسرية أو الضغوط على اللاجئين”.
وعلى رغم زوال بعض العوائق الأمنية التي كانت تعرقل العودة في السابق، أشارت أبو خالد إلى أن “الواقع الميداني لا يزال هشاً، إذ تشهد مناطق عدة، وخصوصاً محيط دمشق والمناطق الساحلية والجنوبية، توترات أمنية مستمرة، مما يعزز تردد اللاجئين ويحد من جدوى العودة الجماعية في الوقت الراهن”، موضحة أن “الحديث عن الاستقرار يجب ألا يختزل بالأمن فقط بل يتطلب مقاربة شاملة تشمل إعادة بناء الاقتصاد وتعزيز التماسك الاجتماعي وتأمين الخدمات الأساس”، ومشددة على أن “ذلك لا يمكن أن يتحقق من دون التزام دولي واستثمارات طويلة الأمد تعيد الأمل وتخلق بيئة مستدامة للعائدين”.

بين الضغوط المحلية والتنسيق الرسمي

وفي مواجهة الضغوط السياسية والشعبية المتزايدة داخل لبنان لإعادة اللاجئين السوريين، شددت المسؤولة ذاتها على أن “المفوضية ترفض تماماً أي شكل من أشكال الترحيل القسري”، مؤكدة أن “العودة يجب أن تبقى طوعية بالكامل وتستند إلى إرادة اللاجئ الفردية لا إلى اعتبارات داخلية أو ضغوط ظرفية”، مشيرة إلى أن “المفوضية تؤكد دعمها تعزيز التعاون مع الحكومة اللبنانية بهدف تنظيم العودة الطوعية بطريقة مدروسة وآمنة”، وكاشفة عن إعداد “خطة عمل بين الوكالات” لدعم نحو 400 ألف لاجئ سوري بينهم 5 آلاف لاجئ فلسطيني من سوريا، في حال قرروا العودة من لبنان لسوريا، ويجري تنفيذ هذه الخطة بالتنسيق مع الأمن العام اللبناني ومجموعة العمل المعنية بالحلول الدائمة، في محاولة لضمان أن تتم العودة ضمن إطار حقوقي وإنساني واضح”.

كما أشارت المتحدثة باسم المفوضية في لبنان إلى “العمل على تزويد اللاجئين بالمعلومات الدقيقة والشفافة حول إجراءات العودة من خلال صفحة المساعدة الإلكترونية واللجان المجتمعية، إضافة إلى مركز الاتصال الوطني الذي يقدم استشارات فردية حول قرار العودة، لضمان أن يُبنى هذا القرار على فهم شامل للواقع لا على ضغط أو التباس”.

قرار المفوضية كارثة إنسانية

بدوره رأى عضو لجنة الصحة النيابية النائب بلال عبدالله في حديث خاص إلى “اندبندنت عربية” أن “قرار المفوضية وقف التغطية الصحية للاجئين السوريين في لبنان مع نهاية العام الحالي جاء معزولاً عن أية خطة واضحة للعودة”، محذراً من أن “القرار يهدد بكارثة إنسانية في ظل غياب البدائل وعجز الدولة اللبنانية عن تحمل هذا العبء منفردة”، وأشار عبدالله إلى أن “الخطاب السياسي في لبنان بلغ حد الإشباع في ما يتعلق بالمطالبة بعودة النازحين السوريين، لكن ما نفتقر إليه فعلياً هو خريطة طريق واضحة ومنسقة مع الدولة السورية والمجتمع الدولي، تنظم العودة تدريجاً وتضمن انتقال المساعدات، بما فيها الصحية والتعليمية، من لبنان إلى الداخل السوري”.

آلاف العائلات بلا حماية

وأكد عبدالله أن “قرار وقف التغطية الطبية صدر من دون أي تصور بديل وترك آلاف العائلات بلا حماية صحية أو إنسانية”، لافتاً إلى أن “الدولة اللبنانية بالكاد قادرة على تلبية حاجات مواطنيها، فكيف لها أن تتحمل مسؤولية ملف بهذا الحجم؟”، معتبراً أن “الحديث عن إعادة النازحين لا يمكن أن يكون جدياً إلا إذا اقترن بوجود بنية تحتية فعلية في سوريا من مدارس ومستشفيات وضمانات أمنية ومعيشية”، ومشدداً على أن “سحب الحماية الصحية عن اللاجئ لا يمكن أن يشكل وسيلة لدفعه إلى العودة”.

وتطرق النائب إلى واقع المخيمات في لبنان محذراً من “تفاقم الوضع الصحي وعودة انتشار الأمراض في ظل غياب الرعاية”، لافتاً إلى أن “وزير الصحة اللبناني ركان ناصر الدين يدير الملف بإمكانات شبه معدومة، والاعتمادات الحالية لا تكفي لتأمين حاجات المواطنين فكيف باللاجئين؟”.
وفي ما يتعلق بالتنسيق الرسمي مع الجانب السوري قال عبدالله إنه “لا مؤشرات حتى اللحظة على وجود خطة عمل واضحة أو جدول زمني منسق”، مضيفاً “لا نرى أن الدولة السورية باتت قادرة فعلياً على تأمين ظروف العودة الآمنة والكريمة”، ورداً على سؤال حول ما إذا كان قرار وقف التغطية الصحية يستخدم كأداة ضغط لإجبار اللاجئين على العودة، أجاب النائب اللبناني بأنه “من وجهة نظري لا يمكن اعتبار هذا الخيار أخلاقياً، فالعودة يجب أن تكون طوعية وقائمة على الأمان وضمان الحقوق لا على التهديد بسحب المساعدة”.
وعن دور وزارة المهجرين اعتبر عبدالله أنها “لا تملك حتى اللحظة رؤية موحدة أو خطة فعالة في هذا الملف، وسط غياب واضح للتنسيق الحكومي في ما يتعلق باللاجئين”، مشدداً على أن “الملف يحتاج إلى اتفاق شامل يتضمن آليات واضحة وجداول زمنية وبيانات دقيقة تنفذ بالتنسيق مع الجهات الدولية”، ومشدداً على أن “نجاح العودة لا يمكن أن يتحقق من دون توافر الحد الأدنى من الجاهزية داخل سوريا”، ومضيفاً أنه “في الظروف الراهنة لا تبدو هذه العودة ممكنة ما لم تستكمل شروطها السياسية واللوجستية والإنسانية”.

غياب الخطة الوطنية

وفي وقت تتزايد فيه الأصوات المطالبة بإعادة اللاجئين السوريين لبلدهم وسط أزمات بنيوية خانقة وضغوط داخلية متصاعدة، حذر الباحث في السياسات العامة والهجرة وأزمة اللاجئين الدكتور زياد الصايغ من أن “لبنان لا يزال يفتقر إلى أية سياسة عامة متكاملة لإدارة هذا الملف الشائك”، معتبراً أن “ما هو مطروح منذ عام 2011 لا يعدو كونه إجراءات غير متكاملة وغير مترابطة، لا تأخذ بعين الاعتبار طبيعة تعقيدات هذه القضية”، مشيراً إلى “وجود محاولة عام 2016 لبلورة سياسة عامة تقوم على تنظيم الوجود وضبط الوفود والإعداد للعودة، لكن خضوع القضية للارتجال والديماغوجيا والشعبوية، إضافة إلى تورط ‘حزب الله’ في الحرب السورية وتهجير السوريين إلى لبنان، ولا سيما على الحدود الشرقية الشمالية، عطل هذا المسار”.
وفي ما يتعلق برفع العقوبات عن سوريا رأى الصايغ أن “لبنان يحتاج إلى بعض الوقت لفهم طبيعة العقوبات الدولية التي أُزيلت عن سوريا، وإلى بلورة سياسة لبنانية متكاملة للتعاطي مع هذا المعطى الجديد، مما يستدعي إطلاق حوار مع السلطات السورية باتجاه بلورة مسار عودة اللاجئين، ولا سيما لمناطق القلمون والزبداني والقصير التي يمكن أن يعود لها ما بين 500 و 700 ألف لاجئ سوري بسرعة”، مشدداً على أن “تحقيق هذا المسار يتطلب أولاً خروج من بقي من ميليشيات ‘حزب الله’ والقوى التابعة لإيران من هذه المناطق”.

التوازن بين الواجب الإنساني والقدرة على التحمل

وعن قدرة لبنان على موازنة واجباته الإنسانية مع واقعه البنيوي المنهار، أشار الصايغ إلى أن “المسألة الأساس تتعلق بإنجاز توازن في الذهنية التي تحكم الدولة اللبنانية بما يحقق حماية المصالح الوطنية العليا من جهة، وإطلاق مسار عودة اللاجئين من جهة أخرى، مع الاعتراف في الوقت ذاته بحاجة لبنان إلى عمالة سورية في قطاعات عدة، لكن هذه العمالة لا تزال خارج أي تنظيم قانوني مضبوط”.

ورأى الصايغ أن “الفجوة بين عمل المنظمات الدولية، ولا سيما المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وأولويات الدولة اللبنانية، قائمة بالفعل”، موضحاً أن “المفوضية لم تتمكن حتى الآن من وضع إطار متناسق يؤمن للاجئين عودتهم مع ضمانات أمنية وقانونية واقتصادية واجتماعية، أو في الأقل لا يعلم الرأي العام اللبناني مدى جدية هكذا عمل إن وجد”، وأضاف أن “تمتين التعاون بين الدولة اللبنانية والمفوضية بات ضرورة على قاعدة سياسة عامة سيادية تأخذ في الاعتبار القانون الدولي والقانون الإنساني، لكن تنطلق أولاً من الأمن القومي اللبناني”.

وأكد الصايغ أن “المطلوب اليوم من القوى السياسية والبلديات والمجتمع المدني هو الخروج من الحلقة المفرغة بين رفض العودة القسرية والاستنزاف المحلي عبر فهم طبيعة تعقيدات هذه القضية، ووضع تصور متكامل يقوم على سياسة عامة واضحة المعالم أساسها عودة اللاجئين”، مشدداً على أهمية أن “تبقى القنوات الدبلوماسية مفتوحة مع عواصم القرار الدولي، وأن تتولى البلديات مساعدة الدولة المركزية في إجراء إحصاء شامل للاجئين تمهيداً لتصنيفهم وتحديد من يمكن أن يعود ولأين وبأية قنوات تسهيلية، وهذه الخطة يجب أن تكون ممرحلة ولا يمكن أن تتأخر بعد اليوم”.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading