أثار تغيير مكان انعقاد مؤتمر صحفي بين وزيري خارجية إيران والسعودية في طهران، قبل أشهر، الكثير من الجدل بسبب أحاديث عن رفض المسؤول السعودي البارز إقامته في ظل وجود صورة لقائد الحرس الثوري الراحل قاسم سليماني.
وبعد أقل من 3 أشهر، تسبب تمثال لسليماني أيضًا في إلغاء مباراة كرة قدم بين سيباهان أصفهان الإيراني، والاتحاد السعودي، في بطولة دوري أبطال آسيا.
وقال الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، إن السبب هو “ظروف غير متوقعة”.
وأكد في بيان “التزامه بضمان أمن وسلامة اللاعبين والمسؤولين والجماهير وكل أطراف اللعبة”، لافتا إلى أنه ستتم إحالة القضية إلى اللجان المعنية.
وتأتي هذه الأحداث في ظل تقارب بين السعودية وإيران، واستئناف العلاقات الدبلوماسية بعد قطيعة لسنوات، التي توجت بزيارة وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، إلى طهران قبل أشهر.
تبرز هذه الواقعة تغلغل السياسة في كافة المجالات بين البلدين، فسليماني الذي قتل في غارة أميركية قرب مطار بغداد عام 2020، يعتبره الإيرانيون بطلا قوميًا، فيما يصفه السعوديون بأنه “إرهابي”، لأدواره في العراق وسوريا واليمن والمنطقة بشكل عام.
أثر سليماني
وكشفت قناة الإخبارية السعودية، الإثنين، أن نادي الاتحاد غادر الملعب “اعتراضا وجود تمثال سليماني”، وأن مراقب وطاقم حكام اللقاء “طلبوا من المسؤولين الإيرانيين إزالة التماثيل واللافتات، وهو ما قوبل برفض من قبل مسؤولي سيباهان”.
ونقلت وكالة إيسنا الإيرانية عن إدارة نادي سيباهان، أن المباراة “ألغيت بعد قرار من الحكم”، مضيفة: “سنجهز شكوى بشأن الحادثة ونقدمها للاتحاد الآسيوي لكرة القدم”.
ورأى المحلل السياسي السعودي مبارك آل عاتي، أن ما جرى “دليل على تغلغل الحرس الثوري الإيراني في الرياضة والجوانب المدنية في إيران”.
وأكد في حديث لموقع “الحرة”، أن “السعودية لن تتخلى عن معاقبة من تسبب في مثل هذه الواقعة (تسييس الرياضة)”.
فيما قال الباحث السياسي الإيراني، مختار حداد، للحرة، إن ما حدث “موقف لا يمكن تعميمه على كل العلاقات السعودية الإيرانية”، لافتا إلى أن “هذه التماثيل موجودة بالملعب منذ 3 سنوات، كما توجد صور رموز في الملاعب في كل مكان، مثل السعودية”.
وأشار إلى أن الاتحاد الأسيوي لكرة القدم “هو المخوُل باتخاذ قرار في هذا الأمر”، معتبرا أن ما جرى “لا يعتبر دليلا على وجود توترات بين البلدين”.
“مساران للسعودية”
وأعلن البلدان في مارس الماضي استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة إثر وساطة صينية، وذلك بعد قطع السعودية العلاقات مع إيران في 2016، عندما هاجم متظاهرون سفارتها في طهران احتجاجا على إعدام الرياض رجل دين شيعيا بارزا.
وحول تأثير واقعة “تمثال سليماني” على التطورات الأخيرة بين البلدين على المستوى السياسي، قال حداد: “لا أعتقد أن ذلك سيؤثر على العلاقات السعودية الإيرانية، فالبلدين مرا بملفات مهمة جدا وتوصلا للاتفاق الأخير، بعد مباحثات سياسية مكثفة”.
وأشار إلى أنه يرى أن “العلاقات تتجه إلى مرحلة تعزيز.. خاصة اقتصاديا”، مضيفًا: “هذا موقف بين الرياضيين، وقادة البلدين لا يريدون توترا في العلاقات”.
وكان فريق النصر السعودي قد لعب في نفس البطولة الشهر الماضي في طهران ضد فريق بيرسيبوليس، وحظي النادي السعودي ونجمه كريستيانو رونالدو باستقبال حاشد.
وعلقت لافتات عملاقة على جسور المدينة، تحمل صور أفضل لاعب في العالم 5 مرات، كُتب عليها “أهلاً وسهلاً”، وهرعت الجماهير لمحاولة إلقاء نظرة على نجم مانشستر يونايتد الإنكليزي وريال مدريد الإسباني السابق.
لكن بعد واقعة ملعب أصفهان مساء الإثنين، أكد آل عاتي للحرة، أن المملكة “لن تتراجع عن معاقبة من وراء ما حدث”، مضيفا: “نتمنى أن يكون هناك رد إيراني رسمي يرفض مثل هذا الأمر”.
واتهم المحلل السعودي الحرس الثوري بـ”التغلغل في جميع المجالات بإيران، حتى الرياضة”، وأضاف: “هناك في الداخل الإيراني من يسعى لإبعاد طهران عن محاولات التقارب مع محيطها الإقليمي”.
وأوضح: “السعودية ستتحرك في مسارين، أولهما رفض مثل هذه التصرفات الإيرانية وتسييس الرياضة، والثاني الحفاظ على مسار المفاوضات والعلاقات”.
ولفت إلى واقعة وزير الخارجية السعودي خلال زيارته لإيران ورفضه عقد مؤتمر صحفي في قاعة بها صورة لسليماني، وقال: “تكرار الأمر قوبل برفض أيضًا من نادي الاتحاد”.
وتابع: “يكشف ذلك أن السعودية لديها موقف واضح، وترفض كل ما يشير إلى الإرهاب أو تسيييس الرياضية”.
وفي سياق متصل، نقلت وسائل إعلام إيرانية رسمية، الثلاثاء، عن المرشد الأعلى علي خامنئي، قوله إن “الدول التي تسعى لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، تراهن على حصان خاسر”.
يأتي ذلك في إشارة واضحة إلى التعارض بين السعودية وإيران فيما يخص العلاقات مع إسرائيل، حيث باتت الرياض أقرب من أي وقت مضى من إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، بحسب تصريحات سابقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
فيما صرح وزير الخارجية الإسرائيلي، الشهر الماضي، بأن “الإطار العام لاتفاق لإقامة علاقات بين إسرائيل والسعودية بوساطة أميركية قد يصبح جاهزا بحلول مطلع العام المقبل”، وذلك بعد أن أشارت الدول الثلاث إلى إحراز تقدم في المفاوضات المعقدة، وفق رويترز.