يدفع حزب القوات اللبنانية مع عدد من قوى المعارضة باتجاه تمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون، الذي تنتهي مهمته في العاشر من يناير المقبل، في ظل وضع دقيق يمر به لبنان مع استمرار المواجهات بين حزب الله وإسرائيل في الجنوب.
وأعرب حزب القوات عن استعداده لحضور جلسة تشريعية لإقرار قانون يسمح بالتمديد لقائد الجيش، مع أنه كان لوقت قريب يعارض مفهوم تشريع الضرورة، ويقاطع جلسات المجلس النيابي في غياب انتخاب رئيس للجمهورية. ويبدو أن جهود القوات لتفادي الفراغ في المؤسسة العسكرية تلقى تجاوبا نادرا من معظم الطيف السياسي في البلاد، وأيضا دعما من القوى الإقليمية والغربية المتدخلة في الشأن اللبناني، وهو ما عبر عنه بشكل واضح المبعوث الفرنسي للبنان جان إيف لدوريان في زيارته الأخيرة لبيروت.
ويقول مراقبون إن فرص نجاح القوات في تمرير التمديد لعون كبيرة، لاسيما مع عدم ممانعة الثنائي الشيعي الممثل في حزب والله وحركة أمل لهذه الخطوة، لكن المسألة المطروحة اليوم هي حول آلية تمرير القرار، فهل سيكون ذلك عبر مجلس الوزراء أم عبر مجلس النواب. وكشف النائب سجيع عطية أن “حزب الله أعطى موافقته على التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون لكن لا نزال ننتظر الآلية لإنجاز التمديد، والتشاور يجري مع نواب الحزب، والأرجحية هي لرفع سن التقاعد في حال أنجز التمديد في مجلس النواب وبالتالي تشمل أكبر عدد من الضباط بينهم اللواء عماد عثمان”.
ولفت عطية في تصريحات لوسائل إعلام محلية إلى أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “حتى الآن لا يريد أن يتم التمديد لقائد الجيش جوزيف عون من خلال مجلس الوزراء، لأن هذا الأمر يحتاج إلى توافق كامل من كل مكوناتها، وهو يقول لحزب الله أن يقنع حليفه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بالتمديد لكي يسير بالأمر، علما أن هناك أغلبية في مجلس النواب للتمديد لعون”.
من جهته ذكر مرجع سياسي مطلع أن التمديد لقائد الجيش أصبح محسوما وقد تبلّغ ذلك البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عبر وفود زارته أخيرا من رئيس مجلس النواب نبيه بري كما من حزب الله.
ونقلت صحيفة “النهار” المحلية عن المرجع قوله إن الرئيس بري طمأن الراعي أنه سيعقد جلسة تشريعية قبل منتصف الشهر الجاري وسيكون تأجيل التسريح لقائد الجيش أحد اقتراحات القوانين المطروحة في الجلسة، لاسيما بعدما أكدت كتل نيابية مسيحية أساسية مشاركتها فيها من أجل هذه الغاية.
وأضاف المرجع السياسي أن ثمة اتفاقا ضمنيا بين رئيسي المجلس النيابي وحكومة تصريف الأعمال على تمرير التمديد إن لم يكن في مجلس النواب ففي جلسة لمجلس الوزراء. ورئيس الوزراء ميقاتي بدوره ليس في وارد معارضة رغبة بكركي في التمديد لقائد الجيش، وهو سيقدم وقبل انتهاء ولاية قائد الجيش على طرح التمديد في جلسة إذا لم يشرّع هذا التمديد في مجلس النواب.
وقال المرجع المطلع على حركة الاتصالات الداخلية كما تلك الدبلوماسية التي قادتها الدول الخمس المهتمة بالملف اللبناني، إن حزب الله وإن لم يقل كلمته بعد ويتركها للحظات الأخيرة لكنه لن يقف في وجه إرادة الأغلبية المسيحية في موضوع قيادة المؤسسة العسكرية ولن يسهم في شغور مركز مسيحي كقيادة الجيش بعد شغور المركز المسيحي الأول برئاسة الجمهورية ومن ثم حاكمية مصرف لبنان، وموقفه هذا قد يترجم إما بتأمين النصاب المطلوب في مجلس الوزراء أو في الجلسة التشريعية لمجلس النواب، في ترجمة للتقارب القائم مع بكركي في المرحلة الأخيرة.
وأشار المرجع إلى أن البطريرك الراعي لن يتساهل هذه المرة في ترك الشغور يصل إلى قيادة الجيش، وهو سيبقى يرفع الصوت إلى حين التمديد للعماد عون، مؤمّنا الغطاء المسيحي لهذه الخطوة سواء في مجلس النواب أو في مجلس الوزراء. وبحسب المرجع، فإن التمديد حاصل وما زال هناك متسع من الوقت لتحقيقه، وثمة سيناريوان معدّان لذلك، فإذا لم تنجح الخطة ألف، هناك خطة باء، والأمور مرهونة بخواتيمها.
ويعد التيار الوطني الحر الوحيد الذي يعارض بشكل مطلق التمديد لعون، معتبرا أن هناك العديد من الآليات التي تخول تجنب الفراغ في قيادة الجيش.
ويقول متابعون إن موقف التيار ورئيسه جبران باسيل لا يخلو من حسابات سياسية، في علاقة برغبة في قطع الطريق أمام عون لتولي رئاسة الجمهورية وأيضا محاولة أن تكون للحزب الماروني اليد الطولى في عدد من التعيينات التي تهم المؤسستين الأمنية والعسكرية. ويشير المتابعون إلى أن التيار الوطني الحر ليس باستطاعته التأثير في قرار التمديد لعون، في ظل ضغط القوى المسيحية الأخرى التي يتصدرها حزب القوات، وأيضا في ظل عدم رغبة الثنائي الشيعي في تحمل مسؤولية الفراغ في قيادة الجيش.
ويلفت المتابعون إلى مسألة حيوية وهي أن رئيس مجلس النواب يلتقي مع زعيم القوات في تسجيل نقاط في سلة رئيس التيار الوطني الحر، وبالتالي فإن من صالحه دعم خيار التمديد، بعد أن بدا في أحد الأوقات متحفظا على الخطوة.
ويقول المتابعون إن بري سيستفيد بشكل مباشر من التمديد لعون عبر مجلس النواب، حيث إن موافقة القوات على حضور جلسة تشريعية ستعني إسقاط ربط عمل المجلس التشريعي بوجود رئيس للجمهورية.
وقال زعيم حزب القوات سمير جعجع في وقت سابق إنه “وفي خضم الظروف الحالية، من الجنون ترك المؤسسة العسكرية تحت أهواء مختلفة وطروحات غريبة، ونتحزّر لما يجب القيام به، ولاسيما أن الحل الأبسط بين أيدينا يكمن في التمديد سنة واحدة لقائد الجيش العماد جوزيف عون الذي يمارس مهامه منذ ست سنوات”.