عشية «سنة أولى» على «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر 2023 واقتيادِ لبنان في اليوم التالي إلى «حربِ مُشاغَلةٍ» فَتَحها «حزب الله» لإسناد غزة وانفجرتْ حرباً ولا كل الحروب في الأسبوعين الأخيريْن لتصبح الشغلَ الشاغلَ للمنطقة برمّتها والعالم، ترتسم مشهديةٌ مخيفةٌ لوطنٍ صغيرٍ صارَ أيضاً «بلادَ ما بين النارين»، إسرائيل وإيران، مع ما بدا اقتراب الانفجار الكبير و«الخمس دقائق الأخيرة» قبل ردّ تل أبيب على الهجوم الصاروخي من طهران وترجيح انتقال مواجهة «وجهاً لوجه» إلى مرحلة الضربات المتبادلة.
وفي الوقت الذي كانت المنطقة تحبس الأنفاس مع اكتمال مؤشرات الردّ الإسرائيلي على إيران، الذي تريده تل أبيب لمحو آثار نكبتها التاريخية في 7 أكتوبر وليس أقلها إعلان باسم منظمة الطيران المدني في إيران «أن الرحلات الجوية من المطارات الإيرانية ألغيت اعتباراً من الساعة 9 مساء الأحد حتى السادسة من صباح الاثنين بالتوقيت المحلي»، تدافعتْ المؤشراتُ المُقْلِقةُ إلى أن لبنان إلى حلقةٍ جهنّميةٍ من نارٍ ودمٍ تطلّ من قلب مشهدية «الدمار الشامل» في مناطق واسعة لا سيما الضاحية الجنوبية لبيروت، واستمرار إسرائيل في محاولة الغزو البري، ومضيّ عدّاد الضحايا في تسجيل أرقام مُرْعبة، في الوقت الذي كان تسونامي الدمار وعصفِ الانفجارات بملامح «هيروشيمية» يَضرب الضاحية الجنوبية وتحتدمُ المواجهات بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله» في محيط 7 قرى حدودية جنوبية، وسط مضيّ الحزب في استهدافاته الصاروخية وصولاً إلى عمق الجليل وحيفا وما بعدها.
وعمّقت وقائعُ الميدان المشتعل والأبوابُ الموصدة أمام مَخارج دبلوماسية والارتباك في موقف «حزب الله» من وقْف النار وفصْل الجبهات والانطباع المتزايد بأن التطورات المتدحرجة وأهداف نتنياهو تجاوزت القرار 1701 وإبعاد الحزب عن جنوب الليطاني، المخاوفَ من أن «حرب لبنان الثالثة» تتّجه لاندفاعتها الأعتى سواء كان رَبْطاً بردّ تل أبيب على الهجوم الصاروخي الإيراني أو بتوعُّد إسرائيل بضرب الحزب «بلا هوادة» ومن دون ترك فرصة له لـ «التقاط الأنفاس».